الخرطوم: سارة إبراهيم عباس
تواجه موازنة 2020م عدداً من التحديات والعراقيل، حيث جاءت في ظروف بالغة التعقيد، وأزمات اقتصادية داخلية تجعل مهمة الإصلاح أكثر صعوبة بل تضعها أمام تحدٍّ كبير لتمريرها، ووزير المالية كان يعول كثيراً على مؤتمر أصدقاء السودان “المانحون” الذي كان من المفترض أن يلتئم في أبريل ليكون مرتكزاً على مشروعات يتم تنفيذها إما بتمويل منهم أو عبر دفع شركات كبيرة لتنفيذ مشروعات بالسودان، ولكن ضمانات تنفيذ هذه المشروعات وتمويلها ما يزال غير محدد بحسب ما يقول المتحفظون على نهج وسياسات الوزير، ولكن تم تأجيله إلى يونيو القادم، فما هي الآثار الاقتصادية المترتبة على الموازنة؟
بعيون خبراء اقتصاديين حاولنا الخوض في الأسباب والتوقعات المستقبلية للمؤتمر.
قال إستاذ الاقتصاد بجامعة المغتربين د. محمد الناير إن السودان عقد آمالاً كبيرة جداً على المانحين، مشيراً إلى إطلاق تحذيرات مراراً وتكراراً أن قضية أصدقاء السودان قضية غير مضمونة ومعقدة، وواضح أن هناك تأجيلاً غير مبرر، ومن المفترض عقد المؤتمر بنهاية العام الماضي، وإذا كانت لديهم التزامات كان يجب أن يتم تقديمها، ولكن تأجيل الأمر للاجتماع الذي تم في السويد إلى يونيو القادم، وبالتالى سيكون عبر نقص الموازنة 50% من المدة الزمنية لها.
وقال إن هذه الموازنة التي تعتمد على المجتمع الدولي بصورة كبيرة كانت في البداية حينما قدمت أكثر من 52 أو53% وحينما عدلت أكثر من 35%، وهذا يعرض الموازنة لهزة كبيرة جداً، وإذا التزموا بشهر يونيو يمكن أن يفوا بالتزاماتهم في العام القادم، ولا يمكن أن تلحق بالعام الحالي، لافتاً إلى عدم الاستفادة من تجارب الماضي ووعود كثير من الدول التي لم تف بها ونحن لم نتعلم من أخطاء الماضي، لافتاً أن الحكومة الانتقالية أضاعت وقتاً ثميناً كان من الممكن وضع برنامج وطني بالكامل يعتمد على إمكانيات وموارد السودان الطبيعية من ثروات باطن وظاهر الأرض أو المورد البشري الكبير جداً الذي يخرج البلاد من هذه العزلة.
ومن ناحيته، قال الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي: لا يوجد شخص يتمنى أن يجد نفسه في مكان ووضع وزير المالية الحالي، هذا وضع لا يحسد عليه، ولديه موازنة بها عجز كبير جداً وفي الإمكان تغطية هذا العجز عبر المانحين ولأسباب سياسية معينة كأنما العالم الخارجي والدول التي تشكل مصير السودان تتوقع حدثاً كبيراً في مقبل الأسابيع القادمة متوقعة ذلك الحدث حتى تطلق يد المانحين لإنعاش الاقتصاد، كأنما لا يراد للاقتصاد أن يلتقط أنفاسه، والوضع الآن مشكوك فيه، هناك ترتيب حتى يتم تجهيزه وبعدها تطمئن تلك الدوائر وبعدها يمكن أن تطلق يد المانحين في هذا الأمر، وأوضح في حديثه لـ (الصيحة) أن تأجيل مؤتمر المانحين، كأنما هناك حدث ينتظره هؤلاء المخططون مع الأسف لمصير السودان من الخارج، مؤكداً على تأجيل الموازنة حتى شهر يونيو لارتباطها ببنود صرف لابد من تسديدها كمرتبات العاملين في الخدمة المدنية والصرف على الخدمات من صحة وتعليم واستيراد السلع وغيرها من الخدمات التي تحتاج إلى إنفاق، وأبدي تساؤلاً من أين تأتي هذه المبالغ، وقال إن الوضع متأزم، وأضاف لم أكن أتصور أن يمر السودان بوضع كهذا في يوم من الأيام.
ويرجح الخبير الاقتصادي د. عادل عبد المنعم، أن تكون خطط وزارة المالية لتمويل الموازنة بأنها مساعدات وليست التزامات واجبة الوفاء، موضحاً أن الأمر لا يعني اعتماد الحكومة كلياً على هذه المساعدات بقدر ما يكون إدراجها ضمن مشاريع التمويل المصاحبة للموازنة، لافتاً إلى أن تحسن علاقات السودان الخارجية والتعامل الانفتاحي مع كثير من دول العالم وخاصة دول الاتحاد الأوروبي الذي فرضه الواقع الجديد سيسهم في حصول البلاد على المزيد من المساعدات، موضحًا أن هذه المساعدات تساعد بدورها في تنفيذ مشروعات محددة في بعض القطاعات مثل الصناعة والزراعة والكهرباء، ولكنها لا تعتبر مصدراً للتمويل الأساسي للموازنة، وأكد أن المساعدات جزء من اجتهادات الوزير بحكم علاقاته بالمجتمع الدولي ومؤسساته .