صفوري !!
والعنوان حمّال أوجه..
فهو قد يعني إنساناً يميل لون وجهه إلى الصفرة..
وقد يعني تلميذاً أدمن الحصول على الدرجة صفر في المواد؛ أو ما دونها بقليل..
وعند بني شائق قد يعني ثمار النخل عند تحوّل لونها للأصفر..
وتقابلها بالنوبية مفردة (قلّو)..
وترتبط المفردة هذه بطائرٍ يُسمى (قلّو كب)؛ أي آكل الرُطب… وله قصة قديمة..
أو هي أسطورة… تعود إلى زمان نبي الله سليمان..
فقد اشتكى النسوة – حينها – مما يلحق بأجسادهن من تشويهات؛ إرضاءً للرجال..
ومنها الختان الفرعوني…و(دق) الشفاه… ووشم الوجوه..
وبحثن عن طائر يحمل رسالتهن تلك لسليمان؛ لبعد المسافة… وفهمه منطق الطير..
فأبت الطيور جميعها عدا واحداً..
وهو الذي سُمي – للسبب هذا – (سلمان فقير)…أو قلّو كب؛ آكل (الصفوري)..
فغاب الطائر زمناً… ثم عاد إليهن بالبشارة..
وهي: لا ختان…لا دق شفاه… لا وشمٌ على جانبي الوجه؛ وكلها عاداتٌ مؤلمة..
ولكن الرجال رفضوا تخلي النساء عما يرضيهم..
ورغم هذا الرفض الذكوري اقترن الطائر بالبشريات؛ فإن غرد فثمة خيرٍ آت..
بل هو يتكلم؛ ولكن بالنوبية..
ويوم الأول من أمس احتفل نادي الهلال بمرور ما يقرب من قرن على تأسيسه..
بمرور تسعين عاماً؛ وما من بطولة خارجية واحدة..
فسجل إنجازاته – في هذا المجال – صفر… أو صفرٌ دولي…. أو (صفوري)..
ولا يتفوق عليه سجل خصمه المريخ إلا قليلا..
فهو لم ينجه من صفرٍ دولي مماثل إلا كأس مانديلا اليتيم؛ وكؤوس سيكافا الصفيح..
وسجلاهما هذان يشبهان سجلنا السياسي منذ الاستقلال..
فلا إنجازات حضارية تناسب ما يربو على الستين عاماً؛ على الصُعد كافة..
وهي بمقاييس عمر الشعوب عظيمة..
ففي عشرة أعوام – مثلاً – استطاعت ماليزيا بناء دولة عصرية من نقطة (صفوري)..
ومن الصفوري كذلك تمكنت إثيوبيا من إحداث نهضة تنموية..
بل حتى رواندا تجاوزتنا بمراحل حضارية رغم مجازرها التي لم تنته إلا قريبا..
وتحديداً في العام (94)… أي بعد انقلاب الإنقاذ بسنوات..
وما تبقى من عمر الإنقاذ هذا قفزت به إلى الأمام بينما نظام البشير محلك سر..
حتى أموال النفط التي كانت كفيلة ببناء بلادنا سُرقت..
والآن – وبعد نحو عام من ثورة ديسمبر – ما زلنا ننتظر تحركنا من محطة صفر..
ونترقب ظهور (قلّو كب) ليبشرنا بزوال ما يؤلمنا..
ونتطلع إلى اليوم الذي نغادر فيه الترتيب الذي عشقه نادي الهلال تسعين عاماً..
صفوري !!.