جائزة الديمقراطية
- منح صندوق أمريكي يُعرف بالوقف الوطني للديمقراطية “جائزة الديمقراطية” للشعب السوداني، واعتبر الصندوق الذي يُموّله الكونغرس، والحزبان الكبيران في بلاد العم سام.. الحزب الجمهوري والديمقراطي، أن مولاي الشعب الأسمر استحق جائزة الديمقراطية لهذا العام، تقديراً لشجاعته ولالتزامه بإحداث التغيير الديمقراطي عبر الوسائل السلمية.
- واختار الصندوق أن تنوب هيئة محامي دارفور، والمركز الإقليمي للتدريب وتنمية المجتمع المدني “RCDCS”، وجمعية نساء جبال النوبة للتعليم والتنمية “NuWEDA”، عن الشعب السوداني في تسلُّم الجائزة.
- ورغم ما يُثيره البعض من غبار حول الوقف الأمريكي (NED) إلا أنه ظل يعمل كمؤسسة تُكرّس كافة جهودها لتعزيز الديمقراطية بأنحاء العالم المختلفة، ومن ذلك توفيره في كل عام أكثر من 1000 مِنحة تُوظَّف لدعم مشاريع الجماعات غير الحكومية التي تعمل لخدمة الأهداف الديمقراطية في أكثر من (90) بلدًا.
- كما يدعم الصندوق المنظمات المدنية التي تعمل في بيئات متنوعة، بما في ذلك مجتمعات ذات ديمقراطية حديثة العهد، إضافة لبلدان أخرى ذات أنظمة شبه سلطوية، إلى جانب المجتمعات المنغلقة للغاية، والبلدان التي تمر بمراحل التحوّلات الديمقراطية.
وإلى ذلك يهتم الصندوق بالمقترحات المقدمة من منظمات المجتمع المدني المحلية والمستقلة والغير حزبية التي تسعى إلى “تشجيع وحماية حقوق الإنسان وسيادة القانون، دعما لحرية تدفق المعلومات، ولاستقلالية وسائل الإعلام، ومن أجل تعزيز الأفكار والقيم الديمقراطية، وتشجيع المساءلة والشفافية، وتقوية منظمات المجتمع المدني، بتشجيع التربية المدنية. - المهم فإن الشعب السوداني استحق من خلال تجربة ثورة ديسمبر الفريدة، وعن جدارة تامة صورة المثال الذي حفَره في ذاكرة ووجدان شعوب الأرض.
لقد كانت ثورة ديسمبر المجيدة تجربة مُلهمة أدهشت عقول الناس الذين شهدوا شباباً عُزَلاً يواجهون الموت بصبر وجلَد وثبات وبصدور عارية هزمت بقوة سلميتها، نوازع شر رأس النظام المخلوع البشير الذي تطلّع لإفناء ثُلث شعبه من أجل غاية البقاء في الحكم على الأشلاء والجماجم، بل ووعيد عراب ذات النظام علي عثمان محمد طه الذي قال قولته الشهيرة: (هناك كتائب ظل كاملة، وأحسن نقولها لهم.. إنها موجودة، تدافع عن هذا النظام إذا ما احتاج الأمر إلى تسيير دولاب العمل.. وتُدافع عن هذا النظام حتى اذا اقتضى الأمر التضحية بالروح).
هذه المُواجَهة بين قوة العزيمة والإصرار، والتمسّك بالسلمية، وبين آليات بطش النظام البائد الإرهابية التي ظلت تحصد أرواح المدنيين العزل دون أن يطرف لها جفن.
- لقد شهد جان إيف لودريان وزير خارجية فرنسا قائلاً: (لقد كان تصميمكم مدهشاً وأنتم تسعون من أجل الحرية، وتتفادون كل منزلقات العنف، لقد تابعنا برُعب وغضب استخدام العنف ضد الثوار، وتابعنا بإعجاب تحلِّيكم بالنضج والمسئولية والهدوء في ظرف قمع عنيف).
فالانتقال إلى الديمقراطية ليس نزهة في ظل هذا الواقع المُفخَّخ والمرير للغاية الذي ورثته الحكومة الانتقالية.
- فقد أشار لهذا الواقع وتعقيداته وزير التنمية الألماني جرد مولر الذي قطع بأن السودان بحاجة لمساعدات دولية على الفور في طريقه نحو الديمقراطية، مُردفاً بأنه يجب ألا يتم تضييع أي وقت.
إن الوصول لجائزة الديمقراطية الحقيقية لا يتم إلا بعد نجاح الفترة الانتقالية، هذه الفترة التي تم تصميمها على صيغة شراكة مدنية عسكرية، انبنت على أرضية هشة، لتمضي على توازن قلِق.
- لكن يبقى الأمل المشروط الذي عبّر عنه هايكو ماس وزير الخارجية الألماني بقوله: (إن الفترة الانتقالية إذا تمت كما هو مُخطّط لها بكل سلام واستقرار سيصبح السودان مثالاً يحتذى لكل دول الإقليم والعالم العربي).