تقرير- صلاح مختار
أعلنت وزارة الداخلية أنّ فريقاً أمنياً من مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية، وصل إلى الخرطوم للمُشاركة في التحقيقات الجارية حول مُحاولة اغتيال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك. وذكرت وزارة الداخلية في تدوينة على حسابها الرسمي بموقع (تويتر)، أنّ الفريق مُكوّن من (3) خبراء أمنيين، وأنه يصل الخرطوم بتنسيقٍ من وزارة الداخلية، لافتةً إلى أنّ ذلك الأمر يأتي استجابةً لقرارات مجلس الأمن والدفاع، الذي قرّر (التحري الفوري والاستعانة بالأصدقاء بما يسهم في كشف المُتورِّطين وتقديمهم للعدالة)…
إذن ما جدوى الاِستعانة بصديقٍ، وإلى أيِّ مَدَىً تأثيرها على مَجرى التّحقيقات، وما فائدته على الأجهزة الأمنية الأخرى في تطوير العمل؟
تحريات مُسبقة
قبل وصول خُبراء (FBI)، زار ضباط من مكتب المخابرات الأمريكية في الخرطوم، موقع الحادث لمدة ساعة وغادروا بعدها.
وقال مارشال دونلنذي مساعد وزير الخزانة الأمريكي خلال لقائه مع وزير الدفاع الفريق أول ركن جمال الدين عمر، إنه سيتم التعاوُن مع السودان بدفع خُبراء أمنيين لكشف حقيقة الهُجُوم على حمدوك.
مُستوى الكفاءة
ويرى الخبير الأمني والاستراتيجي لواء ركن محمد نعمة الله في حديثه لـ(الصيحة) أن مُستوى الكفاءة لمكتب التحقيقات الفيدرالية عالٍ, ويمتلكون خبرة جيدة, بيد أنه قال: من المُهم معرفة الجهة التي طلبت الاستعانة بهم، مُبيِّناً أن الأجهزة الأمنية هي من المُفترض أن تطلب ذلك, وأعاب على القرار السياسي الاستعانة بخبراء من الخارج، بأنه اتّجاه لتدويل القضية، نوه أن مُحاولة الاغتيال مفاجئة وغريبة على مُجتمع السودان, إضافة إلى ذلك فإن كل المعلومات رشحت بأن القضية مُؤشّراتها واضحة، ولذلك إذا اعتمد على سد النقص للخارج بالتالي ستفتح المجال للاستعانة بالخارج لأيّة قضية تحتاجها.
الاستعانة بصديقٍ
وقال نعمة الله: قد تكون الخطوة عدم ثقة في الأجهزة الأمنية الداخلية، ولذلك من المُهم أن يأتي الطلب من الأجهزة الأمنية بأنهم مستعدون للعون, وقال: (إذا منحت أي شخصٍ واجباً وأنت غير مُتأكِّدٍ من كفاءته تصبح مُشكلتك)، غير أنه قال (ما تريس وتتيس)، مبيِّناً أنّ هُنالك إمكانات للوصول إلى الجُناة والأجهزة الداخلية ليست لديها مُشكلة في ذلك، وبالتالي الخطوة فيه ابعاد للشقة بين الأجهزة الداخلية المعنية بالتعامُل مع الخطوة، وتابع: بعد الاستعانة بأجنبي، يمكن أن يفتح الباب أمام الاستعانة بحراسات من الخارج، واعتبر التفكير في هذه الخطوة غير مُوفّقٍ لأننا لم نتخذ الإجراءات السليمة.
نظرية الشك
دائماً في الأجهزة الأمنية هنالك نظرية الشك مُقدمة في كل القضايا ويُصاحب ذلك رجال الأمن, ويرى نعمة الله أنه إذا كانت الحكومة ألقت القبض على خلية تقوم بتصنيع المُتفجِّرات أو غيرها بالضرورة أن تكون وراء تلك الحادثة أهداف خفية, ولم يستبعد نعمة الله ضلوع أياد خفية وعبث وراء محاولة الاغتيال، وقال: هنالك لعب على المكشوف في السودان، وجزم بأن البلاد أصبحت مرتعاً للمخابرات، وذكر أنه عند ذهاب النظام السابق ظهرت نظرية الفراغ الذي يستطيع أن يملأه أيِّ شخص لديه أجندة، ولكن هل الأنفع أن نملأه بأجهزة أخرى من الخارج؟ الأمر الآخر ليس هنالك في العلاقات الدولية أصدقاء.. العالم فيه مصالح وقصة الصداقة انتهت!
تعاون وثيق
يُؤكِّد اللواء أمن حنفي عبد الله لـ(الصيحة) أنّ استخدام خبراء أو وفد أمني أمريكي للكشف عن مُلابسات مُحاولة اغتيال رئيس الوزراء، يؤكد أنّ الإجراء يُشير إلى التعاوُن الوثيق ما بين المنظومة الأمنية الأمريكية سواء كانت (الاف بي آي) أو (سي آي ايه) مع لجنة مُختصة في السودان، وقال: أعتقد أن الوفد يجئ في مجال مكافحة الإرهاب.. أما الجانب الآخر للخطوة يُبيِّن أن السودان يملك خبرة تراكمية ضخمة في مجال الأدلة الجنائية تشهد بها كل الجهات سواء بالداخل أو الخارج، مُشيراً إلى عمل الضباط السُّودانيين بالخلارج في كثيرٍ من الجهات، بالتالي سيكون كشف الجريمة في أسرع وقتٍ، وأضاف ان (اف بي اي) له خبرة تراكمية واستخدام التكنولوجيا، لأنهم متطورون عن السودان قليلاً في مجال استخدام التكنولوجيا، بالتالي يعتبر ذلك مزيداً من اكتساب الخبرات واستخدامات التكنولوجيا الحديثة، خاصةً منذ اللحظة الأولى، وأن التوجهات المعنية أخذت الإفادات من موقع الحدث أو مسرح الجريمة الذي تم تمشيطه من كل الجهات المعنية.
شواهد إضافية
ونوّه حنفي إلى أنّ الإجراء يُؤدِّي لمزيدٍ من الشفافية والوضوح، ويُؤكِّد أن الحديث الذي يُشكِّك في حقيقة الحادثة، ويعتبره مسرحية، فإن دخول الأجانب الأجنبي وفحص الكاميرات يثبت فرضية أن مُحاولة الاغتيال حدث أم لا، وهو تأكيد لكل المسائل الأخرى، بجانب ذلك أن الخطوة يفرض مزيداً من التعاون مع الجهات الأخرى، اضافةً إلى الإسناد السياسي من الإدارة الأمريكية والدعوة لخروج السودان من قائمة الإرهاب بأنها مسألة وقت، كلها شواهد إضافية لا بُدّ أن تُستثمر بصورة إيجابية لمزيدٍ من التعاوُن وتبادُل الخبرات وقيام الدورات التدريبية، مُشيراً إلى أن السودان حرم في إطار الحصار الاقتصادي من التكنولوجيا الذي ظلّ يمتلكها عبر طرفٍ ثالثٍ، وأكد أن الإدارة الأمريكية تعلم ذلك, وبالتالي لا بُدّ من فتح المجال لمزيدٍ من التعاوُن للحُصُول على التكنولوجيا لمكافحة الإرهاب، في ظل التحديات الكبيرة التي تُواجه الفترة الانتقالية.