بعيدًا عن أحلامنا الوردية المستحيلة في ما يلى مطار الخرطوم الدولي وناقله الوطني المكلوم سودانير…. وبغض النظر عن المقارنات التي لا جدوى من عقدها بينه وبين كل موانئ العالم الجوية…. قررت اليوم أن أنحاز للكادحين في بلادي…. وأن أدلو بدلوي في شأن واقعي ملموس…. تتسع فيه رقعة العشم أكثر… ويؤثر في حركتنا اليومية بفاعلية أكبر …. والشاهد أن (ميناء الخرطوم البري) يعد أكثر أهمية وفاعلية من سواه…. ويشهد يومياً عشرات الرحلات الداخلية الهامة والخطيرة على كافة الأصعدة لاسيما الاجتماعى منها والاقتصادى.
وأذكر بفخر كبير كيف احتفينا قبل نحو ثلاثة عشر عاماً بافتتاح هذا الميناء البري الفخيم والذي جاء يومها على أحدث طراز بأهداف نبيلة وجليلة تصب جميعها في مصلحة البلاد والعباد…. فقد قدم لنا عبر خدماته كافة الضمانات اللازمة لتوفير بيئة ترحال كريمة ومهيأة ومريحة للمسافرين عبره…. ووفر مئات فرص العمل للشباب الواعد…. وعمل على ضبط حركة المركبات وضمان صلاحيتها والتزام سائقيها بالضوابط والمحاذير.
وأصبح ميناء الخرطوم البري منذ ذلك التاريخ نقطة تجمع هامة جداً في تفاصيلنا اليومية…. ملتقى للناس…. ومعلماً معمارياً بارزاً…. وقبلة للأنظار من كل البقاع والسحنات…. لا سيما أولئك القابضين على جمر الضنك… والذين لم يرتادوا المطارات الجوية ولا حلقت أحلامهم في فضاء الطائرات.
ولكن….. ويا للهول لكن….. شأنه شأن كل بديع في بلادي يعاني الآن من الكثير من الملاحظات التي استوقفتني لاسيما على صعيد المبنى والمنقولات، وهذا ما أود أنا أناشد فيه المواطنين الأعزاء …الذين لا يحرصون على التعامل الحميد مع المرافق العامة…. فنفسد بأيدينا صروحنا القومية ونسلمها للقذارة والتلف والهلاك!
معظمنا يفتقر لثقافة الحفاظ على المال العام… وبينما يجتهد العمال والإدارة مثلاً في توفير بيئة جميلة وخدمات نبيلة يتلقى بعضنا كل ذلك بالكثير من التهاون والإهمال وهو ما أسلم صرح ميناء الخرطوم البري لما هو عليه الآن من شحوب وفوضى!
ثانياً… والحديث هنا لوزارة البنى التحتية…. وأنا أستخدم الطريق العابر أمام هذا الميناء لسنوات…. وأجده على ذات النسق من (الحفر) وافتقاره للأسفلت قبح المنظر وخطورة استخدامه للسيارات.
والناس في بلدي تخلط الأمور فتصب جام غضبها على رجال المرور…. ولكن المعنيين هم القائمون على أمر تلك الوزارة…. والذين من الأجدى لهم ولنا أن يضعوا مثل طريق الميناء البري على رأس قائمة الأولويات.
عموماً… التحية لشركة الموانئ البرية، وهي تقبض على جمر التعامل المباشر مع الفئة الأكبر من الكادحين… ونشهد لهم بالاجتهاد الكبير في كل فروعهم … وحرصهم على ضبط المظهر العام وتقديم خدمات متطورة للجمهور.
ولكن… اليد الواحدة ما بتصفق…. والتعاون التام مطلوب من الجميع…. لاسيما وأننا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نستغني عن حلقة الوصل بين الولايات…. وأنوه لضرورة التعامل المباشر مع المركبات داخل الميناء لضمان الجودة والسلامة… فقد سئمنا من التفلتات في كل مكان… وآن لنا أن نعيد النظر في ثقافة انضباطنا الداخلي.
تلويح:
ميناء الخرطوم البري …. تراجيديا الناس والحياة…. ولوحة واقعية لشعب كامل!