*في إحدى المناسبات اجتمع الضيوف في انتظار وجبة الفطور، وظل أبو العريس في حالة تفقد لضيوفه، وهو يداعبهم بأنهم “في انتظار العيش”، وما أن وصلت أول صينية حتى طلب منهم أخذ صورة “سيلفي” مع شبه الرغيف، حيث لا يمكننا بأي حال أن نطلق عليها اسم “رغيفة”، ونحن في السابق كان يكفينا نصفها لإشباعنا.
*صديقي العزيز والزميل علي البصير خرج مستعجلاً مساء الجمعة من الصحيفة بعد ان استقبل هاتفاً بأن إحدى الطلمبات بها وقود، توجه نحو الطلمبة فوجد الصف مثل “أثر الدبيب” موقع المحطة كان في طلمبة الغالي، وآخر الصف بالقرب من شارع السجانة بالنص، فضل الوقوف على أمل أن يجد قليلاً من الوقود لسيارته.
*وحينما وصل أمام مسدس المحطة في إنجاز تاريخي لم يجد سوى وقود بمائة جنيه فقط، وبعدها انقطع البنزين عن المحطة، وفي الكثير من طلمبات الوقود التجاري لا نجد صفوفاً ليس لارتفاع سعره وإنما لانعدامه.
أزمة عملة
*في شارع البلدية في قلب الخرطوم تجد بعض الشباب يلوحون بالعملة المحلية وينشدون “صرف.. صرف” ونفس المشهد يتكرر في شارع القصر وفي قلب الخرطوم، سألت أحدهم كم السعر اليوم فقال لي مائة وعشرين، تركته وذهبت لآخر وسألته نفس السؤال فقال لي مائة وعشرة وآخر مائة وخمسة عشر وإن أردت الشراء أو البيع فلن تجد دولاراً، لم أجد في العديد من الدول التي زرتها تجارة للعملة الصعبة كما يحدث في السودان.
أزمة ضمير
*في إحدى المحلات التجارية في أحد الأحياء أراد أحدهم شراء كيلو سكر، فقال له البائع الكيلو بخمسين جنيه، وحينما عاد المساء نفس الرجل وجد الكيلو بستين جنيهاً وفي الصباح كان السعر قد ارتفع غلى سبعين جنيهاً، وحينما اعترض المواطن قال له التاجر الدولار ارتفع، علماً أن جوال السكر الذي باع منه السعر الأول هو ذات جوال السعر الأخير، وفي كل موقع سنجد تسعين في المائة من تجار السوق بلا ضمائر، همهم الأول هو الربح حلالاً كان أو حراماً، فعلمت حينها أن السودان قبل أن يحتاج لخبراء اقتصاد يحتاج بشدة لضمائر تخاف الله وتخشى الحساب يوم الموقف العظيم.
خلاصة
*حينما دخل المستعمر السودان كان هدفه الأول هو الاستفادة من موارد البلاد الاقتصادية في شتى المجالات، محمد علي باشا جاء للبحث عن الذهب في بني شنقول والإنجليز استفادوا من مشروع الجزيرة وطوكر وغيرهما من المشروعات الزراعية، فازدهرت مصانعهم واشتهرت بصناعة الملابس القطنية من خير الجزيرة، وجل العالم يعلم أن أرض السودان بها خير يكفي الدول العربية والأفريقية وحتى قادتنا السابقين واللاحقين يعلمون ذلك، وتبقى العلة في فساد أهل الأرض الذين يبحثون عن الثراء الفاحش من خير السودان وبقية أهله يموتون فقراً وجوعاً، لينطبق علينا المثل “باب النجار مخلع”، لدينا الأرض الخصبة والمعادن والمياه، ونفتقر لرجال لهم ضمائر لإنهاء أزماتنا الاقتصادية المتلاحقة.
نحتاج لثورة لتصحيح الثورة التي سُرِقت في رابعة النهار.