من منا لا يبحث عن شريك نبيل يغمر روحه بالصدق والأمان؟…من منا لا يتوق لإنسان مختلف يمنحه ما يلزم من اهتمام واحترام ويؤثره على نفسه بخصاصة الحب؟! كلنا يظل في بحث دؤوب عن رابط وطيد يشده للحياة في أسمى معانيها حين يصبح التراحم والوصال غاية سامية لعلاقة أخاذة تكاد تذهب بالعقول من فرط جمالها وجلالها ونقائها! فكيف يمكننا أن نخلق مثل تلك العلاقة المميزة مع الشريك… والصديق… والإبن …والوالدين… والجيران والزملاء؟!… كيف يمكننا أن نكون في أسمى درجات التجلي والحميمية بحيث تصبح الحياة سهلة وممتعة… ونفوسنا صافية ومطمئنة… وأحزاننا بعيدة… وأفراحنا مديدة…وأحلامنا قريبة؟! قد تكون من المحظوظين جداً إذا قدّر للزمن أن يبتسم لك في واحدة من سوانحه القليلة فوجدت نصفك الآخر فارداً أذرع الحنان ليحلق بك فى سماوات الكرم والاحتواء ويعيد لك ثقتك في الناس والحياة. لقد أنهكتنا أيامنا بما يكفي حتى بات حرصنا على التواصل النبيل مع الآخرين فى ذيل قائمة اهتماماتنا… لم تعد تعنينا قضايا العواطف ولا نحرص على خلق علاقات ممتازة مع من حولنا ولسنا على استعداد لتخصيص الجهد والوقت لذلك! كلنا نركض في براري لقمة العيش بمشاعر باردة وعواطف باهتة…. معظم الروابط الإنسانية بيننا تحكمها المصالح الشخصية ويسيطر عليها النفاق الاجتماعى ومهيأة دائماً للضياع والانقطاع والزوال! لهذا… حالما توفرت لك فرصة طيبة لتلتقي بإنسان يشعرك بالتقدير ويقدس وجودك في حياته ويبذل لك الغالي والنفيس على أمل أن يراك سعيداً هانئاً وينال رضاك فلا تتأخر… ولا تتوانى عن معاملته بالمثل على أن تحتفظ به طويلاً.
لقد علمتني التجربة أن المشاعر والوجوه والشخوص قد تكون من الزيف بمكان، حيث تصبح بين ليلة وضحاها من ضحايا الخذلان والجحود وربما الخيانة! ولكني للأسف لم أكتسب الفراسة اللازمة للتمييز… ولا تزال بوصلتي الداخلية هي التي تحدد اتجاه عواطفي وعلاقاتي… قد تخيب يوماً وتصيب آخر… ولكني أخرج من كل تجاربي أشد رهافةً وشفافية… وكأنما تصقل النكبات زجاجي الداخلي… لم أيأس يوماً من وجود علائق إنسانية مختلفة خلابة وجاذبة ومحتشدة بالطمأنينة والأمل… كنت على استعداد دائم للمشاركة في وضع أساس متين لرابط عميق ومبهر… يصبح بالضرورة أخاذاً ومدهشاً ومريحاً يثير استغراب الآخرين ويفتح بداخلهم نوافذ التوق لعلاقات مشابهة تشبع حاجاتهم الإنسانية وتمنحهم الدعم اللازم للمزيد من النجاح. فشكراً للإنسان الذي يرسم معي خارطة طريق معبد وجديد يعبر صحارى العمر القاحلة فتورق أشجار النيم الوريفة بظلالها لتتحدى رمال الحزن والأسى.
شكراً لتلك اليد التي امتدت لتعانق يدي وتشد عليها بما يلزم ليمنحني الثقة الكافية في نفسي وفي عواطفي وأسلوب حياتي وحسن ظني. شكراً للمشاعر التي اختزلت تاريخي في عبارة أنيقة عبرت مسامعي لتكرس لمفهوم جديد يمنح للمرة الأولى علاقة ما صفة عجيبة ويصفها بالأخاذة!!.. فيرغمك على أن تقف مع نفسك قليلاً وتتمعن في معنى العبارة وأبعادها ودلالاتها وشكلها وما هي عليه من مضامين وما ولدت فيه من ظروف لتكتشف أن كل التفاصيل غريبة ومدهشة وملائمة لخلق ذلك الإحساس الجاذب القادر على أن يبرهن للعالم دائماً أنه لا يزال هناك متسع للحب والوئام مهما تراكمت السنوات وتباعدت الأمكنة وظننا أن قطار العمر قد عبر محطات الهيام فيفاجئنا بتوقفه المباغت في تلك المحطة المدهشة التي تشد روحك وترغمك على النزول لتتجول في مدينة الدواخل الطيبة لإنسان أتى حياتك متأخراً ولكن يكفي أنه أتى وإن تأخر…!!
تلويح:
لا تأخذني بعيداً عن قلبك… واجعل علاقتنا الأخاذه تخلب ألباب المحبطين فيستعيدوا عافيتهم ويعودوا ليفتحوا بوابات قلوبهم على مصاريعها… فيصرعهم الهوى.