ذات وسيرة !!
*كل ذات لها سيرة..
*وهي بها معجبة… كما يُعجب المرء بصورته في المرآة..
*فكل من يتقدم لوظيفة – مثلاً – يتأبط سيرةً يحرص على أن تكون جميلة..
*لا أحد يقول في سيرته أن ثمة عيوباً في (ذاته)..
*ربما الفلاسفة وحدهم – حسبما ذكرت مرةً – هم الذين لا يخجلون من سيرتهم..
*يسردونها بخيرها… وشرها… وطبائعها؛ ويحبونها كما هي..
*وهنالك فرق – كما هو معلوم – بين سيرة ذاتية لوظيفة…. وأخرى للتاريخ..
*ولكن حتى الثانية هذه تبرزها (الذوات) في أبهى حلة..
*والأنظمة السياسية لديها سِيَر ذاتية كذلك؛ منها ما تحبها… ومنها ما تكرهها..
*وأعني الأنظمة التي تجيء وتذهب… بمجيء وذهاب (الذوات)..
*لا الأنظمة الممتدة – ذات الإرث الديمقراطي – التي تبقى… ويذهب الرئيس..
*ونظام الإنقاذ عندنا – على سبيل المثال – ما كان يحب سيرته الذاتية أبداً..
*فهو لم يكن يتذكر بيانه الأول… ولا يحب أن يُذكَّر به..
*ولا أن يُذكَّر بعبارة (لو رأيتمونا تطاولنا في البنيان فاعلموا أننا فسدنا)..
*ولا أن يُذكَّر بشعار (أمريكا قد دنا عذابها)..
*ولا بأنشودة (نأكل مما نزرع… ونلبس مما نصنع… ونسود العالم أجمع)..
*والناصريون لو كتبوا سيرة نظامهم الناصري لجعلوه (كاملاً)..
*ولشرعوا في تبرير النكسة إلى حد إحالتها انتصاراً..
*ولبحثوا عن تبريرات لوحشية صلاح نصر – وجهاز أمنه – حتى لتحسبه ملاكاً..
*والمايويون يكتبون في سيرة نظامهم إنه راح ضحية (انقلاب)..
*لا ضائقة معيشية… ولا كبت للحريات… ولا تظاهرات بالألوف في الشوارع..
*والسيرة الذاتية لنميري عندهم هي (الرجل والتحدي)..
*ونقرأ القرءان… ولا تستوقفنا أبداً (أمانة) السرد في سيرة بعض الرسل الذاتية..
*فنوح ما كان يعلم أن ابنه نتاج (عمل غير صالح)..
*وموسى قتل نفساً… وما كان يُبين في كلامه… ولم يصبر على العبد الصالح..
*وذو النون ذهب مغاضباً… وظن أنْ لن يقدر عليه الله..
*ونبينا – عليه صلاة وتسليم – عبس وتولى…أن جاءه الأعمى..
*وألح على زيد بأن يمسك عليه زوجه….. وهو يخفي في نفسه ما الله مبديه..
*وهنالك أناسٌ لا سيرة لهم… ولكن ذواتهم صارت فجأة شيئاً..
*وهؤلاء يعمدون إلى ملء (فراغات) سيرتهم هذه بأي (ردم) مستحب..
*يصعب على الكثيرين منهم قول (لم نكن شيئا)..
*ولكن لم يصعب على كاتب هذه السطور هذا القول… حين طُلبت منه سيرة ذاتية..
*رغم أن ذاته هذه (ذاتها) ما كانت شيئاً ؛ ولن تصير شيئاً..
*والطالب زميلٌ مُوثِّق يعكف على توثيق سِيَرٍ ذاتية لنفر مختار من الصحافيين..
*واختار صاحب هذه الزاوية من ضمن المختارين..
*فاعتذر له بأنه (ذات)….. نعم..
*ولكن بلا (سيرة !!).