يُعاني السودان منذ زمن بعيد من نقص كبير في الطاقة بأنواعها، الوقود والكهرباء والغاز. رغم الازدياد المُستمر وبمُتوالية تضاعفية في معدل استهلاك الطاقة والحاجة إليها، ليس فقط لتطوُّر نمط العيش ومُستوى معيشة السُّكّان، وإنّما أيضاً للزيادة المُضطردة في سُكّان المُدن، وفي استخدامات الطاقة. فقد كانت القُرى مثلاً تعتمد على الفحم والحطب في الطبخ، ولا تستخدم إلا القليل من وقود الديزل للطواحين وطُلمبات الري وبعض الشاحنات. أمّا اليوم، فهُناك حاجةٌ مُتزايدةٌ لشحن الهواتف الجوّالة، ولوقود السيارات والدرّاجات، ولغاز الطبخ بعد التصاعُد الكبير في أسعار الفحم، إضافةً إلى نُدرته النسبية ومُحاربة تجارته من قِبل إدارات الغابات.
والحل لمُشكلات الطاقة لن يكون فقط ببناء مزيدٍ من محطات التوليد والسدود واِستيراد مُشتقات البترول أو تطوير حُقُول استخراجه داخلياً، لأنّ هذه الحُلُول كلها تُصب في الشبكة القومية، التي لا تُغَطِّي إلا أقلّ من ثُلث السُّكّان.
إنّ الحل الأمثل هو تطوير الطاقات الجديدة، وخَاصّةً الطاقة الشمسية.
تتميّز الطاقة الشمسية بوفرتها المثالية في كل أنحاء السودان. كما تتميّز بإمكانية إنشاء محطات صغيرة، إمّا على مُستوى المنازل، أو على مُستوى القُرى والأحياء، أو على مُستوى المُدن. كما تتميّز بالتطوُّر المُتسارع جداً في كفاءة الخلايا الضوئية، والانخفاض المُستمر في تكلفتها.
تتميّز وحدات إنتاج الكهرباء بواسطة ألواح الطاقة الشّمسيّة، بأنّها تُكلِّف مرة واحدة فقط عند شرائها، فهي ليست مثل مُولّدات الديزل التي تحتاج للوقود والصيانة المُستمرّة. فخلايا الطاقة الشمسية لا تحتاج إلا للنّظافة من تراكُم الغُبار، وعند استخدام بطاريات من النّوعية الصّحيحة، فإنّها لا تحتاج لتغيير إلا كل خمس سنوات أو أكثر، بينما تأتي الألواح الشمسية نفسها بضمان خمسة وعشرين عاماً.
وبذا يُمكن للخلايا الشمسية أن تُحقِّق للمنزل أو المكتب أو المَصلحة أو حتى المدينة المعينة، استقلالاً كاملاً في مجال الطاقة، حيث لا تعتمد على الشبكة القومية وأعطالها وعجزها وقُطُوعاتها، ولا تَعتمد على توفير الوقود في ظِلّ النُّدرة والصُّفوف وزيادة الأسعار. ويُمكن القول إنّها طاقةٌ مَجّانيةٌ تتنزّل من السماء، إذا ما أعددنا لها المواعين الكافية لاستقبالها والاستفادة منها. نُواصل،،،