صناعةُ الثورة المُضادّة..!!
* كثيرةٌ هي الرسائل التي قَصَد إرسالها نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي، لمن يَهُمّهُم الأمر، ولكن أهمّها ما يلي بالنص: (الآن ليست هناك شَراكة، يُفترض أن تكون هناك شراكة حقيقية، وطالما أنه ليست هناك شراكة أرى أن يتم إخراجنا من المجلس، ونذهب إلى ثكناتنا)، في حوار مع فضائية (S24).. ويكشف هذا الحديث أن العلاقةَ ما بين مَن يُمثِّلون المؤسسات العسكرية ومَن يُمثلون قوى الحرية والتغيير (ليست عامرة)..!!
* وفي الخاطر، في ذات سجال بينهما، في يوليو 2019، كتبتُ ما يلي بالنص: (ما يحدُث بين المجلس العسكري وقوى الحرية – من شدٍّ وجذبٍ – يُعيدُ إلى ذاكِرة الناس ما كان يحدُث بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في عهد الحكم الثنائي (نيفاشا).. نفس المَلامِح والشبه، وذات الطباع.. لقد أخطأ تجمّع المهنيين بالوقوع في أحضان أحزاب الحرية والتغيير، إذ كان عليه أن ينفرد بالتفاوُض مع المجلس العسكري ثم تشكيل الحكومة الانتقالية..!!
* وكثيراً ما نصحْنا السادة بقوى الحرية والتغيير بضرورة احتواء المجلس العسكري، بحيث يكون شريكاً مثالياً في المرحلة الانتقالية، وحامياً للنظام القادِم من مَخاطِر الثورة المُضادة و(الانقلابات)، ولكنهم لا يستَمِعون لصوت العقل، بل يعشقون التهريج.. فالمجلس العسكري يُمثِّل المؤسسات العسكرية التي ساهَمَت في نجاح الثورة والتغيير، وكذلك يُمثِّل المؤسسات العسكرية التي تقع عليها مسؤولية حماية الحريات والديمقراطية.. وليس من الذكاء السياسي تأليب الرأي العام على شركاء الثورة والتغيير وحُماة الديمقراطية..!!
* ولكن زعماء قِوى الحُرية والتغيير لم يَستَبِينوا النُّصحَ حتّى نَفَد صبرُ الجيشِ ثم باغَتَهم المجلسُ العسكري بفض الاعتصام، ثم إيقاف المُفاوضات، وإلغاء ما تمّ الاتفاق عليه.. ولولا الوُسطاء لأعلَن المجلس العسكري (حكومته المدنية).. والمُهم، سوف يتواصَل الضربُ تحت الحِزام حتى بعد العودة إلى المفاوضات، وما بعد الاتفاق أيضاً.. نعم، آجلاً أم عاجِلاً، سوف يتم الاتفاق بين المجلس العسكري وقِوى الحرية والتغيير على تشكيل (حكومة شريكين أخرى)، أي كتلك التي كانت بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية..!!
* ولكن المُؤسِف، لن يتوقّف الضربُ تحت الحِزام بين المجلس العسكري وقِوى الحُريّة والتغيير حتى وهُما على (سُدّة السلطة)، أي كما كان يحدُث بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية.. لن يتوقف الضربُ تحت الحزام بينهما، ليدفع المواطن ثمن شراكتهما.. فالكل تمنّاها شراكة مثالية تقود البلاد إلى مرحلة الحرية والسلام والعدالة.. ولكن للأسف، من وحي ما يحدُث حالياً، فإن الشراكة بين المجلس العسكري وقوى الحرية لن تكون مثالية حتى ولو تنازَل أي طرف للآخر عن كل مَقاعِد المجلس السيادي..!!)
* انتهت نصوص الزاوية التي تكهّنت – قبل الاتفاق وتشكيل حكومة حمدوك – بأن العلاقة بين العسكر وقِوى الحرية والتغيير لن تكون مثالية، وكما ذكرت فإن السبب هو خطأ تجمع المهنييّن.. لقد أخطأ التجمّع بتسليم السُلطة للأحزاب، إذ كان عليه أن يكون شريكاً مع العسكر في (حكومة مهام مُحدّدة)، لا علاقة لها بقِوى الحرية.. المُهم، ثمة نصيحة (غالية جداً).. من الغباء السياسي أن تتّخذ أحزابٌ بتحالُف الحرية والتغيير من يمثلون المؤسسات العسكرية (أعداءً).. مثل هذا النهج يَصنَع الثورة المُضادة و(بيانَها الأول)..!!