*منذ لقاء رئيس المجلس السيادي الفريق عبد الفتاح البرهان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وجُل الحديث في الساحة السياسية حول التطبيع مع إسرائيل، وربما لو الأزمات الخانقة في المحروقات والمأكولات “الخُبز” لما تناولت الأسافير حديثاً آخر سوى لقاء عنتيبي.
*منذ اللقاء قُلنا في هذه الزاوية، إنّ الطريق إلى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب يمر بتل أبيب، ولا طريق سواه، وإن إشارت واشنطن بغير ذلك فهذا للتمويه فقط .
*بالأمس في حوار صحيفة “الشرق الأوسط” مع رئيس المجلس السيادي تأكّدت هذه المعلومة، حيث أكّد البرهان على وجود دور إسرائيلي في قضية رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.
*ربما المعلومة الرسمية التي جاءت في حوار البرهان أن جُل الشعب السوداني مُؤيِّد للتطبيع مع إسرائيل، ففي السابق كانت مجرد أخبار تتبادل في مواقع التّواصُل الاجتماعي، ولكن بالطبع معلومة تخرج من رئيس المجلس السيادي تكون قد خرجت بعد تفحيص وتمحيص وجمع بيانات وتحليلها ولا تخرج “ساااكت كدا”، مع العلم أنّنا كُنّا على قناعة بأنّ الشعب السوداني وصل إلى مرحلة لا تُوصف من الضيق وشظف العيش!!
*وقلنا من قبل ونقولها ثانياً، إنّ كل العالم العربي له علاقات مع إسرئيل، وكذلك دول الجوار الأفريقي لها نفس العلاقات، وليس هناك سبب منطقي واحد يجعل السودان يحمل العداء لإسرائيل ونحن بعيدون عنها جُغرافياً.
*بل حتى فلسطين “المُحتلة” لها علاقة مع الدولة التي تحتلها، فلماذا نُعاديها نحن، والعالم أجمع يعلم أنّ الكثير من الأبواب مغلقة بسبب هذا العداء الإسرائيلي.
*حوار البرهان مع “الشرق الأوسط” أكد بما لا يدعي مجالاً للشك أن مسألة التطبيع فقط تحتاج لبعض الزمن خاصة بعد تشكيل لجنة مُصغرة لدراسة هذه العلاقة وترك أمر التواصل مع الجانب الآخر للجهاز التنفيذي للسير فيه وفق ما تقتضي مصلحة السودان.
*مُخطئٌ من يظن أن هذا التطبيع لن يعود بالنفع على الاقتصاد السوداني، ومُخطئٌ من يظن أنّ إسرائيل بإمكانها أخذ ما تُريد دُون أن نجد منها ما نريد، فالعلاقة المُشتركة تقوم على المنفعة المُشتركة، فنحنُ نُريد مصلحتنا وهم كذلك يُريدون مصلحتهم، ومُؤكّد لا يُريدون إقامة علاقة مع الخرطوم “لسواد عيونا” ولا نحب علاقة معهم “لجمال طلعتهم”، فالسياسة تقوم على المصالح المُشتركة وهذه ليس بدعة وإنما سياسة منذ قبل الإسلام.
*حسناً حوار البرهان، وضع الكثير من النقاط على الحروف، خَاصّةً فيما يتعلق بتسليم قائمة المتهمين إلى المحكمة الجنائية وما دار حولها، وقصة “الناشطين” الذين يُريدون خلق هواة بين المكونين العسكري والمدني وغيرهما من القضايا سيجدها القارئ في هذه الصحيفة، ولكن مَا يهمنا هو تغيُّر عقلية ساسة السودان الذين بدأوا يُفكِّرون في الطريق الصحيح نحو مصلحة السودان العليا التي في سبيلها بالإمكان أن تقيم علاقة مع “الجن الأحمر” طالما فيها مصلحة للشعب السوداني.
*نرجو أن تُسارع الحكومة الانتقالية في خطواتها نحو هذه السياسة حتى يُرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، خَاصّةً بعد أن رفعت ألمانيا الحظر عن السودان والذي فُرض عليه من العام 1989م.