تقرير: عفراء الغالي
شاي نعناع مظبوط، قرنفل، حلبة، قهوة خفيفة بالزنجبيل مشروبات وتبادل أفكار ونسات اجتماعية سياسية وثقافية، وكوب من القهوة.. لقاءات أصدقاء وزملاء، كل ذلك في حضرة ست الشاي).)
(حكايا) طافت مستطلعة الجالسين للتعرف على الكثير من الموضوعات التي يتم تداولها داخل تلك المنتديات التي تدار بلا تنظيم أحياناً علي الهواء الطلق ومعرفة تأثير تلك المنتديات وأهميتها في تكوين الرأي العام.
في البدء فقد تفهم الكثيرون وجود ستات الشاي قائلين إنهن يعملن من أجل الرزق الحلال وإن الونسة معهن ترفع المعنويات بالرغم من بساطتهن، والبؤس مع الكدح والعمل بشرف، لكن هنالك من تعجب من كثرة الجلوس وقال أحدهم ما يحيرني في الأمر تلك المنتديات المسائية والتي تستمر حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، وفي أماكن غامضة كأطراف المزارع وغيرها من المناطق، وأشار البعض منهم لوضع خطة لتنظيم أماكن لستات الشاي واعتبرهن جزءاً من الدخل وتشكيل الرأي العام القومي، لافتاً إلى أنه في مدينة ولائية تم وضعهن جميعاً في ميدان كبير، بالرغم من أن المزاج وحاجة الزبائن وكسبهم تتطلب الاستقلالية ولكن التنظيم يجعل مهنتها في قائمة المهن ويجبر المجتمع على احترامها ويشعرها بقيمة نفسها ولها التحية على كفاحها.
بينما قال حاج أحمد إن ستات الشاي يتواجدن بكثرة بالميادين وأمام المحلات التجارية وأطراف المؤسسات والمستشفيات والمواقع الحكومية والجامعات واقترح أن يتم حصر العدد وتقسيمه على الأماكن المتفق عليها، هذه الظاهرة موجودة في دولة إثيوبيا لكن ليس بعشوائية كما لدينا.
بعض ستات الشاي أبدين سعادتهن باللقاء مرحبات بأي زائر وقالت إحداهن إننا إضافة إلى أكل العيش أصبحت لدينا علاقات قوية مع الزبائن ورفع الأمر من مستوى ثقافتنا العامة خاصة أن الكثير من الذين يأتون إلينا من المثقفين وخاصة الذين نعمل أمام أماكن عملهم إذ نتفقدهم ويتفقدونا عند غيابنا
بينما قالت حاجة “عشة” إن الزبائن من فئات مختلفة ويتكلمون في اتجاهات عديدة وآخرون في مواضيع عامة وآخرون خاصة ويأتي إلينا العمال والموظفين والمثقفين وعابرو السبيل. وقالت: نحن كستات شاي ليس لدينا مانع ونقدم خدماتنا لكل من يجلس ولا علاقة لنا بما يدور من نقاشات سياسية واجتماعية وليس لنا حق اختيار المواضيع أو فترة جلوس الزبون.
بينما يرى محمد حافظ أن الجلوس أمام ستات الشاي ضياع للوقت ودليل على العطالة خاصة في بعض المناطق قائلاً إن هذا واقعنا والجلوس ناتج من ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وأضاف أنهم يجلسون أمام ست الشاي ويقولون “حمدوك” ما داير يحل مشكلة الخبز والمواصلات، قائلا إنه شعب يحب التنظير والتعليق ليس إلا، ولم يحرك ساكناً ترى كم من الوقت الذي نهدره أمام ستات الشاي، مشيرًا إلى أنه قضى سنوات الجامعة كلها في أوقات الفراغ مع أصدقائي عند خالتو “عشة” وإلى الآن نلتقي هناك، ولكن غالباً ما يكون وقت فراغ يعني أو بالأصح وقت الراحة.
وقال: الآن أنا أعمل من الصباح حتى المساء وبعد الدوام أذهب وألتقي مع أصدقائي في شارع المشتل جوار جامعة إفريقيا مرة أو مرتين في الأسبوع على الأقل ونناقش كل الامور الاجتماعية والسياسية، وبعدها يذهب كل في حاله، قائلاً إنه لا يوجد زمن للمطاعم أو الكافيهات لكي يقضي “الواحد منا الوقت” وفي رأيي أن التلاقي عند ستات الشاي أفضل موقع كي نحفظ زمننا ونتلاقى في نفس الوقت ويكفي أنهن موجودات في أماكن تتوفر فيها معظم خطوط المواصلات.
فيما يحكي أحد رواد ستات الشاي قائلاً: أيام عملي كنا أنا وزملائي بعد صلاة الظهر نخرج نحتسي القهوة “تحت العمارة في الشجرة”، وهذا المكان يُعتبر تجمعاً لعدد كبير من الصحفيين والكتاب المشهورين، كنا نتبادل المواضيع التي قمنا بكتابتها اليوم ومواضيع الغد، أنا كنت من ضمن أصغر الصحفيين الموجودين هذا الكلام قبل أعوام وكنت أستفيد جداً من الحوارات التي نناقشها؛ لأنها كانت عبارة عن أحداث حصلت لعدد من الناس في نفس المجال، وهذا الجلوس كان بمثابة منتدى تفاكري، وأضاف قائلاً: (ست الشاي التي نشرب عندها كباية القهوة كانت بالنسبة لنا مصدراً أو مكاناً يتم فيه تجميع المعلومات واكتساب خبرات من أشخاص سبقوني في المجال.
كما واصل حديثه رداً على من يقول إنهم لا يستفيدون من الجلوس عندها، مشيراً إلى أن الجلوس عند ستات الشاي ليس جمعيهم بدون فائدة حيث أن هناك من يستفيد وهنالك من يقضي زمن وآخرون “ينفسون عن روحهم” من الروتين اليومي ومن ضغط العمل. ”
وفي ذات الإطار قال صالح سعد: طبيعة العمل لستات الشاي تختلف حسب مواقعهن وجلهن يقمن بدور كبير مثلاً ستات الشاي في الأسواق ينحصر عملهن في إحضاره في المحال التجاري للتجار والزبائن ولكل ست زبائن، ستات الشاي اللاتي يتواجدن جوار المستشفيات ويعتبرن مكان انتظار وأيضاً مصدر للمرافقين والمرضى لتجهيز حاجتهم من الشاي..