راقبهن- علي بلدو
يوم الزيارة
من المعروف في المجتمع السوداني تبادل الزيارات وتشابك العلاقات بين الناس في السراء والضراء من مرض وسفر وعودة وولادة وغيرها من المناسبات، كما تكون الزيارات بغرض التواصل وتفقد الأحوال ومعرفة الأخبار والمستجدات وتقوية العلاقات بين الناس.
الليلة لاقيتو
تتميز النساء عندنا بقدرة فائقة على القيام بالزيارات الاجتماعية وطول فترة المكث لدى الزوار والتي قد تستغرق سحابة اليوم في الأكل والشرب والحديث والونسة وما يخالط ذلك من شراب القهوة والشاي واختلاس أوقات السمر.
وقد تتخلل تلك الأوقات أنشطة ضارة بالمجتمع مثل الشمارات والنميمة والقطيعة وتناول أعراض وسيرة الآخرين بما يكرهون مما يوقع الناس في الإثم وهم لا يشعرون.
وكما تكون جلسات النساء عندنا مرتعاً خصباً للدجل والشعوذة مثل رمي الودع والرمل ومعرفة الغيب وقراءة الكف والفنجان، والعياذ بالله، وبحمد الله بدأ المجتمع النسائي التعافي من مثل هذه السلوكيات والمعتقدات.
مع السلامة
وعند اختتام الزيارة والتوديع والذهاب لباب المنزل تبتدئ هنالك زيارة أخرى، قد يكون زمنها أطول من وقت الزيارة الأصلي، تقضيها “النسوان” عندنا وقوقاً دون كلل أو ملل ويستمر النقاش والونسة على الباب وفي الشارع لأوقات متأخرة وبصورة نشاهدها يومياً.
الحاصل شنو؟
وفي الغالب تكون هذه الونسة على الأبواب من نوع أبوكديس وتناول الأسرار الخاصة التي يخشين أن يسمعها الناس داخل المنزل.
كما تكون لنيل الأموال والديون والحديث عن الشيوخ والشيخات والفقرا وعمل الأعمال والأسحار والعمل المضاد وأعشاب الولادة والإنجاب والريدة وفك سحر التفريق وما شابه.
ولا يخلو الأمر عن حديث حول الأمور الزوجية الخاصة والحياة الجنسية وشراء أو عمل وصفات المقويات لبعولتهن، وهم لا يعلمون بتدبيرهن ذاك.
كما يكون خشم الباب مكاناً مناسباً للحديث حول ترشيحات الزواج والزيجات المتعددة وحكاية (فلان داير ليهو واحدة) وغيرها.
يا ماري عند الأصيل
ويمثل وقوف “النسوان” في الليل والمغارب خطورة أمنية من ناحية السرقات والنهب والتحرش والنشل، وكذلك كشف الخصوصية وأسرار المنازل وارتداء ملابس غير لائقة، مما يقود الى تداعيات شتى ونقاش بين الأزواج، أو يتم وصف السيدة بأنها (خفيفة ولفيفة) أو اليوم كلوا في الشارع وبالتالي الدخول في إشكالات اجتماعية كثيفة.
عادة أم مرض؟
يرى بعض المختصين (زييّ كده) أن هذه العادة تحولت الى نوع من الإدمان ومرض اجتماعي واضطراب سلوكي يجب علاجه فوراً بالتوعية والإرشاد وتقديم الدعم النفسي، إذ قد يكون الأمر مرتبطاً بالمشاكل الزوجية والدبرسة والملل والضجر و(عدم وجود موضوع) وغيرها.
وبالتالي نحتاج للدراسة وتحديد السبب وعلاجه، حتى لا نضطر يوماً للقفز فوق أسوار منازلنا لدخولها بعد أن سدت نساؤنا لنا الأبواب:
قلبي لعلم الإله بابُ وغيرنا لهُ حجابُ
فكل وقت لنا دُنٌو وكل حين لنا اقترابُ
وكشفت وجهها سليمى وانهتك السترُ والنقابُ
فكل أحوالنا سؤال وكل ُ أبوابنا جـــــوابُ