* استجابة لشكاوى بعض الزُرّاع، وبعد الاستماع لتقرير وزير الزراعة، رفع مجلس الوزراء السعر التركيزي لشراء القمح من (2.500 جنيه) إلى (3.000 جنيه)، ومع ذلك هذا السعر أيضاً لا يُرضي البعض، بحيث يُطالبون الحكومة برفع السعر (أكتر)، ومنهم من يقترح (4.000 جنيه)، ولا جديد.. فالقضية (روتين سوداني)، تُعاد صياغتها و(حبكها)، ثم عرضها في وسائل الإعلام – بذات السيناريو- سنوياً منذ نصف قرن..!!
* نعم، فالشكوى – موسمياً – إما من تدنّي إنتاج القمح بسبب العطش أو أن سعر التركيز لا يتناسَب مع تكاليف الإنتاج.. وفي موسمنا هذا، فالإنتاج يبدو وفيراً بفضل الله، ولكن أسطوانة السعر التركيزي (لسه مُدوّرة)، ولو رفع مجلس الوزراء هذا السعر التركيزي إلى ألف دولار لجوّال القمح، وتحمّلت منظمات المجتمع المدني – وأصدقاء السودان – كل تكاليف الإنتاج، فلن تتوقّف الشكاوى، بحيث يحل محلها الحمد والشكر لله..!!
* وبالمناسبة، ﺍﻟﻤُﺰﺍﺭﻉ ﻏﻴﺮ ﻣُﻠزَﻡ ببيع ﻗﻤﺤﻪ للبنك الزراعي أو غيره، ﻭﻏﻴﺮ ﻣُﻠزَﻡ باﻠﺒﻴﻊ ﺑﺴﻌﺮ مجلس الوزراء التركيزي (3.000)، بل ﻛﻞ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳُﺴﺪّﺩ ﻣﺒﻠﻎ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻟﻠﺒﻨﻚ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻲ ﻭﻛﻞ ﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﺻﺔ.. ﻓﺎﻟﺴﻮﻕ – ﺩﺍﺧﻠﻴﺎً ﻭﻋﺎﻟﻤﻴﺎً – ﺣُﺮ، ﻭﻣﻦ ﺣﻖّ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ ﺃﻥ ﻳﺒﻴﻊ محصوله ﻟﻤﻦ ﻳﺪﻓﻊ ﺃﻛﺜﺮ، ﺛﻢ ﻳﺪﻓﻊ ﻣﺎ عليه من ديون للبنك أو غيره .. وكان يجب إعلان السعر التركيزي قبل بداية الموسم، وليس في نهايته، ليكون مُحفزاً للزراعة..!!
* علماً بأنّ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻌﺮ التركيزي – ﺍﻟﻤُﻌﻠَﻦ ﻣﻦ ﻗِﺒﻞ مجلس الوزراء – ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺩﻋﻢ ﻟﻠﻤﺰﺍﺭﻉ، كما ذكَر وزير الإعلام، أي ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﺴﻌﺮ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﻘﻤﺢ.. ﻓﺎﻟﻴﻮﻡ، ﺭﻏﻢ ﻣﺎ ﻳﻔﺼﻠﻪ ﻋﻦ ﻣﻮﺳﻢ ﺍﻟﺤﺼﺎﺩ ﺑﺪﻭﻝ ﺃﻭﺭﺑﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺷﻬﺮ، فاﻟﺴﻌﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻄﻦ ﺍﻟﻘﻤﺢ – 10 ﺟﻮﺍﻻﺕ، ﺯﻧﺔ 100 ﻛﻴﻠﻮ – لا يتجاوز (260 ﺩﻭﻻﺭاً )، حتى الوصول لميناء بورتسودان.. ﻭﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺳﻌﺮ ﺍﻟﺪﻭﻻﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﻤﻮﺍﺯﻱ (100 ﺟﻨﻴﻪ)، ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻌﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ لطن ﺍﻟﻘﻤﺢ (26.000 ﺟﻨﻴﻪ).. !!
* وللمزيد من التوضيح، فإن ﺍﻟﺴﻌﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ لجوّال القمح (2.600 ﺟﻨﻴﻪ)، وبما أن السعر التركيزي (3.000 ﺟﻨﻴﻪ )، فهذا يعني أن حجم اﻟﺪﻋﻢ (400 ﺟﻨﻴﻪ)، في كل جوّال.. ومع ذلك، للمزارع حرية اختيار ما يشاء ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻌﺮﻳﻦ، ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺍﻟﺤﺮ ﻭﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰﻱ، ﺛﻢ ﻳُﺴﺪّﺩ ﻣﺎ عليه من ﻣﺒﺎﻟﻎ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ .. ومع الحرص على توفير التمويل للشراء، فعلى البنك الزراعي أن يحرص على استرداد مبالغ التمويل..!!
* ظاهرة تهرّب البعض من سداد مبالغ التمويل ظلم للشعب والسواد الأعظم من المُزارعين، لأن هناك من يزرع بالتمويل – الذاتي أو المصرفي – ثم ينتج ويُسدّد تكاليف الإنتاج بلا شكاوى .. أي بما أن العدالة من أهداف المرحلة وشعارات الثورة، يجب أن يتساوى كل زُرّاع السودان في التمويل الذاتي أو المصرفي ثم سداد تكاليف الإنتاج.. تكاليف الإنتاج التي يدفعها البنك الزراعي أموال عامة، والظن بأنها (قروش حكومة) ويجب نزعها – بالابتزاز – وجهٌ من أوجُه الفساد..!!