الخرطوم: جيلي أنا
فن “الجداريات”، يعد شكلاً جديداً من أشكال التعبير لم تشهده الشوارع السودانية من قبل، رغم وجود أصل تاريخي له عبّرت عنه المنحوتات والصور على الكهوف والمعابد الأثرية التي لم تزل شاهدًا حيًّا على حضارات السودان القديمة منذ “كوش” مروراً، بحضارة “نبتة” و”مروي”، وظهر هذا الفن القديم بصورة صارخة خلال ثورة “ديسمبر المجيدة”، وتزينت الجدران في المناطق المحيطة باعتصام القيادة العامة بصور الشهداء وروح الثورة وحالة التلاحم الكبيرة بين السودانيين.
مفاهيم
عبّر الفنانون التشكيليون عن مفاهيم الثورة السودانية بالرسوم والصور، وجسّدوا أكثر من أربعة آلاف لوحة، منذ انطلاق الحراك الثوري حتى سقوط الرئيس المخلوع عمر البشير، وزيّنوا ميدان الاعتصام بفن يُعبّر عن الثورة في مساحة ثلاثة كيلومترات تقريباً في قلب الخرطوم.
تشويه
ولكن عقب فض الاعتصام، تم الاعتداء على الرسوم والإبداعات بالإزالة والمسح والتشويه في جريمة لا تقل عن جريمة قتل المتظاهرين، حيث فرشاة الظلام على لوحات الوعي، لكن الشباب ابتدع من التشكيليين فكرة الجداريات أمام البيوت لتأكيد دور الفن في تشكيل الوعي وتجميل الحياة.
وفي الساحة نفسها التي شهدت فض الاعتصام تبارى فنانون ورسامون سودانيون لإعادة الحياة إليها من خلال الرسم على الجدران بعد إزالة العديد من الجداريات.
واستوحت معظم الجداريات فكرتها من الاحتجاجات الشعبية، واستلهمت الشعار الرئيسي للثورة “حرية، سلام وعدالة”.
انتشار
ولم تقتصر الجدرايات الثائرة على ساحة الاعتصام فقط، وانتشر الفنانون التشكيليون ليزينوا معظم الشوارع الحية وجسور العاصمة الخرطوم باللوحات، وأحيانًا بالألوان والكتابات، في محاولة للانتصار على القبح وإشاعة الجمال، وبدت الخرطوم حينها بكامل زينتها أيام الاعتصام الأولى، ما خلق إرثًا بصريًا للانتفاضة موجوداً تفاعلًا وتشجيعًا من الجميع.