التطبيع مع إسرائيل مفتاح رفع السودان من قائمة الإرهاب
أطراف التفاوض كلها لها إرادة قوية في الوصول إلى سلام
أي خطوة تُعيدنا للمجتمع الدولي خطوة صحيحة
أتوقع تواصُل ارتفاع سعر الصرف في ظل خلافات (قحت)
رفع الدعم عن المحروقات يحُدُّ من تهريب الوقود لدول الجوار
حوار: شادية سيد أحمد
تصوير: محمد نور محكر
دعا القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي، كبير مفاوضي مفاوضات جوبا، دكتور عمر عثمان، الشعب السوداني إلى الالتفاف حول السلام، وناشد ثوار التغيير ولجان المقاومة كذلك الالتفاف حول السلام تماشياً مع شعارات الثورة “حرية سلام وعدالة” وأن الحرية والعدالة لن يتحققا بدون تحقيق السلام، ومشاكل السودان الاقصادية، وإنعاش الاقتصاد لن يتم بدون سلام، ولن يكون هناك تقدم أو تطور أو ديمقراطية بدون تحقيق السلام.
كما توجه دكتور عمر بهذه الرسالة إلي الشعب السوداني عبر هذا الحوار الذي أجرته معه “الصيحة”، إلى جانب كثير من القضايا التي تطرق إليها المتصلة بالراهن السياسي.
*بداية دكتور عمر، حدّثنا عن الوضع العام في السودان؟
– الوضع العام في السودان بالنسبة للمواطن العادي ينظر إليه أنه متأزم، أما نظرة السياسي والمختص تختلف عن نظرة المواطن العادي، نسبة لان المواطن العادي ينظر إليه من بوابة الوضع المعيشي، وهذا هو المفتاح الحقيقي الذي يقيم من خلاله الوضع العام بالنظر لأزمة الوقود والخبز والأسعار العالية والمواصلات، وما إلى ذلك، نسبة لأن الرؤية المتخصصة تهم النخب والسياسيين.
*إذاً، ما هي الرؤية للوضع العام من وجهة نظر السياسيين والمختصين وأنت واحد منهم؟
– ما يحدث الآن بالنسبة الوضع العام في السودان، هي أعراض، والتشخيص الحقيقي إنما يدور في الوضع العام له أسباب وجذور حقيقية للمشكلة، يجب التعاطي معها، وبداية التعاطي معها، يتمثل في كيفية إنعاش الاقتصاد السوداني، وإنعاش الاقتصاد السوداني، يتأتي من متطلبات صعبة وتحتاج إلى جرأة من القيادة السياسية تتعلق بالدخول والانفتاح على المجتمع الدولي، والسودان خلال الثلاثين عاماً الماضية كان منغلقاً علي نفسه، وأصبح في عزلة عن المجتمع ، مما تسبب في فرض عقوبات عليه، أدت إلى تدهور الاقتصاد السوداني، وعدم انتعاشه الذي يتحقق من خلال الاستثمارات ورؤوس الأموال الخارجية التي تلعب دوراً حقيقياً في انتعاش الاقتصاد، وهذا واحد من أهم العوامل لإنعاش الاقتصاد، ويجب الانفتاح على المجتمع الدولي وفك العزلة التي عاشها السودان خلال الثلاثين عاماً، وأعتقد أن الحكومة الحالية الآن تسير في اتجاه فك العزلة الخارجية مع المجتمع الإقليمي والدولي، وعلي رأس هذا المجتمع الدولي الولايات المتحدة الاميركية التي تؤثر على الساحة السياسية في العالم.
*بما أن الحديث عن العلاقات الخارجية، كيف تقرأ لقاء رئيس مجلس السيادة برئيس الوزراء الإسرائيلي، هل هي خطوة في اتجاه فك العزلة؟
– تطبيع العلاقة بين السودان وإسرائيل يعتبر حديث الساعة، ما هي الأسباب التي دعت إلى مقاطعة إسرائيل، وهل هذه الأسباب زالت أم لا تزال موجودة، وهناك أسئلة كثيرة تتطلب التجرد الوجداني والعواطف وأن تتم مخاطبة العقل، والآن نحن نتجه نحو العتبة الأولى والتوجه الحقيقي نحو فك الحصار عن السودان وإعادة علاقاته الدولية ودوره الطليعي في المجتمع الدولي. وعلاقة السودان مع إسرائيل تبنى على المصلحة المشتركة بين الشعوب وليس إسرائيل فقط، بل مع كل الدول، والحديث عن الوقوف ضد إسرائيل يعتبر موقفاً أيدلوجياً نابعاً من الفكر الإسلامي أو الحركات الإسلامية، ونعتقد أن العوامل التي دعت إلى إصدار اللاءات الثلاثة ومقاطعة إسرئيل انعدمت، وكل العالم والدول العربية الإسلامية لها علاقات مع إسرائيل.
* نحن كسودان هل هي خطوة في الاتجاه الصحيح بالنسبة لنا؟
– أعتقد أن أي خطوة تعمل على إعادة السودان للمجتمع الدولي والعلاقات الخارجية هي خطوة صحيحة، ويجب أن تُدعَم وتُعضَّد، ويتم الدفع بها إلى الأمام.
*بعد هذه الخطوة، هل من السهولة بمكان رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟
– أي عمل يُساعد على إعادة العلاقات الدولية، ويعيد السودان إلى المجتمع الدولي من واجب قيادة الدولة أن تقوم به، ويجب أن نسعى جادين لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية للعمل على رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب نسبة للتأثير الكبير على الأوضاع في السودان اقتصادياً وسياسياً بسبب وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب فضلاً عن سيطرة اللوبي الصهيوني على اتخاذ القرارات في الولايات المتحدة الأميركية.
– هل تقصد أن التطبيع مع أسرائيل هو المفتاح الذي سيتم عبره رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب؟
– اللوبي الصهيوني يلعب دوراً كبيراً جداً إلى جانب منظمات المجتمع المدني وإلى جانب العمل الدبلوماسي والدور الاكبر للوبي الصهيوني، وأول مدخل للوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة الأميركية، هو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهذا هو المفتاح والأمل القوى لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
*تفصلنا أيام قليلة من موعد توقيع اتفاق السلام بنص الوثيقة الدستورية وإعلان جوبا، هل يمكن أن يتم ذلك؟
– كل الأطراف لها إرادة قوية ومصرة على ضرورة التوصل إلى اتفاق سلام شامل عادل، يضع حداً للحرب في السودان، وبالتالي هي تستطيع أن توقع على اتفاق سلام في أقرب وقت، خاصة وأن هناك وفداً كبيراً من قوى الحرية والتغيير الآن متواجد في جوبا لإعادة العلاقات بينهم ورصفائهم في حركات الكفاح المسلح داخل الجبهة الثورية، وهذا يؤكد أن إرادة الشعب السوداني في قوى الحرية والتغيير بمكوناتها المختلفة وأطرافها عازمة على تحقيق السلام.
*إذاً يمكن القول إن تواجد وفد الحرية والتغيير الآن بجوبا يعتبر دافعاً قوياً للوصول إلى سلام؟
– قوى الحرية والتغيير لها دور كبير وحقيقي في دفع السلام وتوقيعه في الموعد المضروب.
*حدّثنا عن الوضع الاقتصادي الراهن مع تناول الأزمات التي تدور الآن من غلاء أسعار وأزمة وقود وخبز، هل يمكن لهذه الأزمات أن تعمل على إشعال الشارع مرة أخرى؟
– الرأي العام يعتقد أن هذه الأزمات يمكن أن تشعل الشارع مجدداً، التغيير الذي حدث تم بالقوى الشبابية في الولايات والمركز، وهي على وعي وإدراك تام بأن التركة القديمة التي ورثت من السودان ثقيلة وصعبة جداً، وأن الصعوبات التي يواجهونها كبيرة جداً، ويقفون الآن في خط الدفاع عن الثورة وكيفية تقديم ما يمكن تقديمه للمواطن فيما يتعلق بالوضع المعيشي وتوفّر المواصلات والخبز.
* ماذا عن قضية الدين الخارجي للسودان الذي فاق الـ 60 مليار دولار؟
– أصل الدين الخارجي الذي يبلغ 65 مليار دولار لا يمثل أصل المبلغ، والأصل فيه 17 مليار دولار، هذه فوائد سنوية حسب اللوائح والقوانين الدولية المتعلقة بالقروض الخارجية، وما لم نعمل على إعادة علاقتنا الخارجية، لا يمكننا الاستفادة من شروط نادي باريس المتعلقة بالجدولة والإعفاء للدول الفقيرة. وعندما نعود للوضع الطبيعي في المجتمع الدولي يمكن حينها أن نستفيد من نادي باريس، ويتم إسقاط الأرباح ونبقي على أصل الدين الذي لا يتعدى الـ17 مليار دولار وتتم جدولته لصالح حكومة السودان.
*ماذا تقول عن الوضع بالنسبة للمحروقات والوقود والأزمة التي باتت تؤرق كل السودان؟
– أقول لكِ أن السودان الدولة الوحيدة في العالم التي سعر الوقود فيها بسعر قليل وسعر جالون البنزين أرخص من أي دولة منتجة، إلا أن أصحاب النفوس الضعيفة يعملون على تهريب البنزين إلى الدول المجاورة، ويرجع ذلك إلى أن الوقود مدعوم في السودان، وهذا هو الخطأ الحقيقي، ولابد أن تتم معالجته من قبل الجهات والمؤسسات المعنية.
*عفواً دكتور هل تقصد بالمعالجة رفع الدعم عن المحروقات؟
– نعم، يجب أن يتم رفع الدعم، نسبة لأن الشرائح المعنية برفع الدعم غير مستفيدة من ذلك، على أن يتم ذلك وفق كيفية وجدولة محددة، بعد أن تتم دراسة متأنية لشرائح المجتمع الفقيرة التي تحتاج إلى هذا الدعم، وكيفية الوصول إلى هذه الشرائح لتعمل على تخفيف العبء على المواطن المحتاج.
*أشرت في حديثك إلى تهريب الوقود من قبل أصحاب النفوس الضعيفة كيف تتم معالجة الأمر؟
– الحد من هذه المشكلة يكون عبر الدراسة التي أشرنا إليها في تحديد شرائح المجتمع التي تحتاج إلى الدعم، ولو تم رفع الدعم الكلي عن المحروقات فلن يكون هناك تهريب نسبة لأن السعر سيكون شبه موحّد، ولن يكون هناك تشجيع ربحي للتهريب، ورفع الدعم يسقط قضية التهريب إلى الدول المجاورة.
*تصاعُد سعر الصرف بات قضية مستعصية الحل، في تقديرك أين يمكن الحل؟
– الإنعاش الاقتصادي يرتبط بالسلام، وكذلك الحرية ترتبط بالسلام والعدالة، ويجب أن يكون هناك إنتاج للتصدير، هذا هو الإنعاش الاقتصادي لجلب العملة الصعبة، الآن لا يوجد إنتاج، وهناك حصار مفروض علينا، ومتوقع ارتفاع سعر الصرف أكثر من ذلك إذا انشغلت قوى الحرية والتغيير والحكومة بقضايا انصرافية بعيدة عن قضايا الاقتصاد السوداني، والعمل على إنعاشه، والاختلاف بين مكونات الحرية والتغيير وأن لم تتوحد الرؤى لن نسير للأمام.
*باعتبارك كبير مفاوضي مسار الوسط في جوبا، هناك حديث عن اعتراض الكثيرين على مسار الوسط، وأنه لا يمثل كل أهل الوسط؟
– الوسط وجد كثيراً من العقبات في مسيرته، ونحن نقول إن مسار الوسط ه مسار من لا مسار له، والقدح والمدح لمسار الوسط بالنسبة لنا مصلحة، ويبزر المسار وليس به أي انتماءات جهوية أو إثنية أو قبلية، وإنما نتج لتوزيع قضايا في السودان بأكمله توزعت على كل انحاء السودان وبالتالي وسط السودان لا يمكن أن يكون مكباً ومزبلة لما تبقى من قضايا ومن خلال تواجدنا في الجبهة الثورية كحزب اتحادي تصدينا لقضايا الوسط، ولم نقل أو ندعي أن لدينا تفويضاً من كل أهل الوسط، وقمنا بما يمكن أن نقوم به، ونحن جنود وعبيد من الوسط تصدينا لقضايا الوسط ليس إلا، ولدينا لجان مثلت في كل الولايات وستلتقي عبر مؤتمر قومي عام بالخرطوم خلال الأيام القادمة لهيكلة مسار الوسط وكيفية تنفيذ ما اتفق عليه المسار.
* مسار الوسط والشمال والشرق، يقال إنها مسارات مطلبية وما كان هناك من داعٍ لواجدها عبر منبر جوبا خصماً على المسارات التي تحمل السلاح بجوبا ما تعليقك؟
– أنت موجود، جزء لا يتجزأ من الجبهة الثورية التي تستطيع أن تعمل على شطرها أو تجزئتها، وهي من التحالفات المميزة لها تنظيم محدد ولا تتخذ قراراً مفرداً، وموقفها واضح، وهوموقف استرتيجي بعد أن تحوّل من تكتيكي إلى إسقاط النظام، والآن ما بعد السلام ستنتقل إلى مرحلة اخرى، وهي مرحلة عمل سياسي كبير، وربما تندمج في كيان واحد في المستقبل، وهي نموذج لارتباط المركز بالهامش، ولا تفصل القضايا ولا تميز بينها، والجبهة الثورية وجودها ككتلة واحدة يدفع بعملية السلام ويحقق الهدف الأكبر لتوقيع السلام، وأي انفصال أو تجزئة للجبهة الثورية ليس في صالح وحدة السودان، وهي نموذج حقيقي للتلاقح بين المركز والهامش.
* أنت قيادي بالحزب الاتحادي الديمقاطي ماذا يدور الآن داخل الحزب الاتحادي؟
– الحزب الاتحادي الآن يهتم بوحدة الحزب الاتحادي الديمقراطي، ووحدته تعتبر صمام أمان وحدة السودان، وكل الفصائل داخل الحزب الآن تهتم بقضية الوحدة.
* سؤال مباشر، سمعنا كثيراً عن وحدة الحزب، إلا أننا لم نر أي خطوات عملية، هل يمكن أن تتم هذه الوحدة؟
– ما سمعتيه خلال الثلاثين عاماً التي حكمت فيها الإنقاذ وهي أحد الأسباب التي حالت دون توحيد الحزب الاتحادي، والآن سقط هذا العامل، وليس هناك ما يمنع توحيد الحزب الذي ليست به خلافات تذكر خاصة في الفكر والمنهج.
*ماذا بشان المؤتمر العام؟
بعد أن تتم وحدة الحزب الاتحادي بين الفصائل سيتم تحديد موعد المؤتمر العام وتم تشكيل لجان لهذا الغرض من كافة الفصائل .
*هناك اتهام بأن اداء الحكومة الانتقالية يسير بصورة بطيئة؟
أعتقد أن الحكومة الانتقالية لها أعباء كثيرة جداً، وللأسف قوى الحرية والتغيير تعمل على تكبيل الحكومة رغم انهم هم من أتوا بها، وهم من تسببوا في إعاقة الحكومة وأصبحت مشغولة بالحرية والتغيير أكثر مما ينبغي، بل أكثر من قضايا المواطن، وحتى قضية السلام لم يتركوا الحكومة الانتقالية أن تنطلق في هذه القضية، وهذا يحتاج إلى إعادة نظر من قوى الحرية والتغيير ونأمل أن يتم ذلك في جوبا .
*رسالة أخيرة..
أدعو الشعب السوداني كافة إلى الالتفاف حول السلام، وليس أمامه خيار الآن خلاف السلام، وأناشد الثوار ولجان المقاومة كذلك للالتفاف حول السلام حفاظاً على شعارات الثورة “حرية سلام وعدالة”، علماً بأن الحرية والعدالة لن يتحققا بدون تحقيق السلام، وأن مشاكل السودان لن تحل إلا عقب تحقيق السلام وإنعاش الاقتصاد، كذلك لن يتم بدون تحقيق سلام، ولن يكون هناك تقدم أو تطور أو ديمقراطية بدون بدون سلام.