القائم بالأعمال في بكين عصام الدين الخضر لـ(الصيحة) بشأن عودة الطلاب:
* لا خطر من عودة الطلاب للبلاد، ولكن الاحتياط واجب
* (143) عدد الطلاب المُرحّلين ولا إصابات وسطهم
* الطلاب وأُسرهم بأبوظبي والخارجية ستتابع أوضاعهم
* الوضع سيكون أفضل لو توفّر الناقل الوطني، وخطوة أبوظبي مُتّسقة مع علاقاتها بالخرطوم
* إجراءات مُشدّدة ببكين والخطر في تراجُع ونطمئن أُسر المُتخلِّفين
حاورته عبر الهاتف- مريم أبشر
شكّل مرض “كورونا” الفيروسي القاتل شديد العدوى، هاجساً أرّق ولا يزال العالم بأثرها، في ظل ازديادٍ مُخيفٍ لانتشاره في مُعظم دول العالم، ولم تسلم منه حتى دول الجوار القريبة للسودان (مصر) التي اعترفت بدخول الفيروس، فضلاً عن عدد آخر من الدول العربية. الفيروس ذائع الصيت الذي انتقلت عدواه من الصين، ظهرت أولى الحالات في مُقاطعة خوبى إحدى المُقاطعات الصينية الـ(12)، وشَكّلت مدينة “ووهان” حاضرتها الحَاضنة الأولى وهي ثالث أكبر المُدن الصينية التي يُوجد بها عددٌ كبيرٌ من الجامعات ومراكز البحوث العلمية التي يرتادها طلاب السودان للدراسات العليا تحديداً.
أمس صباحاً، بتوقيت السودان وصل الطلاب السودانيون الى مدينة أبوظبي بعد سلسلة تعقيدات صاحبت عملية إجلائهم وسيبقون خمسة وعشرين يوماً بالعاصمة الإماراتية فترة حضانة المرض.. البعثة السودانية في بكين بذلت مجهوداً كبيراً، على رأسهم القائم بالأعمال الوزير المُفوّض عصام الدين الخضر طوال الفترة الماضية، وشكّل قناة تواصُل بين وزارة الخارجية والأطراف الأخرى ذات الصلة بعملية الإجلاء، بجانب التواصُل المُستمر مع السُّلطات الصينية والجالية والطلاب المنتشرين في مقاطعة خوبي على وجه التحديد، بعد أن أغلقت الصين كل وسائل النقل المُؤدية إليها، فكان أن تم فتح خطوات الاتصال معهم لإبلاغهم بالتطوُّرات أولاً بأول…
(الصيحة) ظلّت مُتابعة مع الأستاذ عصام الدين خطوة بخطوة، وبعد أن تكلّلت المساعي بالنجاح، أجرت معه هذا الحوار السريع لكشف مُلابسات التعقيدات التي صاحبت عملية الإجلاء.. فماذا قال:-
-أخيراً وصل الطلاب أبوظبي.. كيف هي أحوالهم؟
بحمد الله وتوفيقه وصل الطلاب صباح اليوم (أمس) إلى أبوظبي وهم على أتم الصحة والعافية وسيبقون فيها خلال فترة الحجز الصحي وستكون وزارة الخارجية والجهات ذات الصلة على اتصالٍ بهم لمعرفة أوضاعهم أولاً بأول.
-تأخّرت عملية الإجلاء كثيراً رغم توجيه رئيس مجلس السيادة.. الأسباب والمُبرّرات؟
واجهت عملية الإجلاء تعقيدات كثيرة على رأسها توفير الناقل.. هناك اشتراطات دولية تفرضها منظمة الصحة العالمية والمنظمة الدولية للطيران المدني، ومحلية من قِبل الدول التي تعمل بها هذه الشركات يجب تحقّقها قبل مُوافقتها على نقل ركاب من مناطق الوباء.. بطبيعة الحال كانت الأمور لتكون أسهل لو توافرت للناقل الوطني طائرات ذات سعة كبيرة وإمكانية للطيران دُون توقف بين الخرطوم و”ووهان”.
-كيف تقرأ خطوة دولة الإمارات ولماذا تأخّرت؟ علماً بأن المبادرة حسب مُتابعاتنا كانت منذ فترة؟
أولاً، لا بُدّ لنا من أن نتقدّم بأجزل الشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة حكومةً وشعباً على مُبادرتهم الخيِّرة والتوجيهات السامية لسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.. المبادرة الإماراتية تأتي مُتّسقة مع مُستوى العلاقات المُمتازة التي تربطنا بدولة الإمارات الشقيقة.. لم تتأخّر المُبادرة كما أسلفت وأنّ ترتيب طائرة للإجلاء من منطقة وباء، أمر معقد جداً.
-كيف هي الحالة الصحية للطلاب وكم يبلغ عدد العائدين؟ وكم تبقى؟ ولماذا؟ وهل في تقديركم الأفضل الإجلاء أم البقاء ولماذا؟
الطلاب بحالة صحية ممتازة بفضل الله ولا تُوجد بينهم إصابات.. عدد الذين تم إجلاؤهم (143) طالباً وطالبة وبينهم (13) أسرة و(19) طفلاً.. فضّل (6) من الطلاب البقاء في مدينة “ووهان” لأسباب شخصية بعد التشاوُر مع أسرهم وأخذ مُوافقتها.. الأوضاع في الصين تسير بصورة مُضطردة نحو التحسُّن والخطر في تراجُع، ونود أن نطمئن أسر الذين تخلفوا بأنّنا سنستمر في رعايتهم.
-أوضاع الجالية عموماً وكم يبلغ العدد.. وهل توقّفت الرحلات من وإلى الصين أم أنّ الحركة بشكلٍ جيدٍ؟
يبلغ عدد أفراد الجالية السودانية وفقاً لآخر إحصاءاتنا (3410) أفراد، بينهم (2600) طالب وطالبة.. جميع السودانيين بخير ولا تُوجد بينهم إصابات وندعوهم للاستمرار في اتّخاذ المحاذير اللازمة لتفادي الإصابة.. حركة الطيران لبكين والمدن الكبرى ما زالت مُمكنة رغم تعليق معظم شركات الطيران لرحلاتها أو تخفيضها للحد الأدنى.
-الطلاب بعد فترة انقضاء الحجز سيعودون بالتأكيد إلى الخرطوم ولكن هنالك تخوفات من انتشار الوباء مع انتشاره في كثير من الدول العربية.. هل السودان في دائرة الخطر؟
في حال أكمل الطلاب فترة الحجر الصحي ببكين، فهذا يعني بالضرورة خلوِّهم من الفيروس.. لا خطر على البلاد من عودتهم، ولكن هذا لا يعني عدم اتّخاذ الاحتياطات اللازمة من قبل السُّلطات الصحية بالبلاد، فدائرة انتشار الفيروس تتّسع يوماً بعد يوم.
-الصين أعلنت أنها الأقدر على مُكافحة الوباء، لكن المُلاحظ أنّه أصبح يُسبِّب هلعاً عالمياً.. كم تبلغ إحصائية الإصابات والوفيات حتى الآن بالصين وهل تراجُع أم لا يزال في تزايُد؟
وفقاً لآخر إحصائية للإصابات بلغت جُملة الإصابات في البر الرئيسي (80302) إصابة، بينما بلغت الوفيات (2946).. يتوقّع أن يصل الوباء قِمّته خلال وقت وجيز في ظل تسجيل عددٍ من المُقاطعات لإحصاءات صفرية خلال الأسبوع المنصرم.
-البعثة رغم تقليصها أبلت بلاءً شديداً.. وضعنا في الصورة حيال المجهودات والقلق الذي عايشته البعثة أثناء مساعيكم لإجلاء الطلاب وما تأثير الضغوط الأسرية عليكم؟
نشكر لكم تقديركم لجهد السفارة، ونود أن نُؤكِّد على المقدرات الاستثنائية للعاملين بوزارة الخارجية في التعامُل مع الأزمات وإدارتها دون اعتبار لحجم الطاقم العامل.. نحن جُزءٌ من هذا الشعب ونضع أنفسنا دائماً في مكان أُسر هؤلاء الطلاب.. صدِّقيني لن يكون قلقي أقل من قلقهم إن تبدّلت الأدوار.
-المجال التجاري والاستثماري هو الأكثر تحرُّكاً بين الخرطوم وبكين، فهل توقّف الآن بفعل “كورونا” ومتى يستأنف النشاط بين البلدين؟
الصين أكبر شريك تجاري للسودان كما هو الحال بالنسبة لمُعظم دول العالم، وحجم التعاوُن القائم جيد وما زال سقف الطموحات عالياً جداً.. لم يتوقّف التعاوُن الاقتصادي بين البلدين بسبب هذا الظرف العارض ونتوقّع أن يعود الوضع لأفضل مما كان عليه قبل أزمة “كورونا”.
-مُعظم الطلاب دراسات عُليا وعلى أعتاب التخرُّج، متى تتوقّع أن تُستأنف الدراسة على ضوء مُعايشتكم للواقع بالصين؟
الصين حريصة جداً على سلامة الطلاب الأجانب، ولن تعيد فتح الجامعات إلا بعد التأكُّد من سلامتهم بناءً على قرارات تتّخذ من قِبل السُّلطات المحلية.. نطمئن الأسر بأن كل الجامعات الصينية مُستمرة في نشاطها عبر الوسائط الإلكترونية ولن يُؤثِّر توقُّف الدراسة على سير البرامج الدراسية للطلاب.. ننوّه إلى أن الجامعات الصينية قد أعلنت الطلاب بالالتزام بعدم العودة للصين إلا بعد أن يتم إخطارهم بالعودة.
-الوضع في بكين العاصمة كيف يبدو؟ وهل هنالك أيِّ منظمات دولية تقف إلى جانب الصين أم أنّها خاضت معركة “كورونا” لوحدها؟
هناك درجة كبيرة من الاهتمام بتأمين العاصمة بكين.. وقامت الحكومة المحلية ببكين بإنزال إجراءات مُشدّدة للأرض تحسُّباً لانتشار المرض.. رغم ذلك تبدو الحياة طبيعية جداً مع حذرٍ ملموسٍ من الجميع.
-حجم الإمكانَات التي واجهت بها الوباء؟
برزت الصين مقدرات غير مسبوقة في إدارة أزمة انتشار فيروس “كورونا”.. إدارة مساحة جُغرافية واسعة وتعداد سُكّاني هو الأكبر في العالم وانصياعهم للتعليمات الصادرة لهم من الجهات المُختصة بالحزب الشيوعي والحكومة، يُعد نُموذجاً فريداً في رصيد التجارُب الإنسانية.. لم يكن هذا الأمر ليكون مُمكناً في مكان آخر غير الصين.
-هل هنالك أي مُنظّمات دولية تقف إلى جانب الصين أم أنّها خاضت معركة “كورونا” لوحدها؟
تعاملت الصين بشفافية كبيرة مع الرأي العام الدولي والمحلي بشأن الإفصاح عن الإحصاءات المُتعلِّقة بانتشار المرض، ودعت مُنظّمة الصحة العالمية لزيارة الصين بغرض الوقوف على الموقف وعكسه بكلِّ شفافيةٍ للعالم.. رحّبت الصين أيضاً بقُبُول المُساعدات الدولية في جهودها لمُكافحة المرض، خُصُوصاً في المعينات المُستهلكة بصورة يومية كالأقنعة والبدلات الواقية، فَضْلاً عن تعاونها مع بعض الدول في مجال الأبحاث العلمية الرامية للتعرف على الفيروس وإيجاد لقاحات له.