دعوة واشنطن للخليج بدعم السودان.. الخروج من الإنعاش!
الخرطوم: إنصاف العوض
أحدث لقاء رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اختراقًا مؤثراً في علاقات السودان الخارجية، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية والتي تنظر غلى تل أبيب على أنها إحدى هذه الولايات، ومنذ ذلك اللقاء توالت الفتوحات الاقتصادية عاصفة بدأت بتأكيد واشنطن قرارها رفع العقوبات الاقتصادية الصادر في العام 2017 وتزامن معه توقيع السودان على شركة أوركال العالمية للدفع الإلكتروني، ودخول نظام “الفيزا كارد” بعد توقف عقود من الزمن، وفي وقت استحكمت فيه حلقات التضييق الاقتصادي والتدهور المريع في الخدمات والسلع الضرورية، جاء توجيه واشنطن للدول الخليجية باستئناف ضخ المساعات المالية برداً وسلاماً، خاصة وأن البلاد تواجه أزمة خبر ووقود طاحنين فضلًا عن دخول الوافد القاتل وباء كورونا.
فتح دبلوماسي
ودعت الولايات المتحدة الأميركية دول الخليج العربي إلى مواصلة ما انقطع من تقديم العون المالي الاقتصادي للسودان والذي توقف في أعقاب ادعاءات بأن أمريكا طلبت من هذه الدول وقف ما التزمت به من توفير دعم يبلغ ثلاثة مليارات دولار، ووفقا لموقع سودان تربيون، فإن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أعلنتا في أبريل الماضي دعماً مالياً واقتصادياً بقيمة ثلاثة مليارات دولار للسودان عقب الإطاحة بالنظام السابق في الخرطوم.
ويعزو الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عبد المنعم التغيير في الموقف الأمريكي بالاختراق الدبلوماسي في علاقات السودان مع الغرب، وقال عبد المنعم للصيحة إن اللقاء الذي جمع البرهان بنتنياهو بالرغم من صعوبته على البرهان يعد فتحاً عظيماً كونه مهد الطريق ليس للتطبيع مع إسرائيل فحسب، بل مع كافة القوى الغربية لا سيما الدول الأوربية وواشنطن التي يعتبر إسرائيل دولة تابعة لها، وأضاف أن هذا التقارب جعل واشنطن أكثر قرباً واهتماماً بالملف السوداني وأكثر قناعة بتعاون المكون العسكري وتشبثه بالتحول الديمقراطي ودفعه إيجابياً في التحول إلى الحكم المدني مما دفعها لتوجيه دول الخليج باستئناف الدعم.
إنعاش اقتصادي
بينما يرجع االمحلل السياسي والاقتصادي الدكتور عبد الله الرمادي تغير الموقف الأمريكى إلى تغير السياسة الأمريكية تجاه السودان بفعل تغير المشهد السياسي، وقال للصيحة إن الولايات المتحدة الأمريكية عملت على تدمير الاقتصاد السوداني إبان العهد السابق، ولكنها الآن تعمل على إعادة بنائه بعد أن تأكد لها أنه أصبح يحكم من قبل المنظمات الدولية والأممية التابعة لها ووصف الرمادي الطلب الأمريكي من الخليج باستئناف الدعم بـ(الدرب) الذي يعطى للمريض في غرفة الإنعاش والذي ربما يعمل على إطالة عمره وليس منحه الصحة والعافية التامتين دون الحصول على العلاج الناجع والذي بحسب الرمادي يجب أن تقدمه الحكومة السودانية وليس المانحون الدوليون، ويرى الرمادي أن الخطوة الأمريكية تؤكد تعامل واشنطن مع الخرطوم بنظام التحكم عن بعد، مضيفاً أن واشنطن لم تقدم المساعدة من جيبها الخاص بل تأمر الآخرين أن يدفعوا من أموالهم لدعم مفاهيمها الديمقراطية، مبيناً أن واشنطون ـصبحت على قناعة تامة بأن المكون المدني المتشاكس والمتنافر غير قادر على غدارة البلاد بمعزل عن المكون العسكري، وأن الدعم الخليجي من شأنه أن يوفر فرصة أخيرة للحكومة الانتقالية لتلافي أخطائها وتقصيرها في إدارة الشأن الاقتصادي وإبعاد البلاد من حافة الانهيار التام.
دوافع سياسية
ليس ببعيد، غرد عبد المنعم ضمن سرب الرمادي القائل بوجود دوافع سياسية للطلب الأمريكي من الخليج باستئناف الدعم الاقتصادي بجانب الدوافع الاقتصادية، وقال عبد المنعم إن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت تخاف على الثورة السودانية من الانهيار مما يهدد بعودة دولة الجنوب للاحتراب والفوضى بعد أن حدث بها استقرار نسبي، وأضاف أن الجنوب يمثل أهمية عظمى لواشنطن كونه الوليد الشرعي لفكرها الديمقراطي الآيدولجي كما أنها تخاف من عودة التيار المعادي لأمريكا وإسرائيل، وأضاف أن واشنطن لديها أجندة أخرى في السودان تتمثل في بسط الحريات الدينية وإلغاء القوانين المتشددة برأيهم والمتعلقة بالردة والعقوبات الحدية، ولذلك ينظرون إلى الدعم الخليجى كونه ورقة ضغط على الحكومة الانتقالية، مبيناً أن الدعم الخليجي حال استئنافه سيعمل على تسهيل الوضع الاقتصادي خاصة في مجال استيراد القمح والوقود فضلاً عن ظهور مرض الكرونا والذي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار وندرة السلع الاستهلاكية بسبب إغلاق المنافذ الجوية والبحرية العالمية.
تأكيد أمريكي
ومن جانبها ـكدت واشنطن مساندتها للدعم الخليجي للحكومة الانتقالية، وقال مسؤول الشؤون العامة في السفارة الأميركية بالخرطوم كيث هيوز، عبررسالة على البريد إلالكتروني إنهم في الولايات المتحدة يشجعون دول الخليج على دعم الحكومة الانتقالية في السودان بأن حكومة الولايات المتحدة تدعم وتشجع بالكامل جميع شركاء السودان، بما في ذلك الشركاء الخليجيون، على دعم الشعب السوداني والحكومة الانتقالية التي يقودها المدني في وقت نقل فيه مسؤولون حكوميون في السودان تأكيدهم أن الخرطوم لم تستلم سوى مليار دولار فقط بعد أن تذرعت دول الخليج بأن واشنطن طلبت منها إيقاف الدعم المالي والاقتصادي.