وفيما يتوجّه اليوم الاثنين الناخبون الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع للمرة الثالثة خلال عامٍ واحدٍ، لوقف تكرار سيناريو الفشل في الوصول إلى نتيجة تُرجِّح كفّة أيٍّ من حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو، أو حزب أزرق أبيض الذي يتزعمه قائد جيش الدفاع الإسرائيلي السابق بيني جانتس.. يكون قد مضى بوتيرة مُتسارعة شهر كامل منذ أن فاجأ رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، شعبه وحلفاءه في الحكم بلقاءٍ غير مُتوقِّعٍ مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الثالث من فبراير الماضي بمدينة عنتيبي الأوغندية.
ورغم أنّ مُراقبين اعتبروا أن نتنياهو أراد بلقاء البرهان المُفاجئ، تسجيل نقطة يتفوّق بها على خصمه جانتس، لكن استطلاعات للرأي جرت مؤخراً، أظهرت أن حزبي ليكود وأزرق أبيض متعادلان تقريباً، مع تقدُّم طفيف لصالح الليكود رُصد في المراحل الأخيرة من الحملة الانتخابية .
وكان الكاتب الإسرائيلي زئيفي باريل قد حذّر من أنّ التطبيع العملي مع السودان يُعتبر أحد الأُصول القيِّمة للغاية.. والتي يخشى أن تتعطّل لو أنّها أصبحت مُجرّد شعار انتخابي لدى نتنياهو.
وقبل نحو أربع وعشرين ساعة فقط من انطلاق السباق الانتخابي في تل أبيب، كشف المتحدث باسم مجلس السياد محمد الفكي سليمان أنّ لقاء البرهان بنتنياهو تم بتنسيقٍ مع حمدوك وموافقته، حاسماً بذلك لغطاً كثيراً وتضارُباً في الأقوال بين تصريحات الفريق البرهان التي أكّد فيها معرفة حمدوك بالمُقابلة، وتصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة الذي نفى معرفة رئيس الوزراء.
وبسؤاله عن أهمية اللقاء لكونه جُزءاً من صفقةٍ لرفع العقوبات عن السودان، قال سليمان: “عندما تلقّينا تقريراً عن الأمر، عرفنا أنّ الأمر يُمكن أن يدعم موقفنا في السياسة الدولية، وتشكّلت لجنة مُصغّرة برئاسة حمدوك ضمّت وزيرة الخارجية وأعضاءً من الأجهزة الأمنية المُختلفة لتقييم هذه العلاقة، وكانت توصيتنا إذا كان هنالك ما يخدم السودان، وإعادتنا إلى الأسرة الدولية، فلا مانع من هذه العلاقة”.. وأكد أنّ لجنة تشكّلت بعد اللقاء ضمّت المجلس والحكومة، وكانت توصيتها بأنّه يُمكن إنشاء علاقة مع إسرائيل إذا كانت في ذلك خدمة لمصالح السودان وإعادته من جديد للأسرة الدولية.
وبدا لافتاً أنّ تصريحات الفكي جاءت مُتزامنةً مع بدء الانتخابات الإسرائيلية، وأنّها قد أماطت اللثام لأوّل مرة عن أنّ اللجنة المُصغّرة المعنية بآفاق العلاقة مع إسرائيل يترأسها رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، وأنّها تضم إلى جانبه وزيرة الخارجية أسماء محمد عبد الله، بما يُؤكِّد الشروع عملياً في الخطوات التي أعلن البرهان أنّ مجلس الوزراء سيقوم بها في إطار ترتيب الاتصالات وإدارة العلاقات عبر القنوات الدبلوماسية بمُجرّد التوافُق على قيام هذه العلاقة مع الجانب الإسرائيلي.. وقطع الفكي أنّ توصيات اللجنة جاءت بأنّه يُمكن إنشاء علاقة مع إسرائيل إذا كانت في ذلك خدمة لمصالح السودان وإعادته من جديد للأسرة الدولية.
وتجئ انتخابات اليوم بعد أن كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن خُطته لإحلال السلام في الشرق الأوسط المعروفة بـ(صفقة القرن)، التي نُشرت في يناير الماضي، والتي تمنح إسرائيل اعترافاً أمريكياً بالمُستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
ورغم التقارُب السوداني الإسرائيلي، إلا أنّ نتنياهو الذي من المُقرّر أن تبدأ محاكمته في قضايا جنائية تتعلّق بتُهم فساد في 17 مارس الحالي، يحتاج كذلك لتأييد أحزاب أخرى إذا كان له أن يُشكِّل حكومة ائتلافية تتمتّع بما لا يقل عن 61 مقعداً في البرلمان، الذي يبلغ عدد مقاعده 120 مقعداً.
تُرى هل يُؤثِّر لأول مرة تطوُّر العلاقة المُعلنة بين الخرطوم وتل أبيب على نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي من المُفترض أن تبدأ اليوم..؟!