* ومن محاسن الأزمة الاقتصادية أنها جمعت المصابين، وكما تعلمون، فإن المصائب دائماً تجمع المصابين.. وأن يجتمع السادة بالمجلس السيادي ومجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير، ثم يتفقون على تشكيل آلية لحل الأزمة الاقتصادية، فإن هذا الاتفاق – في حد ذاته – دليل عافية ومؤشر بأن الأزمة في طريقها إلى الحل.. وما يجب أن يؤمن به الجميع هو أن الأزمة الاقتصادية الحالية ليست وليدة هذا العام، بل هي إحدى موروثات النظام المخلوع.. وهي من العوامل التي ساهمت في إشعال نار الثورة..!!
إ وتعريف الأزمة، أي أزمة، هي المخاطر المُتوقّع لها أن تُهدِّد المجتمع والدولة.. وإدارة الأزمة تعني المحافظة على المجتمع والدولة، وحمايتهما من تلك المخاطر أو تخفيف آثارها في حال العجز عن الحماية الكاملة .. ومُصطحباً الأزمة الاقتصادية التي تُعاني منها بلادنا – منذ عهد النظام المخلوع – تأمل أهم أسباب حدوث الأزمات، حسب تلخيص العلماء.. فالسبب الأول هو تأجيل حلول القضايا أو تجاهلها، من الأسباب الأساسية لأية كارثة..!!
* وكثيرة هي قضايا الاقتصاد التي تجاهلها النظام المخلوع، منها مكافحة الفساد وترشيد الصرف على السياسة.. ثم الرهان على الزمن في حل الأزمات من أسباب تفاقُمها.. وللأسف هذا الرهان الخاسر لم يزد الحال إلا وبالاً.. وكذلك ضعف التخطيط من أسباب الأزمات.. وعلى سبيل المثال، بما أن خروج بترول الجنوب من المعادلة الاقتصادية من أهم أسباب الأزمة، كان مُدهشاً أن يتفاجأ النظام المخلوع – كما المواطن – بآثار الانفصال ثم ذهاب النفط وارتفاع الدولار..!!
* نعم، رغم أنه هو الذي قرّر عبر نيفاشا احتمال وقوع الانفصال، لم يتحسّب النظام المخلوع لهذه الأزمة التي ورثتها حكومة الثورة.. وإن كانت هناك امرأة في طرف قرية ما تتحسّب لقوت عامها في بداية العام بمحض (مطمورة)، فما بال نظام كامل لا يتحسّب لما (قد يحدُث) ؟ ثم هناك الأًم التي تلد الأزمات.. والعلماء يسمونها (الإدارة العشوائية).. وهي عجز القيادة عن اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب!!
* فالعجز عن اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب إما لعدم توفر المعلومة أو لعدم قدرة الأجهزة على التعامل مع المعلومة بحيث تتخذ منها قراراً يجنب الناس والبلاد كل الأزمة أو بعض آثارها.. ثم هناك أخطر أسباب الأزمة، وعلى السادة – بالمجلس السيادي ومجلس الوزراء – أن ينتبهوا إليها، وهو (النزاع الداخلي)، أي الصراع على مستوى السلطات التي تصنع القرارات.. ومرد هذا الصراع هو عدم تجانس الأفراد داخل مؤسسات صناعة القرار، لضعف أو غياب المؤسسية..!!
*تلك هي أسباب حدوث الأزمات، فتأملها مصطحباً واقعنا الاقتصادي الراهن .. كيف تواجه العقول الأزمات؟.. سؤال لم يفُت على العلماء والخبراء، فصاغوا إجاباتهم بحيث تكون (علوماً( .. أولاً، سرعة التعامل مع الأزمة.. عنصر الزمن يشكل عاملاً مُهّماً للغاية في تفاقُم الأزمة أو تقزيمها ثم حلها .. وما يحدث حالياً هو بعض آثار خطى التفكير السلحفائي التي انتظرت الأزمة الأقتصادية – ربما لتحل ذاتها – بالرهان على الزمن .. !!
* ثانياً، الشفافية والتعامل المباشر مع الناس بالحقائق المجردة من كل أنواع الزيف وبلا دفن رؤوس الحقائق في رمال الأكاذيب.. ثم أن المسؤولية جماعية، ويجب أن يتقاسم الشعب مع حكومته الإحساس بالمخاطر ثم العزم على تجاوزها .. ودائماً هناك حلول، والسياسي الحصيف يختلف عن عامة الناس بالبحث عن الحلول بحكمة وذكاء، وليس بالتهريج والتصعيد و(تأزيم الأزمات).. ودائماً هناك طريق ثالث نحو الحلول، ولكن فقط لمن يطلقون عنان التفكير للعقول، وليس لثيران مستودع الخزف..!!