فك القيود المصرفية.. الاندماج في النظام العالمي
الخرطوم- جمعة عبد الله
يدخل القطاع المصرفي بالسودان، مرحلة جديدة بعد إعلان بنك السودان المركزي انتهاء أشكال العقوبات الاقتصادية كَافّة، المفروضة على السودان بمُوجب الأمرين التنفيذيين (13067 و13412).
وأعلن مُحافظ البنك المركزي البروفيسور بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم في تعميم (صحفي) أمس، أنّ البنك المركزي تلقّى خطاباً من مدير مكتب العقوبات بوزارة الخارجية الأمريكية عبر وزارة الخارجية، يُفيد بتأكيد انتهاء أشكال العقوبات الاقتصادية كَافّة، المفروضة على السودان بموجب الأمرين التنفيذيين (13067 و13412)، الصادرين منذ 12 أكتوبر2017م، وقال المحافظ “إنه بمُوجب إلغاء الأمرين، فقد تم رفع العقوبات عن 157 مؤسسة سودانية، ولم يتبق ضمن العقوبات سوى بعض الأفراد والمؤسسات المُرتبطين بالأحداث في دارفور”، ويشير الخطاب إلى أنّ ذلك ليست لديه أي علاقة بمسألة التحويلات البنكية، هذا فَضْلاً عن (3) روابط تُشير إلى إعلان الأوفاك بانتهاء العقوبات عن 157 مؤسسة سودانية منذ 2017م.
ورغم صُدُور القرار بصورة مُفاجئة، إلا أنّ ثمة إرهاصات كانت تُشير للخطوة، تمثلت في التقارُب بين الخرطوم وواشنطن خلال فترة الحكومة الانتقالية، كما استبق فك القيود المصرفية زيارة مُرتقبة لرئيس المجلس السيادي للولايات المتحدة الأمريكية، وهي الزيارة التي كان يُؤمل منها الخروج بعدة نتائج، منها إعلان موعد رفع القيود المصرفية عن السودان.
وفي يناير الماضي، ألمح مساعد وزير الخارجية الأمريكي تيبور ناج خلال زيارته للسودان بإمكانية رفع القيود المصرفية، وقال حينها إن القيود المصرفية المفروضة على السودان ليست إجراءات فنية، بل تتعلّق بالسمعة المصرفية التي تتطلب الاستعادة من جانب الخرطوم، واستبق البنك المركزي تلك الإجراءات بمُخاطبة المصارف المركزية بعدة دول والمُراسلين لتنشيط علاقات المُراسلة المصرفية.
ويُشير خُبراء اقتصاديون إلى أن قرار رفع جميع القيود عن التحويلات والتمويلات المصرفية مع السودان، سيسهم بشكلٍ واضحٍ في ضبط سعر الصرف والقضاء على تجارة العملات الأجنبية على قارعة الطريق، كما سيسهم القرار في فك احتكار النقد الأجنبي من المُضاربين بالعملات الأجنبية وخاصة الدولار، مُشيرين إلى أن البنوك التي ستكون قادرة على استقبال وإرسال التحويلات بين السودان وبقية دول العالم.
وأوضح الخبير الاقتصادي د. عادل عبد المنعم، أن الجديد في القرار أنه جاء شاملاً بعكس ما تم في العام 2017، مُشيراً إلى أن القرار السابق كان جزئياً، فيما يعتبر فك الحظر الأخير شاملاً لكل التعاملات المصرفية، وقال إنه “بشارة خير”، ووصف القرار بالمهم.
وقال د. عادل لـ(الصيحة) أمس: من المؤمل ان ينعكس قرار إلغاء القيود المصرفية بشكل إيجابي على القطاع المصرفي عامة، وأن يستفيد منه الشعب السوداني وهذه تعتبر صفحة جديدة في مسار الاقتصاد وتُساهم بدور كبير جداً في التمكين الاقتصادي وضبط سعر الصرف، مضيفاً أنّ القطاع المصرفي بحاجة لآليات تطبيق القرار خصوصاً من النواحي التقنية لمُواكبة التطوُّر العالمي في مجال الخدمات المصرفية، وتوقّع أن تشهد الفترة المقبلة تزايد أسهم القطاع المصرفي، ورهن ذلك القيام بإجراء تغيير كبير على بنية المصارف المحلية وتطوير القطاع المصرفي حتى يتمكن من مواكبة التقنية العالية والمعايير العالمية التي تتّبع بها أنظمة المراسلة، لافتاً إلى أن هناك معايير أمريكية خاصة ينبغي الاستعداد لها.. وبشأن أثر القرار على السوق المُوازي وتجارة العُملات، قال إنه من المتوقع أن يحد من أثره بشكل كبير، وزاد: ولكن ذلك أيضاً مطلوبٌ من الحكومة والبنك المركزي تنقيح السياسات وإصدار تشريعات مصرفية تُواكب ما يجري من خدمات في العالم، وينبغي ان نسأل نفسنا هل نحن مُستعدون لبداية تعامُلات مصرفية مع العالم بنفس الكفاءة العالمية وهل لدينا أنظمة قادرة على التعامُل المصرفي المفتوح مع كل دول العالم..؟
بدوره، يرى الخبير المصرفي ومدير سوق الخرطوم للأوراق المالية د. خالد الفويل أن القرار يعتبر منصة لانطلاق القطاع المصرفي، داعياً لأن تكون البنوك مواكبة وقادرة على الوفاء بمتطلبات الاندماج النظام المصرفي العالمي.
وقال الفويل لـ(الصيحة) أمس، إنّ البنوك مطالبة بالاستعداد اللازم لمتطلبات القرار و”حتى لو ما جاهزة عليها الاستعداد من الآن” وتقنين وضعها، وأن تجتهد للمواكبة للتقنية الإلكترونية، والسعي في ترتيبات فنية وتقنية وعقد اتفاقيات تعاون مع البنوك الخارجية في التمويل والدور المصرفي عالمياً، وقال إن كل تلك الجوانب مُهمّة للاندماج في النظام المصرفي العالمي، وتوقّع إجراء عدة تعديلات على السياسات المالية لوزارة المالية والسياسات النقدية للبنك المركزي، وكذلك السياسات الضريبية لمُواكبة القرار وضبط سُوق النقد الأجنبي، وأن تكون بشكل عملي حتى لا يحصل تضارُبٌ بين هذه السياسات، مُوضِّحاً أنّ الفترة السابق كان فيها كثير من المخاطر.