العسكريون والمدنيون.. اختبار الشراكة!!
تقرير: صلاح مختار
انتقد نائب رئيس المجلس السيادي الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، بشدة بعض الأصوات داخل أحزاب الحرية والتغيير التي قال إنها تهدد الفترة الانتقالية بانتقادها العسكريين. وقال: هناك أصوات من الحرية والتغيير أوصلت البلاد للحالة التي تشهدها الآن. كما أوضح أن هنالك بعض الأشخاص في قوى الحرية والتغيير حاربوا كل الدول التي ساعدت السودان، وظلوا يشتمونها ليل نهار. وقال تلك الدول دعمت السودان بمبلغ ملياري دولار ونصف المليار ووديعة (500) مليون دولار لبنك السودان المركزي، وبرغم ذلك تعرضوا بسوء الحديث لبعض الجهات وأبدى استغرابه لهذا الموقف عن من يدعم السودان.
هذا التشاكس والاختلاف في عرض الرأي والرأي الآخر داخل قوى التغيير من شأنه أن يلقي بأعباء إضافية على الحكومة الانتقالية، وبالتالي قد تصبح تلك الأصوات (خميرة عكننة) بين المكونين، المدني والعسكري مما يهدد الفترة الانتقالية.
عكننة المشهد
الخلافات بين المكونين (العسكري والمدني) ستؤدي في النهاية إلى عكننة المشهد الداخلي وتؤثر على الوضع الانتقالي، هذا ما أكده لـ(الصيحة)، أستاذ جامعي ومحلل سياسي اشترط عدم ذكر اسمه، وقال إن حميدتي يتحدث من منطلق الشراكة العامة، ولذلك عندما تكون هنالك شراكة بين شخصين فلابد من مراعاة تلك الشراكة.
قضية وطن
ولكي تحجم الأصوات النشاذ حسب الأستاذ الجامعي، فإننا نحتاج لكل السودان، وليس فقط للشراكة، لأن القضية الأساسية قضية الوطن وبنائه بغض النظر عن الاختلافات الأخرى، والعمل نحو هذه البوصلة. ودعا إلى التخلي عن المصالح الشخصية والاتجاه لرحاب الوطن الكبير، لأنه في النهاية إذا أردت أن تبني وطناً عليك أن تكون أكبر من مستوى التحدي وليس بمستوى شخص يعمل بالصغائر ويتشاجر مع الآخر وهو ما يضر المرحلة الانتقالية، ولا يعبر بها إلى الأمام.
تناغُم الأصوات
ربما لأن السودان الآن أحوج إلى وحدة الأصوات وتناغُمها، فإن مصادرة الأصوات التي تشكل خميرة عكننة كما يراها المصدر السابق، مهم بالضرورة لقياس رحلة المليون ميل، ولذلك يجب أن نحافظ على بناء شراكة قوية خالية من العيوب، وأن نمضي بها بعيداً عن النظرة الضيقة. وقال: أي خلاف أو أصوات داخل قوى التغيير قد تؤثر بشكل مباشر على شكل العلاقة بين المكونين، وفي النهاية سوف نحصد الفشل، وهو لا يحسب على المكونات وحدها فقط ، وإنما على كل السودان، ولذلك من الضروري أن يكون للشجارات حد محدود، وليس أكثر من اللازم.
طلاق بائن
يُعضّد ذلك الاتهام والانتقاد في وجهة نظر القيادي بقوى الحرية والتغيير د. صلاح الدومة في حديثه لـ(الصيحة) بصحة ما قاله (حميدتي) حيث جزم بصحة وجود أصوات داخل التغيير مسببين تهديداً للفترة الانتقالية، لجهة أن قوى الحرية والتغيير مُخترقة من الداخل من الدولة العميقة ـ على حد قوله ـ وأن عدداً كبيراً منهم ممثلون لتلك الدولة ينفذون سياساتها وأجندتها، وقال إن حميدتي شخص واضح، ويرى أن كل الدلائل والشواهد تدل على أنه حدث طلاق بائن بينه والدولة العميقة، وبالتالي كما قال مُخلص للثورة، وقال: إذا كانت هنالك سلوكيات من أي جهة داخل قوى إعلان التغيير فهم ممثلون للدولة العميقة، وليسوا ممثلين للثوار أو الثورة، ولذلك يجب مواجهتهم بتلك الحقائق، وقال: تلك قضية لا تُحَل إلا بتلك الصراحة الواضحة.
الأقوال والأفعال
ورغم الصورة القاتمة التي رسمها الدومة في حديثه، إلا أن التعويل على الشراكة يصبح المحك لقيادة فترة انتقالية بعيداً عن التجاذبات وعدم الثقة، ولذلك يرى أن الشراكة ورغم ذلك تمضي إلى الأمام . بيد أنه يرى لولا سوء النية والاختراق من الدولة العميقة، كانت ستصبح فائدة الشراكة (100%). ودعا إلى ألا نحكم على المجلس العسكري ككُتلة واحدة، وقال: حميدتي مثلاً شخص مُخلِص للثورة والثوار، ولا يمكن أن نضعهم في سلة واحدة، ولابد أن يقوم كل واحد منهم وفقاً لتصريحاته وأقواله وأفعاله، لأن الكثير من الأفعال تُكذّبها الأقوال.
دعامة أساسية
كلٌّ من المُكوِّن العسكري والمدني، في وجهة نظر المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر لـ(الصيحة) وبتكويناته المختلفة بالنسبة للحرية والتغيير، يمثل الدعامة الأساسية لاستمرار الفترة الانتقالية واستكمال مرحلة الانتقال إلى الواقع الديمقراطي المنشود الذي يتطلع إليه الشعب السوداني في ثورته. لذلك أياً ما كانت المشاعر الشخصية أو ذات الصفة المهنية، يجب أن يكون هناك تجاوز لتلك المشاعر، والاتجاه بقوة لمستقبل البلد بكل الوسائل المتاحة، وذلك بعد انتهاء الحالة الشمولية. وزاد بقوله: عن طريق الديمقراطية والقضاء يمكن المحافظة على مسيرة البلد نحو الديمقراطية واللامركزية واحترام القانون في المرحلة القادمة.
وقال خاطر: لابد أن نتحمل بعضنا البعض، ونتجاوز عن كل ما يُعكّر صفو العلاقة بين المُكوِّنيْن، ولا يمكن الصعود إلى الجبل دون المنعرجات والمنعطفات والصخور التي تعوق المسيرة، ولكن إرادة الأمة أقوى ـ على حد تعبيره.