عاجل لوالي الخرطوم
*قبل مجئ الإنقاذ في 1989م وربما بعد مقدمها بسنواتٍ قلائل، كانت الأسر الكبيرة يصرف عليها “شخصٌ واحدٌ”، وأذكر جيداً والدنا “نسأل الله له الرحمة والمغفرة” كان يُوفِّر لنا جل مُنصرفاتنا الدراسية، إلى جانب منصرف المنزل من مأكل ومشرب وعلاج، فالسودان كان به الكثير من الخير والبركة.
*ولكن في حقبة الحكومة السابقة والتي استمرت ثلاثين عاماً، عاش المُواطن السوداني فيها الكثير من الضيق في المجالات كافّة، وأصبح رب الأسرة يحتاج لأكثر من عمل حتى يفي بالتزاماته تجاه أسرته، وتحوّل الوضع ليصبح في المنزل الواحد خمسة أشخاص يعملون ليلاً ونهاراً ليوفِّروا احتياجات المنزل.
*هذا الوضع جعل الكثير من المُوظّفين وبينهم الصحفيون للبحث عن مصادر رزق جديدة حتى تتوفّر لأُسرهم “وجبتان” لا ثلاث، ومن بين هذه المصادر كان العمل بسيّارات الأجرة “ترحال نموذجاً”.
*الكثير من الزملاء الصحفيين وجدوا في “ترحال” ملاذاً لهم لتغطية مُنصرفاتهم، وصاحب هذه الزاوية كان واحداً من “الرّحّالة” قبل أن تذهب سيارته “بيعاً” لسد نقص ضروري في احتياجات الأسرة الصغيرة، وظللت ومعي الكثير من الزملاء نعول على “سيارات الاتحاد” التي هُرمنا في انتظارها لأكثر من عام!
*أمس قرأت خبراً في أحد المواقع الإلكترونية عن امتعاض عدد مُقدّرٍ من الصحفيين من توقف إجراءات تمليك السيارات للصحفيين، وقالوا إن تلكؤ هيئة الصناعات في استكمال مشروع السيارات رغم مُوافقة شركة جياد ووالي الخرطوم والمجلس السيادي غير مفهوم بالنسبة لهم، وأوضحوا أن المشروع فيه فائدة كبيرة لقطاع الصحفيين الذين قدموا جُهُوداً حثيثة في الثورة.
*لا أدري ما هي الحكمة في تأخير مشروعات قبيلة الصحفيين من الجهات المُختصة، وهم أدرى أنّ عدداً كبيراً جداً من الصحفيين ينتظر استمرار الخدمات التي توقّفت بعد حل اتّحاد الصحفيين كبقية الاتحادات التي حُلّت.
*يجب أن لا يتضرّر أيِّ قطاع وليس الصحفيين وحدهم من حل نقاباتهم، ففي النهاية هُم لا ذنب لهم بقرارات الحل تلك، ولكن الواقع يقول إنّ الصحفيين هُم الأكثر تضرُّراً، فإلى جانب توقُّف مشروع تمليك السيارات، هناك مشروع الإسكان الذي “حُفي” خلفه الكثير من الصحفيين حتى يملكوا منزلاً في أطراف الخرطوم يأوي أسرهم.
*إنّ مشروع السيارات يخدم قبيلة الصحفيين وثورة ديسمبر لم تندلع لإيقاف مشاريع اتحاد الصحفيين الناجحة في النظام السابق، ومن هذا المنبر نرجو من والي الخرطوم التوجيه باستكمال الخطوة والتي قَطَعت أشواطاً بعيدة، ونَرجو كذلك من الوالي أن يقف على سبب تأخُّر هذا المشروع الذي يبدو أنّ التأخير فيه من شُعبة الصناعات.
*إن الكثير من الصحفيين ينتظرون تمليك هذه السيارات حتى يزيدوا من دخلهم لتغطية مُنصرفات أُسرهم، مع العلم أنّ الغالبية العُظمى من الصحفيين رواتبهم لا تُغطِّي احتياجات أسبوع من مُنصرفهم ولا سبيل لهم سوى العمل “رحّالة” حتى يُواجهوا صُعُوبة الأوضاع المعيشية في بلادنا.
*إنّها رسالة من الزملاء الصحفيين إلى والي الخرطوم وإلى رئيس المجلس السيادي ونائبه، مفادها أن انتبهوا لهذه الشريحة المظلومة منذ سنواتٍ طوال، ويتوقّع أن ينصفوا في مُقبل الأيام بالإسراع في إكمال مشروعاتهم الاجتماعية التي توقّفت منذ حَل الاتحاد وفي مُقدِّمتها مشروع السيارات والإسكان وفي انتظار مشروعات أخرى تنصفهم من جور الزمان.