نحن في خطر ونُطالِب بالإجلاء
الجامعة ألزمتْنا بالتحرُّك داخِل الجامعة ومنعتْنا من الخروج
البحثُ عن الأكل الحلال يتم عبر معاناة ونعيش في خوفٍ وذُعرٍ وترقُّب
إدارة الجامعة وفّرت المُعينات وطلاب النفقة الخاصة الأكثر تضرراً
حاورته عبر الهاتف من ووهان مريم أبشر
أبو بكر محمد البابو، طالب الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية بجامعة الصين للجولوجيا رئيس رابطة الطلاب السودانيين بمدينة ووهان، سجين فيروس الـ”كورونا” مع زملائه (159) بمدينة ووهان الصينية المغلقة جواً وبحراً وبراً بأمر الفيروس، بعد أن اعلنت السلطات الصينية عزل المنطقة خوفاً من انتشار المرض في الدولة الأكثر كثافة سكانية في العالم (ما يقارب المليار ونصف المليار شخص)، أبوبكر علي مبتعث من قبل إحدى الجامعات السودانية، تغالبه الأحزان وهو يحكي مأساته وزملاؤه الطلاب لـ (الصيحة) عبر الهاتف رغم تعقيدات التطبيقات من قبل السلطات الصينية، وانشغاله بمتابعة زملائه الموزعين على أنحاء المقاطعة، وتفقد أحوالهم، فضلاً عن ملاحقة قضية إجلائهم عبر البعثة الدبلوماسية.
أبوبكر وجّه عبر “الصيحة” نداءً للحكومة الانتقالية ممثلة في اللجنة التي شُكّلت لمعالجة الأزمة مباشرة، بعد توجيه البرهان بأن تسرع بإجلاء بمن وصفهم بالثروة القومية.
رئيس الرابطة كشف الأوضاع التي يعيشها الطلاب بعد أن تقطعت بهم السبل في أعقاب إغلاق المدينة ومنع الخروج الفردي.. فماذا قال..
- كيف هو الوضع الحالي بمدينة ووهان الصينية؟
مدينة ووهان هي حاضرة مقاطعة خوبي الصينية وهي واحدة من عشرين مقاطعة، ووهان المدينة الأكبر بمقاطعة خوبي، ويوجد بها أكبر ثقل لطلاب الجالية السودانية، وتعتبر المدينة ثالث مدينة في الصين لتجمعات الطلاب بعد بكين العاصمة ومدينة قوانزو من حيث عدد الجامعات.
- كم يبلغ عدد الجالية بالمدينة؟
الجالية السودانية حسب رصدنا في ووهان والمدن الصغيرة بمقاطعة خوبي يبلغ عدد الطلاب وأسرهم حوالي 159 فرداً.
- وهل كل الطلاب في مجمع واحد؟
بالطبع لا، ووهان مدينة كبيرة، ويوجد بها عدد كبير من الجامعات، وكل طالب يقيم في الجامعة التي يدرس فيها، لكن هنالك بعض الأسر تفضل السكن خارج الجامعة، ولذلك نحن موزعون ولسنا في مكان واحد.
- ضعنا في الصورة حول أوضاعكم الصحية وكيف تعيشون؟
حتى الآن (أمس) لم تسجل أي إصابة بالفيروس وسط الطلاب السودانيين، والحمد لله، ولكن لسنا بمعزل عن الخطر، خصوصاً وأن هنالك تبايناً فى معدلات الإصابة وفق المصادر الصينية، مثلًا تم أمس رصد (500) حالة، وقد تزيد أو تنقص وهكذا.. وهذا ناتج من أن فترة حضانة الفيروس تمتد من عشرة أيام إلى أسبوعين، وكل يوم والآخر تظهر حالات.
- إذن حالات الإصابة في ازدياد؟
نعم، الذي يحدث هو أن هنالك زيادة واضحة في الإصابات وأيضًا هنالك حالات شفاء من الفيروس، ولكن قليلة.
- رغم جهود الصين لكن ليس هناك تحسُّن؟
بالطبع الحكومة الصينية تقوم صراحة بمجهود كبير، وسخرت كل الإمكانيات لمكافحة الوباء، وهي حريصة جداً على الأجانب وسلامتهم.
- الوضع في المدينة كيف بدا بعد الإعلان عن الوباء؟
الإعلان عن وباء “كورونا” وظهور الأزمة (لطفًا من الله) تزامن مع الإجازة نصف السنوية بالنسبة لنا نحن كطلاب مع انتهاء الفصل الأول من العام الدراسي، وأيضا تزامن مع الإجازة السنوية للصين، وهي عبارة عن شهر. ودائمًا في الإجازات الكبيرة سكان المدن الكبيرة كـ”ووهان” من الصينيين ليسوا من المنطقة، وإنما من الأرياف والمدن الصغيرة، والريف الخارجي، وتلقائياً حركة المواطنين تكون قليلة بعد عودتهم إلى مناطقهم وأيضاً بعض الأجانب ذهب بعضهم لمناطق أخرى داخل الصين أو عادوا إلى بلادهم، ولذلك لحظة الإعلان عن الفيروس كان عدد السكان قليلاً، بعضهم سافر لمدن صينية أخرى مثل مدينة قوانزو وغيرها.
- وبعد الإعلان عن المرض ما هي الترتيبات التي اتخذت في المدينة؟
بعد الإعلان عن الفيروس وفقًا لإجراءات الأمن والسلامة الحكومة الصينية، سعت لتقليل حركة الناس، الآن حركة القطارات متوقفة، والمترو والمواصلات العامة، المنطقة كلها الآن مقفولة والمقاطعة مقفولة.
بالنسبة لمدينة ووهان الحركة فيها تكاد تكون معدومة، الآن لا يوجد أي مكان يمكن الخروج إليه، ونحن كطلاب مؤخراً غدارة الجامعة ألزمتنا بالتحرك داخل الجامعة فقط، ومنعتنا من الخروج خارج أسوارها.
*وهل الجامعة وفّرت لكم المعينات؟
نعم، الجامعة تحاول توفير المتطلبات، أحيانا يتم دعمنا بأشياء مجانية، ومرات بقروشنا على حسب الاحتياجات.
- إذن حتى الآن أوضاعكم المادية جيدة؟
تقريباً حتى الآن لا توجد مشاكل مادية وسط الجالية السودانية لكن أكثر المتضررين هم طلاب النفقة الخاصة.
وضّح لنا التصنيفات الطلابية للطلاب السودانيين فيما يلي الالتحاق بالجامعات الصينية؟
هنالك مبتعثون، ولكن أغلبية الطلاب السودانيين بالصين حوالى 60% منهم تعليم عالٍ، أساتذة جامعات وجزء آخر جاء عن طريق المنح العادية عبر التقديم الفردي (إلكتروني)، وليس عبر مؤسسة معينة، وهنالك منح على الحكومة، ومنح تأتي عبر المقاطعة، وأخرى عبر الجامعة وهكذا، ولذلك هنالك عدة أشكال للمنح، ولكن أولئك الطلاب الذين أتوا على النفقة الخاصة هم الذين يواجهون مشاكل أكثر من غيرهم، لأن التحويلات تتم عبر (وسترن يونين)، وحالياً البنوك كلها بالمقاطعة متوقفة عن العمل، هؤلاء يعانون معاناة حقيقية.
*وهل هنالك تواصل بينكم وبينهم لمساعدتهم؟
أكيد، نحاول جاهدين للتواصل معهم وتقديم المساعدة لهم على قدر ما نقدر من قبل الرابطة، والأسر أيضاً تعاني لأن معظمها تقيم خارج الجامعة، لأن الجامعة تقدم الخدمات للطلاب الذين يقيمون في مباني وسكن الجامعة، لذلك ( العزابة) أفضل حالًا من أوضاع الأسر. والمعاناة أيضًا تكتمل صورها عندما يكون الطلاب لا يجيدون اللغة الصينية، لأن معظم الخدمات تتم عبر التطبيقات باللغة الصينية، بجانب المسائل المتعلقة بالحلال والحرام، فالبحث عن الأكل الحلال يتم عبر معاناة، في الأوقات العادية نعاني، فما بالك الآن في ظل وضع الإغلاق على المدينة والأزمة. بصورة عامة قد تكون هنالك صعوبات، ولكن بعد الاستشارة تتحصل على احتياجاتك بمساعدة الآخرين خاصة للذين استطاعوا التحدث قليلاً باللغة الصينية.
- صف لنا الأوضاع العامة لكم من ناحية نفسية في ظل انتشار الوباء وإغلاق المدينة؟
المشكلة الحقيقية التي نعيشها حالياً، هي حالة الخوف والذعر والترقب، والمطالبات بالنسبة لأفراد الجالية واضحة، نحن نطالب بالإجلاء. الأن الأغلبية العظمى من الدول أجلت منسوبيها باستثناء دول بسيطة لظروف ما، لم تُجلِ مواطنيها، تقريباً كل الدول العربية أجلت مواطنيها باستثاء اليمن، ونعرف كلنا ظروفها، وأيضا باكستان لأسباب سياسية خاصةبهم ترتبط بعلاقتهم بالصين. لكن أنا وبصفتي رئيس رابطة الطلاب أقولها بصراحه نحن نريد أن نخرج من ووهان.
- حسب متابعاتي هنالك جهود مكثفة تبذلها السفارة بالتنسيق مع الحكومة التنفيذية، هل أنتم على تواصل لمعرفة المستجدات؟
بالطبع، نحن على تواصل مع البعثة ومن بدري جداً رفعنا قوائم بأسماء طلاب الجالية داخل مدينة ووهان أو خارجها وتواصلنا أيضاً مع الجهات الصحية ممثلة في وزارة الصحة، وفصلنا لهم عدد الأسر والحالة المرضية لكل فرد بمساعدة طلاب الطب في الجالية، ولكن حتى الآن ليست هنالك بيانات واضحة من اللجنة العليا التي تشكلت بتوجيه من رئيس مجلس السيادة الذي صدر منذ الثالث من فبراير الجاري توجيهاً بإجلاء الطلاب والأن مرّ أكثر من أسبوعين على ذلك التوجيه الخاص بسرعة إلاجلاء، وحتى الآن كل مرة نسمع عن تأجير طائرة ومن ثم يصل إلينا أن المفاوضات تعثّرت.
*إذن أنتم الآن تحت الضغط أليس كذلك؟
أقولها، والله نحن تحت ضغط رهيب جداً نعيشه، لا ندري هل سنرجع، ولا ندري هل نُكيّف أنفسنا على البقاء.
*إذن ما المطلوب إيصاله للسلطات؟
نريد بياناً واضحاً وشفافاً من المسئولين في اللجنة التي تشكلت، نريد أن ينوِّرونا بما يحدث . صحيح نحن نتواصل مع السفارة ولكن بيت القصيد كله لدى اللجنة العليا بالخرطوم. ودعيني هنا ألوم الإعلام السوداني لأن تفاعله ضعيف للأسف مع الجالية، هنالك بعض الإشارات على استحياء تتناول قضيتنا، وهنالك جزء كبير من الصحف تعمل على تشويش قضيتنا، قضية طلاب الصين المحتاجين للإجلاء العاجل معروفة، أين هم، وفي أي منطقة، ولكن عندما يصدر خبر في إحدى الصحف السودانية بعودة خمسمائة طالب يمثل تشويشاً لأزمتنا، الكثيرون يظنون أننا رجعنا، الأزمة ليست في كل الصين أي طالب في أي مقاطعة أخرى غير خوبي وتحديدا ووهان يمكنه أن يخرج بسهولة، إلا إذا لم يرغب في الخروج، ولكن نحن الموجودون في ووهان يستحيل علينا الخروج ولا يسمح أي خروج فردي، المقاطعة كلها مقفولة، وليس هنالك أي مخرج إلا عبر الإجلاء والذي يتم عبر توفير طائرة خاصة من دولتك ومباشرة نحو بلدك، لا يوجد أي خيار لحل فردي.
ونقولها الآن الذين يحتاجون للإجلاء السريع هم طلاب مدينة ووهان بمقاطعة خوبي، وهم للعلم نسبة كبيرة منهم أستاذة جامعات وهؤلاء ثروة قومية، صحيح الأعمار بيد الله ولا نخاف الموت، لأن الموت يأتي لأي شخص ولو كان في برج مشيد، كما جاء في تفسير الآية الكريمة، ولكن زملائي الدولة صرفت عليهم وأغلبهم على أعتاب التخرج باعتبار هذا العام الأخير لهم، فمن باب أولى أن تكون الدولة أكثر حرصاً عليهم وعلى سلامتهم.
*هل هذا مؤشر على أنكم في خطر؟
نعم، نحن في خطر حقيقي ونتمنى صوتنا يصل عبر صحيفتكم العامرة ولكم جزيل الشكر على تفقدكم للجالية السودانية في مدينة ووهان. ودعيني أشير إلى أن العدد الكلي (159) بالأسر، أغلبهم في ووهان ومدن صغيرة، وأغلبهم مبتعثون من جامعات سودانية، جزء منهم منح مختلفة، وجزء على النفقة الخاصة بمختلف التخصصات، ومعظم التخصصات تطبيقية.