تقرير: مريم أبشر
مساء السبت الماضي، أفصحت لجنة تفكيك النظام بشكل صريح بعد أن كانت المعلومات تسريبات تتناقلها الوسائط والصحف السيَّارة، عن أن نحو 109 من منسوبي وزارة الخارجية طالهم قانون التفكيك، وأعلنت اللجنة في مؤتمر صحافي إعفاء 14 سفيراً تم تعيينهم من قِبل الرئيس المعزول عمر البشير، و35 سفيراً بالتمكين السياسي والاجتماعي، إضافة إلى 12 وزيراً مفوضاً و34 دبلوماسياً و19 إدارياً من وزارة الخارجية السودانية.
وشمل الإعفاء سفراء تم تعيينهم بقرار جمهوري، وآخرين لأغراض ما وصفته اللجنة بالتمكين السياسي والاجتماعي بجانب اثنين من الوزراء المفوضين وأربعة وثلاثين دبلوماسياً. عدد كبير منهم بغض النظر عن انتمائه السياسي يمتلك من القدرات ما يمكنه من ممارسة العمل الدبلوماسي، فضلاً عن أن بعضهم مارس عقب ثورة التاسع عشر من ديسمبر المجيدة مهمته الدبلوماسية ممثلاً للسودان الدولة، في وقت صعب وشائك، بيد أن عيوناً فاحصة كانت تراقب ما جرى من ظلم لبعض منسوبي الوزارة من قبل المؤتمر الوطني إبان فترة التمكين، يعتقد أن ما تم من قبل اللجنة هو مثابة انتصار لحقوق هُضمت وكوادر شُرّدت وأن الوزارة ما زال فى جوفها الكثير.
أمر المؤمن كله خير:
قرار فصل منسوبي وزارة الخارجية قابله معظم المحالين بقولهم (إن أمر المؤمن كله خير) وأنهم أدوا ما عليهم من واجب تجاه وطنهم بتجرد ومهنية بغض النظر عن التصنيف الذي ولجوا به الوظيفة.
تقييم ومبررات:
دبلوماسي ــ فضل حجب اسمه ــ قال إنه رغم الاختلافات في وجهات النظر حول أداء بعض السفراء الموسومين بسفراء التمكين والجدل الذي يدور حول مقدرات وإمكانيات بعضهم، وما قدموه للدبلوماسية خلال فترة عملهم، إلا أنه عاد وأكد للصيحة أن المعايير والتقييم الذي استندت عليه لجنة تفكيك نظام الإنقاذ غير معروف، وربما تكون لها أكثر من مبرر للفصل خلف كل (كيس)، لجهة وجود أسباب كامنة ومعروفة لدى اللجنة التي درست بعناية ملفات كل الذين طالهم التفكيك.
خدمنا الثورة:
وأكد السفير أنس الطيب، وهو أحد الذين طالهم الفصل، وكان مسئولاً عن إحدى البعثات المهمة للسودان (بعثة السودان بأديس أبابا) في أعقاب الثورة، أكد بشكل قاطع أنه مارس عمله بمسئولية ومهنية بعيداً عن أي بعد سياسي، وتحدّى أن يكون تلقى أو حظي بأي ترقيات أو انه تخفّى خلف لافتة لتحقيق غرض بعيداً عن المؤسسية، وأضاف لـ(الصيحة) (خدمنا وطننا أبان الثورة، وفي أحلك الظروف)، وعزا ذلك إلى أن الدبلوماسي المهني يخدم حكومة بلاده الحالية أياً كان نوعها، وتحدى أن يكون سجله حوى فساداً أو تجاوزاً سُجّل ضده، وأضاف أن معايير العدالة تقتضى النظر بمنظور مختلف.
مقصلة التمكين:
بيد أن أحد السفراء الذين عاصروا عهد تمكين الإنقاذ أكد أن من طالهم قانون التفكيك ما يزالوا يشكلون أفراداً، وأن هنالك العديد من العاملين في الخارجهة ولجوا الوزارة من أبواب التمكين، وأضاف السفير الطريفي كرمنو أن الإنقاذ مارست أحقاداً وقسوة مفرطة في إحالة كوادر دبلوماسية مميزة دخلت الخارجية عبر المهنية والقدرات، وأضاف للصيحة، أن مدير إدارة الشئون الإدارية وقتها كان مجرد أن يصل الدبلوماسي طلب بالذهاب إليه في مكتبه يعني أنك (مرفود).
وامتدح الطريفي الدور الكبير الذي قام به الراحل مولانا علي محمد عثمان يس بعد تعيينه وكيلاً للخارجية، وهو رجل قانوني تقلد منصب وكيل وزارة العدل، ثم وزيراً لها، وأضاف أن يس أوقف وبشكل صارم التقارير التي كان يرسلها منسوبو الإنقاذ عن زملائهم بالسفارات والتي كانت نتيجتها إحالة الدبلوماسي المعني للصالح العام، وهدد بعضهم بأن من يُرسل تقريراً عن زميله سيضطر لإجراء مواجهة لمعرفة الحقائق وقال إن خطوة مولانا يس أوقفت كثيراً من حملات الإحالة خفّفت من مقصلة منسوبي الإنقاذ تجاه زملائهم من غير المنتمين للحركة الإسلامية. وأضاف: (مولانا يس قال إنه أتى من وزارة العدل، ولا يمكن أن يمارس الظلم)، وعمل على إيقاف كل أنواع الفصل التي تأتي عبر جوابات (سري للغاية) دون أن يعرف المفصول ماذا فعل.
ولفت الطريفي إلى أن أمير الجماعة من سفراء التمكين بالخارجية كانت توجيهاته وقراراته تعلو على قرارات الوزير نفسه، ولفت إلى أن حصيلة دبلوماسية التمكين أورثتنا سوداناً معزولاً دولياً ودولة متهمة بانتهاك حقوق الإنسان وترعى الإرهاب، وهي ذات الدبلوماسية التي أصبحنا في عهدها محاصرين أقتصادياً، وعلى قائمة الدول المارقة ومتهمين بالتفجيرات في نيروبى وغيرها.
مضيفاً أن ما شهده السودان من انفتاح عقب الثورة يوضح بجلاء الوضع المزري الذي كان يعيشه السودان .
فصل مُسبَّب:
تعدّدت الأسباب والفصل واحد، هكذا قال لـ(الصيحة) الدكتور والقيادي بقوى الحرية والتغيير صلاح الدومة في إفادته للصيحة أمس، وقال إن معظم الذين شملتهم القائمة تم فصلهم بمبدأ عدم تطابُق معايير الحقيقة للاختيار مبتدأ، وقال (ربما يكون لكل واحد من المفصولين سبب لوحده)، وزاد بعضهم ربما لأنه أدين في الشرف والأمانة وحسب قوله إن (ناس المؤتمر الوطني غير مؤهلين)، وهذا أعتبره سبباً قوياً جدًا واتهمهم بارتكاب جرائم، ويرى أن الوظائف بالخارجية ينبغي أن تفتح لكل السودانيين المؤهلين، ويرى أن كل من هو غير مؤتمر وطني بالخارجية كان مؤهلاً، لافتاً إلى أن العمل في الخارجية خلال الثلاثين عاماً الماضية كان يتم عبر امتحانات صورية بالمحاباة (امتحان مجاهدين)، ولذلك مارسوا كل التجاوزات .