الخرطوم: إنصاف العوض
أرجعت صحيفة “بلومبيرج” الأمريكية محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لهشاشة انتقال السودان إلى الحكم المدني، وقالت الصحيفة إن الهجوم سلط الضوء على هشاشة انتقال السودان إلى الحكم المدني، بعد ما يقرب من عام من إجبار المحتجين المؤيدين للديمقراطية الجيش على إقالة الرئيس البشير الاستبدادي من السلطة واستبداله بحكومة عسكرية مدنية مشتركة، وعدت بإجراء انتخابات في ثلاث سنوات.
وقالت صحيفة “قوبال نيوز” إن الانفجار جاء بعد أقل من شهرين من ثورة مسلحة من داخل قوات الأمن السودانية أغلقت مطار العاصمة وخلفت مقتل شخصين على الأقل. وتسببت المواجهة المتوترة بين القوات المسلحة وضباط المخابرات المارقة في شل حياة الشوارع في عدة أجزاء من الخرطوم، إلى جانب مدينة غربية أخرى معتبرة أن المحاولة دلالة على هشاشة الوضع الأمنى فى البلاد.
ثمن التغيير
وسلطت الصحيفة الضوء على الأحداث المهمة التي تلت التغيير في السودان، وقالت في عام 1989، وصل البشير إلى السلطة في انقلاب عسكري مدعوماً من الإسلاميين وفرض تفسيرًا صارمًا للدين على مواطنيه مما حد من الحريات الشخصية. وكانت البلاد منبوذة دولياً لدعمها للإسلاميين المتطرفين، أعلنت السلطات الانتقالية السودانية في فبراير أنها وافقت على تسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية إلى جانب مسؤولين سابقين آخرين مطلوبين من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وأكد حمدوك أن الحكومة ستتعاون مع جهود المحكمة لمقاضاة المطلوبين لجرائم الحرب والإبادة الجماعية فيما يتعلق بنزاع دارفور في الألفية الجديدة .
وتتعرض الحكومة الانتقالية في السودان أيضاً لضغوط لإنهاء الحروب مع الجماعات المتمردة في سعيها لإعادة تأهيل اقتصاد البلد المدمر، وجذب المساعدات الأجنبية لدعم الاقتصاد المنهار ودعم مؤسسات الحكم المدني بعد حوالي عام من الإطاحة بالبشير، تواجه البلاد أزمة اقتصادية حادة. يبلغ معدل التضخم 60٪ ومعدل البطالة 22.1٪ في عام 2019، وفقًا لصندوق النقد الدولي. قالت الحكومة إن 30٪ من شباب السودان، الذين يشكلون أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 42 مليون نسمة، يعانون البطالة .
اغتيال الثورة
وحظيت محاولة الاغتيال بتغطية إعلامية دولية وإقليمية كثيفة، وقالت وسائل الإعلام العربية إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك نجا من محاولة اغتيال في أحدث اضطرابات للسيطرة على الدولة الواقعة في شمال إفريقيا في أعقاب الإطاحة بزعيمها الديكتاتور منذ فترة طويلة العام الماضي. وذكرت قناة العربية التلفزيونية على موقع تويتر أن حمدوك لم يصب بأذى وانتقل إلى مكان آمن بعد انفجار استهدف قافلته في العاصمة الخرطوم. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن انفجار يوم الإثنين ووصف حزب المؤتمر السوداني الهجوم الذي وقع في حي بحري بالخرطوم بأنه “محاولة لاغتيال الثورة” .
واتفقت كل من صحيفتى “الميرور” البريطانية و”ها ارتس” الإسرائيلية على أن الأحداث أبرزت المخاطر التي لا يزال السودان يواجهها وهو يحاول التحول إلى الديمقراطية بعد سقوط البشير في أبريل الماضي بعد أشهر من الاحتجاجات، وقالت “الميرور” البريطانية: تم تعيين حمدوك، وهو خبير اقتصادي سابق في الأمم المتحدة، كرئيس للوزراء في أغسطس بعد مفاوضات مكثفة بين قادة الحركة الاحتجاجية والجيش. من المفترض أن تقود الإدارة الانتقالية، المؤلفة من مسؤولين مدنيين وعسكريين، ثالث أكبر دولة في إفريقيا إلى انتخابات ديمقراطية مقررة عام
2022 .
هجوم إرهابي
ووفقاً لـ”ها ارتس” وصفت حركة الاحتجاج التي قادت الانفجار بأنه “هجوم إرهابي”. ودعا بيان إعلان الحرية والتغيير الناس إلى النزول إلى الشوارع “لإظهار وحدتهم وتماسكهم من أجل حماية السلطة الانتقالية ووصفت حركة
وقال الناشط البارز خالد عمر، الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني، إن محاولة قتل حمدوك كانت “فصلًا جديدًا في المؤامرة ضد الثورة السودانية وقالت السفارة الأمريكية في السودان أنها ستواصل دعم الحكومة الانتقالية بقيادة مدنية وتتضامن مع الشعب السوداني . ووصف عرفان صديق السفير البريطاني في الخرطوم الانفجار بالحدث المقلق للغاية، ويجب التحقيق فيه بالكامل”. مبيناً بأن مكتب رئيس الوزراء السوداني أكد أن حمدوك وفريقه “كلهم بخير ولم يصابوا بأي إصابات جراء الحادث.
وحظي الحادث بتناول كثيف من قبل الصحافة الأفريقية وقالت صحيفة “فانغار” النيجيريةك نجا رئيس الوزراء السوداني من محاولة اغتيال بعد أن تعرضت قافلته لهجوم في العاصمة الخرطوم، وقال حمدوك عقب الحادث من مكتبه أود أن أؤكد لشعب السودان أني في أمان وفي حالة جيدة، وقال إن الهجوم بمثابة دفعة إضافية لعجلة التغيير في السودان، لقد دفعنا ثمناً باهظاً لهذه الثورة من أجل غد أفضل ومن أجل سلام دائم. يجب أن تكون ثورتنا تحت حراسة سلمية دائمًا، واضافت: لم يتضح بعد من الذي نفذ الهجوم، لكن الوضع السياسي في السودان غير مستقر لأن الانتقال السياسي في العام الماضي أدى إلى تهميش العديد من الأفراد الذين كانوا في السابق يتمتعون بالقوة، لا سيما في الجيش وفقاً للصحيفة منذ تعيين السيد حمدوك، واجهت حكومته مقاومة لأنها تحاول تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.