الشّمّاعة الأخيرة..!!
:: بمُلتقى ومعرض التعدين الخامس، تَحَدّثَ صديق تاور عضو مجلس السيادة عن مُعاناة الشركات من سُلُوكيات المَسؤولين بالنظام المخلوع، وقد وصفها بالسُّلُوكيات الفاسدة.. وتَحَدّث عن مُعاناة الشركات من الإجراءات المُعقّدة، وقال إنّ مَناخ الاستثمار لم يكن صِحيّاً ولا آمناً.. لقد صدق تاور، فالنظام المخلوع أفسد مناخ الاستثمار لحد تشريد المُستثمرين وهُرُوبهم بجلدهم.. ولكن ماذا فعلت حكومة الثورة؟، أو ماذا تفعل حالياً لإصلاح مناخ الاستثمار..؟؟
:: يوم الإعلان عن وزراء حكومة الثورة، كتبت ناصحاً حمدوك وأعضاء حكومته بأن يتّعظوا من تلكؤ حكومة الديمقراطية الثالثة، وذلك بالانتقال العاجل من محطة الثورية إلى حيث دولة الدستور والقانون والمُؤسّسات ثُمّ الإنتاج.. وقلت فيما قلت بأنّ حكومة السيدين أهدرت عُمرها – ثلاث سنوات – بالتقوقع في مَحَطّة الثورية المُسَمّاة عَهدئذٍ بـ(كنس آثار مايو)، حتى تمّ (كنسها، هي ذاتها) قبل أن تترك أثراً إيجابياً في حياة ثُوّار ذاك الجيل..!!
:: ومنعاً لإنتاج فشل تلك التجربة البائسة، فمع مُحاسبة المسؤولين عن كل جرائم وفساد عَهد النظام المخلوع، وبدلاً من إهدار الوقت والطاقة في سَب ولَعن عهد النظام المخلوع، فإنّ أوفر الجهد وأصدقه يجب أن يكون لصالح الحَاضر والمُستقبل.. ولن تبلغ رحلة الثورة مُنتهاها إلا بالإنتاج، ثُمّ الإنتاج، ثُمّ الإنتاج.. ولا إنتاج إلا ببناء دَولة المُؤسّسات التي تحمي الحُرية والسَّلام والعَدَالة.. هكذا كتبت ناصحاً يوم إعلان حمدوك عن أعضاء حكومته..!!
:: وعليه، مع الحديث عن سُلُوكيات المسؤولين عن الاستثمار في النظام المخلوع، يجب أن ينتبه صديق تاور إلى حال مناخ الاستثمار (اليوم)، وما يجب عليه أن يكون.. للأسف لم يتغيّر شئٌ في مناخ الاستثمار، وأنّ الحال كما كان عليه في النظام المخلوع.. ويجب إصلاح الحال (عاجلاً)، حتى لا تُعيد البلاد سيناريو تشريد المُستثمرين لحد الهروب بجلدهم، تاركين وراءهم رؤوس أموالهم في مصارفنا.. على حكومة الثورة أن تتّعظ من أسباب تشريد وهُرُوب المُستثمرين في عهد النظام المخلوع..!!
:: ليس فقط مراكز الفساد التي لم يتم تفكيكها بالكامل، بل هُناك كارثةٌ يجب إزالتها حتى تصبح البلاد جاذبةً لرؤوس الأموال، وهي (ملكية الأرض).. فالأرض في بلادنا لا تملكها الدولة، كما الحال في دول (العالم المُتحضِّر).. تملكها القبائل ونُظّارها بوضع اليد و(حُمرة عين)، كما الحال في دُول (العالم المُتخلِّف).. امتلاك القبائل للأرض كارثة.. فالدول من حولنا طوّرت علاقة الإنسان بالأرض ثُمّ نظّمتها بالقوانين التي لا تظلم المُجتمعات ولا تُعطِّل الاستثمار..!!
:: ولكن نحنُ، منذ الاستقلال – وإلى يوم مُخاطبة تاور لمُلتقى التعدين الخامس – لم يُكرمنا القدر بحكومة تُطوِّر علاقة الإنسان بالأرض، وتُنظِّم هذه العلاقة بحيث تكون الأرض للدولة ومصالح الشعب، وليس للقبائل بلا أيِّ إنتاجٍ أو جدوى، كما حال فيافي السُّودان وسُهُوله ووديانه وحواكيره.. وعليه، فإنّ رفع اسم بلادنا من قائمة الإرهاب لا يعني أن تُمطر السماء الذهب والفضة، بل يعني تدمير آخر الشّمّاعات التي كُنّا نُعلِّق عليها عجزنا عن إدارة مواردنا..!!