وهو يقترن بالمعدة..
وينتج – غالباً – من سوء هضم جراء (حشو) طعامي..
ولكن هنالك ضرباً آخر من التلبك أراه لا يقل فظاعة عن الأول… وهو الذهني..
فالذهن أيضاً يصيبه التلبك بسبب الحشو..
سيما إن كان حشواً زائداً عن حاجته للفهم… تماماً كحشو المعدة بطعام كثير..
ثم يفوق قدرتها على الهضم..
وأنا باستطاعتي قراءة أي كتاب في الفلسفة فأفهمه… حتى وإن كان من كتب هيجل..
ولكني بتُّ عاجزاً عن فهم ما يُنشر بصحافتنا من آراء..
فما أن أشرع في قراءة سطرين من أيٍّ منها حتى أحس بأعراض تلبك ذهني..
فأنتقل إلى الثاني… فالثالث… فالرابع..
فإذا بالأمر ذاته يحدث لذهني…. وأتساءل الآن: ما السبب في ذلك يا ترى؟..
هل هو جراء الحشو الزائد عن الحاجة؟… ربما..
هل هو جراء تشويش في ذهن الكاتب نفسه؟… ربما..
هل هو جراء تعقيدات راهننا؛ سياسياً… ومعيشياً… واقتصادياً؟… ربما… ربما..
وربما هو جراء ذلكم كله…مع – أو على – بعض..
والصحافة مرآة الواقع… كيفما يكون تكون هي؛ سياسةً… وفناً… وثقافةً… وأخلاقاً..
رغم أن هذا لا يعفيها عن التماهي…عوضاً عن التعالي..
وليس تعالياً بمفهوم الترفع… وإنما من باب النظر إليه من علٍ كسلطة رابعة..
أو كما يخلع القاضي عنه ثوب العاطفة داخل المحكمة..
المهم أن الواقع السياسي الآن ملبَّكٌ – هو نفسه – إلى درجة أن أحاطت به النُذر..
وأفرز تلبكه هذا تلبكاً معيشياً… واقتصادياً… وذهنياً..
ورغم دعوتنا قبل يومين إلى التحلي بالصبر إلا أن أشباح النذر هذه قد لا تصبر..
فهنالك أشباح عديدة تكمن لتجربة الثورة في الظلام..
وربما ينقض عليها أحدها في أي لحظة لتتبدى ملامحه – بعد فوات الأون – للناس..
ينقض عليها فور أن يستشعر نضوج اللحظة..
ومن ملامح هذا النضوج ما نراه الآن من غضب شعبي تُرجم بعضه إلى تظاهرات..
فالوضع سيء… والحكومة تتخبط… والجنيه ينهار..
وحمدوك استجابته بطيئة إزاء ضرورات التفاعل الفوري مع معطيات الراهن..
ومن أولويات التفاعل هذا إبعاد الفاشلين من الوزراء..
أو – إن جئنا للحق – إعفاء غالبهم؛ وإحلال آخرين محلهم بأعجل ما تيسر..
فالزمن قد لا يكون في صالحه… ولا صالح الثورة..
وربما لا يكون هنالك زمنٌ مستقطع بدلاً من الضائع – بلغة الكرة – لنفاد الفرص..
والآن ما زالت الفرصة بيد حمدوك… في الثواني الأخيرة..
وليستغلها بالطريقة المثلى – والعجلى – عليه أن يترك أسفار الخارج إلى حين..
وبالمناسبة: عديد الظواهر الآن تشابه أواخر أيام الإنقاذ..
بما فيها التلبك!!.