تقرير: مريم أبشر
تتزايد المخاوف والهواجس يوماً بعد يوم في جميع أنحاء العالم، في ظل ازدياد مضطرد وانتشار لفيروس كورونا المعدي الذي ضرب أجزاء واسعة من الصين، في وقت عجزت فيه الصين حتى الآن رقم تأكيدات حكومتها بأن (المرض لو ضرب أي دولة غيرها لفتك بها)، في وقت ازدادت فيه مخاوف الأسر السودانية التي تترقب وصول أبنائها في أي لحظة بعد أن أعلنت الحكومة الانتقالية عبر أرفع قيادتها (رئيس المجلس السيادي) مسئوليتها عن نقل الطلاب السودانيين من المنطقة الموبوءة (ووهان) للخرطوم، بيد أن تعقيدات بالغة عرقلت الجهود الجبارة التي تبذلها سفارة السودان ببكين، ممثلة في القائم بالأعمال الوزير المفوض عصام الدين الخضر، حالت دون الإيفاء بالموعد الذي حدد بشكل مبدئي بناء على معطيات الواقع الأربعاء من الأسبوع المنصرم تتعلق كلها بملابسات الطيران.
استثمار في الأزمة:
معلومات موكدة تحصلت عليها (الصيحة)، أشارت إلى أن الجهود التي بذلتها بعثة السودان ببكين، بالتنسيق مع وزارة الخارجية، وهيئة الطيران المدني الخاصة بإجراء تعاقدات مع شركات تجارية أسهمت تعقيدات مالية مقرونة بمحاولات شركات بعض الدول ممارسة قدر من الطمع والاستثمار في الأزمة برفع قيمة التعاقد وجعلها تعجيزية متجاوزة السقف المالي الممكن، حالت دون الإيفاء بالمواعيد المبرمة لنقل الطلاب السودانيين من منطقة ووهان الموبوءة بفيروس كورونا في وقت تزيدات فيه نسبة انتشار المرض، رغم الجهود الضخمة التي تبذلها السلطات الصينية لمكافحة الفيروس.
في ذات الوقت أكدت مصادر دبلوماسية ببكين لـ(الصيحة) أن الطلاب السودانيين، يتمتعون بصحة جيدة، وأنهم تحت الرعاية الصينية، وحسب آخر المعلومات، فإن أياً من الطلاب السودانيين البالغ (159) لم يصب بالفيروس وأنهم بكامل الجاهزية للعودة للخرطوم في أي لحظة، حالما اكتملت الترتيبات.
ضجر وقلق:
طول الأمد وترقّب السفر خوفاً من الفيروس المُزعِج في ظل تزايد الإصابات والوفيات، دفع الطلاب السودانيين بـ”ووهان” لإصدار البيانات والمناشدات والتنديد بالتأخير والمماطلة في ترحليهم من ووهان واتهام السفارة والحكومة بالتقصير.
غير أن مصادر متحركة في تنفيذ المهمة ببكين أكدت لـ(الصحيفة) أمس، أن البعثة على تواصُل مستمر مع الطلاب عبر خطوط هاتف مفتوحة لبث الطمأنية وتبليغهم بالتطورات أول بأول، ووضعهم في الصورة مع الوقوف على أحوالهم.
محاولات ومتاريس:
وبعد تعثّر جهود أولية لنقل الطلاب بمجهودات وفرتها دولة صديقة، لجأت البعثة وبتنسيق مع الجهات ذات الصلة لتأجير طائرة تجارية من إحدى الدول، غير أن أسعاراً تعجيزية وإجراءات معقدة حالت دون اكتمال العقد واستمرت المحاولات في سباق مع الزمن، مع الحكومة التنفيذية بالخرطوم، والتفكير في شركات طيران تجاري صيني، وقطعت المحاولة أشواطاً بعيدة مع الحكومة الصينية ممثلة في وزارة الخارجية، ورغم الموافقة المبدئية وبدء الترتيب لإكمال الإجراءات، إلا أن بكين تراجعت عن إكمال المهمة، واعتذرت رسمياً عبر الخارجية لبعثة السودان في بكين لقناعتها بأنها قادرة على احتواء المرض، وأن أي خطوة من هذا القبيل تعتبر هزيمة للسياسة التي وضعتها ولقناعتها الراسخة بأنها تمتلك من القدرة ما يجعلها تسيطر على الوباء وتقضي عليه، وأنها تحكم السيطرة عليه، ولا تشجع الجاليات للخروج لجهة أن البقاء أفضل وأضمن لقطع الطريق أمام انتقال العدوى، وأنها لا يمكن أن تقوم بإجراءات تناقض بها نفسها.
ومع تزايد الإحباط بعد فشل المساعى كلها، تجدّدت الآمال مرة أخرى بعودة دولة صديقة للمشهد، وتجديد التزامها بنقل الطلاب السودانيين. وتبقّى فقط إكمال عمليات الإجراءات وتحديد زمن الرحلة.
ملامة إقليمية:
عددٌ كبير من الدول بادرت بإجلاء منسوبيها من الصين خوفاً من الإصابة بالمرض في ظل تزايد حالة الانتشار، غير أن جهود الحكومة السودانية وجدت بعض الملامة من قبل بعض دول الإقليم المجاور خوفاً من إثارة الرأي العام عليها في بلادها أن مضى السودان في الخطوة، وذلك لخوفهم من أن يُسهم الإجلاء في نقل الفيروس لبلادهم، فضلاً عن قناعتهم بأن الصين وفي ظل توفر الإمكانيات الكافية لديها لمكافحة الفيروس ومعالجة مصابيه قادرة على كسب الرهان والقضاء على الوباء وإعلان الصين دولة خالية من كورونا بنهاية مارس وبداية أبريل حسب المخطط المرسوم. لكن المؤكد وفقاً لمتابعة “لصيحة” أن السفارة تبذل قصارى جهدها وأن الساعات القادمة ستشهد نقل الطلاب من ووهان وأن كل الترتيبات اكتملت لذلك بما فيها دار الإيواء في منطقة تقع جنوب الخرطوم.
فلاش باك:
ويرجع تاريخ ظهور الواباء بالصين حسب رصد وزارة الصحة الصينية لديسمبر من العام الماضي، حيث ظهرت أول حالة بمدينة ووهان، واكتشف العلماء الصينيون أن الفيروس من سلالة كورونا، ما أدى لتفشي الالتهاب الرئوي الفيروسي، لكن لا تزال هناك الكثير من الأمور المجهولة عن الفيروس، بما في ذلك كيفية انتشاره والأمصال التي يمكن أن تقضى عليه رغم تكثيف الجهود من قبل العلماء الصينيين لبحوثهم.
جهود صينية ولكن!
سفير السودان السابق في بكين علي يوسف، أشار في حديثه لـ(الصيحة) للمجهود الضخم الذي تبذله الحكومة الصينية وتسخيرها لكل الإمكانيات لاحتواء الفيروس، ومع ذلك فإن أكثر من 20 ألف حالة جديدة ووفاة أكثر من ألف وخمسمائة حالة وفاة، وأن الوضع ليس بالسهل وهنالك مخاطر كبيرة بسبب عدم التوصل لمصل ناجع للقضاء عليه، وطالب الحكومة لبذل كل الممكن ومهما كلف ذلك، لإجلاء الطلاب السودانيين من ووهان، ووجه الدعوة لشركات الطيران السودانية بأن تسهم في هذه القضية الإنسانية، وتساعد في إجلاء الطلاب الذين تترقّب أسرهم القلقة وصولهم في أي لحظة.
.