الخرطوم: إنصاف العوض
وصف رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان، زيارة الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير بعودة السودان الحقيقية للمجتمع الدولي، وقال عقب لقاء جمعه بشتاينماير مؤخراً إن الخرطوم طلبت مساعدة ألمانيا في حملتها لرفع قائمة الإرهاب وتحسين الاقتصاد.
واتفقت صحيفة “بلومبيرج” الأمريكية مع البرهان، إذ رأت أن زيارة الرئيس الألماني بوصفه أعلى مسؤول غربي يزور السودان منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق عمر البشير، دلالة على فك العزلة الدولية بعد عقود قضاها البلد منبوذاً عالمياً.
وقالت الصحيفة، إن الزيارة علامة على حدوث ذوبان كبير للجليد الذي غطّى علاقات السودان مع الغرب، والذي تسبب به طموح حكومة البشير في تحقيق شكل من أشكال الحكم الإسلامي وتحالفه مع بعض أعداء الولايات المتحدة الأمريكية الإقليميين والجماعات المسلحة، الأمر الذي دفع واشنطن إلى إدراجه ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب منذ العام 1993م.
إنصاف ألماني
وأضافت الصحيفة: في الأسابيع الأخيرة، بذل القادة الجدد في البلاد قصارى جهدهم لتحسين صورتها وإسقاط هذا التصنيف. وبالإضافة إلى اقتراح السودان تطبيع العلاقات مع إسرائيل والسماح للبشير بمواجهة المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم الحرب، وافقوا على دفع تعويضات للمواطنين الأمريكيين عن هجوم عام 2000 على سفينة حربية في اليمن اتُّهِم بها تنظيم القاعدة.
ورحّب الرئيس الألماني بالتغييرات السياسية في السودان، وقال إنه من الظلم أن نرى الشعب السودان لا يزال يعاني اقتصاديًا بسبب أفعال نظام البشير. وأضاف أن ألمانيا مستعدة لتشجيع السودان اقتصاديًا وتدرس المشاريع الصناعية بما في ذلك الكهرباء.
وكان رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قد قال في وقت سابق، إن الزيارة كانت مجرد بداية لعلاقات متقدمة مع الدول الأوروبية وخارجها، داعياً المسؤولين الآخرين إلى السير على خطى شتاينماير.
واعتبر مجلس الوزراء السوداني، زيارة الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير تضامُنية وذات مغزى لتشجيع الاستثمار في البلاد وتثبيت الديمقراطية، وأشار إلى أن الزيارة تأتي بعد أكثر من ثلاثة عقود منذ آخر زيارة لشخصية مماثلة، وهي تشكل دعماً للتحول الديمقراطي في السودان، وإظهاراً لمساندة السلطة من أجل تحقيق أهداف الفترة الانتقالية.
غيض من فيض
ووفقاً لصحيفة “سيتزن” البريطانية، وصل الرئيس الألماني على رأس وفد من رجال الأعمال وأصحاب الشركات المعنية بالاستثمار، يرافقه وزير التنمية الألماني غيرد مولر، الذي كان زار السودان مطلع الشهر الحالي للبحث عن فرص استثمار “دون إضاعة للوقت”، وأعلنت ألمانيا، قبل أيام، عن تخصيص مبلغ 80 مليون يورو مساعدات للحكومة الانتقالية في السودان، فيما يعول السودان كثيراً على الاستثمارات الألمانية، ويعتبرها باباً أمام المزيد من الاستثمارات الأوروبية والغربية.
وقالت: في سبتمبر زار وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الخرطوم برفقة وفد كبير يضم ثلاثين مسؤولاً، لتعزيز علاقات التعاون بين البلدين، وفي فبراير زار وزير التعاون الاقتصادي والتنمية الألماني غيرالد مولر الخرطوم والتقى رئيس الوزراء السوداني، ومن الخرطوم أعلن مولر أن وزارته ستدعم وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي في السودان بمبلغ ثمانين مليون يورو.
ومؤخراً، زار السودان وفد برلماني ألماني والتقى عدداً من كبار المسؤولين.
كما زار البلاد، في أغسطس المدير العام لإدارة أفريقيا وأميركا اللاتينية والشرق الوسط والأدنى بالخارجية الألمانية، كما وافق البرلمان الألماني في وقت سابق على رفع الحظر الذي كان مفروضاً على السودان.
وأضافت: انتقد شتاينماير استمرار السودان ضمن لوائح العقوبات الدولية بعد التغيير الذي شهدته البلاد، قائلاً: ليس من العدل أن يُحاسَب (الآخرون) بهذا الفعل، وذلك في إشارة إلى بقاء السودان ضمن القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وعدم مسؤولية الحكومة الانتقالية عنها، وأضاف: ندعم السودان والتغيير السياسي الذي يشهده، مع وعينا بصعوبته، ونأمل في أن ينجح في العبور بالبلاد للديمقراطية. وتابع: يجب على العالم الاعتراف بأهمية الوقوف بجانب السودان.
تطبيع اقتصادي
وأكدت ألمانيا، التزامها بالعمل مع مجموعة أصدقاء السودان لإزالة العوائق أمام التعاون مع المؤسسات المالية الدولية، ورفع اسم السودان من القوائم التي تمنع الشركات الألمانية التعاون معه، ودعا شتاينماير المجتمع الدولي لتمكين السودان من الوصول لمؤسسات التمويل الدولية، وقال إن المسؤولين القائمين على أمر إدارة البلاد حالياً ليسوا مسؤولين عن مشاكل النظام السابق، ويجب التغلب على ذلك، وألا يحمل الشعب السوداني وحكومته هذه المشاكل.
وأضاف أن هناك فرصة تاريخية للسودان، ونحن مهتمون بإنجاح هذه الفرصة لحياة ورخاء أفضل للسودان.
وتعهد الرئيس الألماني، بدعم برلين للانطلاق الجديد في السودان باعتبارها شريكاً يُعتَمد عليه في التعاون الاقتصادي التنموي بعد قرار البرلمان الألماني باستئناف التعاون التنموي مع السودان،
كاشفاً عن إمكانية استئناف الشركات الألمانية أنشطتها الاستثمارية في السودان، وأعلن عن استعداد بلاده لتنفيذ الاتفاق بين وزارة التعاون التنموي الألمانية والسودان بتوفير 80 مليون يورو لدعم التدريب المهني وتوفير آفاق وفرص عمل للشباب.
عودة استثمارية
وكشف مدير الشركة السودانية لنقل الكهرباء سليم محمد محجوب، أن ألمانيا ستقوم بإعادة تأهيل كامل لمركز التحكم الرئيسي الخاص بشبكة كهرباء السودان.
وأوضح سليم محمد محجوب، في تصريحات صحفية، أن نقص الإمداد الكهربائي في السودان يصل إلى 60 في المئة، وأن القطاع السكني يستحوذ على 80 في المئة من الإمدادات المتوفرة، بينما تذهب النسبة الباقية إلى القطاعات الأخرى، مثل القطاع الصناعي.
وتأتي هذه الخطوة بوصفها واحدة من أبرز النتائج الاقتصادية للزيارة التي يقوم بها الرئيس الألماني فرانك فالتر.
وقال وزير الطاقة والتعدين عادل إبراهيم، في تصريحات صحفية بمطار الخرطوم الدولي أمس: كنا قبل قليل في زيارة مع الرئيس الألماني إلى مركز التحكم للكهرباء في ضاحية سوبا جنوب الخرطوم، وهو الذي يتحكم في توزيع الكهرباء في البلاد، والتوازن بين الخطوط الكهربائية المختلفة في كل المدن الداخلية، مبيناً أن المركز أنشأته شركة “سيمنس” الألمانية قبل أكثر من خمسة عشر عاماً،
وكان المركز يعاني بعض المشاكل لها علاقة بالعقوبات، ولها علاقة بالنظام السابق، وكنا مضطرين أن ندخل أنظمة من دول أخرى، والآن لابد أن نحدث هذا النظام ليتواكب مع المتطلبات العالمية والمحلية فيما يخص كمية الكهرباء وتوزيعها.