الاستثمارات المدرسية.. ضخامة الإيرادات وضعف الخدمات

 

المحال التجارية تُغلِق واجهة مدرسة الكتيابي.. العائد صفر

مدير تعليم أم درمان: الاستثمار ضروري للتعليم وعلى المحليات الاكتفاء بالعوائد

تعليم أم بدة: استثماراتنا ضعيفة في هذا المجال لهذه الأسباب (….)

إدارات مدرسية: نرفض المحلات التجارية لتغوُّل المحليات عليها

خبير تربوي: المشكلة ليست في الاستثمار وإنما في جشع المحليات

تحقيق: أم بلة النور

منذ عهود طويلة ظل التعليم في ذيل اهتمام الدولة، ولا تتعدى الميزانيات المُخصصة له 20%، الأمر الذي انعكس بصورة سالبة على البيئة التعليمية, خاصة مرحلة التعليم الأساسي, والتي تفتقر لأبسط مقومات البيئة المدرسية, من إجلاس وكتاب مدرسي, إلى جانب ضعف الكادر البشري, والذي يعاني بدوره من ضعف الرواتب, فضلاً عن انعدم أساسيات العمل اليومي المتمثلة في الطباشير وغيرها من المعينات اليومية, كل تلك الإشكالات جعلت بعض أصحاب المدارس يتجهون إلى استغلال بعض مساحات المدارس الحكومية ذات المواقع الاستراتيجية وتخصيصها كمحال تجارية ذات عائد مادي للمدرسة لإعانتها في توفير متطلباتها, وعائد معنوي في توفير بعض المستلزمات المدرسية وتخفيف عناء البحث, إلا أن المحليات تغولت على تلك الاستثمارات ما شكّل عبئاً إضافياً على تلك المؤسسات بدلاً من الاستفادة منها في دفع عجلة تنمية المدارس ودعم ميزانياتها.

حقوق مستلبة

وفي مدرسة الكتيابي بأمدرمان والتي يوجد بها قرابة العشرين محلاً بدأ الاستثمار فيها بعقارين فقط،  إلى أن وصلت إلى 20 تجارياً وأغلقت واجهة المدرسة تماماً، في بادئ الأمر كان العائد يعود للمدرسة، إلا أن محلية أمدرمان سلبت ذلك الحق مستندة على القانون المحلي والذي اعتبره المصدر جانياً في حق التعليم الذي يعاني الأمرّي, والآن تعتبر المدرسة في أسوأ ظروفها البيئية, حيث تفتقر للإجلاس إلى جانب فصولها التي تحتاج إلى إعادة تشييد, وقال مصدر مسئول من داخل المدرسة إنها تعاني من تدنٍّ بيئيٍّ كبير جداً, نسبة إلى الوضع الاقتصادي الذي يعيشه أولياء أمور التلاميذ الذين لا يستطيعون دفع أي نوع من المساهمات المالية سواء كانت أسبوعية أو شهرية, وأضاف المصدر أن الإمداد الكهربائي ينقطع عن المدرسة عدة أيام دون أن تكون هناك ميزانية خاصة لها ويتم تسديد الفاتورة عبر الخيرين, وكشف المصدر عن وجود ضوضاء كبيرة ناتجة عن تلك المحلات والتي تعمل في بيع الإسبيرات فضلاً عن موقع المدرسة بالقرب من المنطقة الصناعية أم درمان مما جعل هناك تسرُّباً كبيراً من قبل التلاميذ والولوج إلى سوق العمل .

رفض مُقنّن

وفي جولة داخل عدد من مدارس محلية أم بدة وجدت “الصيحة” عدداً قليلاً من الاستثمارات، وهي عبارة عن مكتبات صغيره للمستلزمات المدرسية, والمواد الغذائية, وقال مدير إحدى المدارس والتي تقع في موقع استثماري بالقرب من سوق الحي، إنه رفض قبول أي محلات تجارية خوفاً من تغوّل المحلية على العائدات, حيث أقنع المحلية بأنه يحتاج إلى فصول إضافية نسبة لتكدّس الفصول, ويحتاج إلى كافة المساحات لتشييد غرف إضافية من قبل الخيرين, وقالت الإدارة أيضاً أنها استفادت من تجارب المدارس الأخرى التي لم تستفد من محلاتها التجارية بل انعكس بصورة سالبة على البيئة .

حبيسة الأدارج

وفي حديثه لـ”الصيحة”، قال مدير التعليم بمحلية أم درمان الدرديري موسى إن الاستثمارات الموجودة بالمدارس لا تستفيد منها المدارس, وشدّد على ضرورة إرجاع عائداته إلى إدارة المدارس على أن تستفيد المحلية من العائدات الأخرى المتمثلة في العوائد ورسوم النفايات والرخص التجارية وغيرها من الرسوم.

ويرى الدرديري إلغاء الاستثمار الخطوة  الأفضل إن لم تنعكس في عملية دعم التعليم, والذي تم تكوين صندوق خاص به وإجازة قانونه من قبل المجلس التشريعي، إلا أنه ظل حبيس الأدارج، ولم يتم تفعيله حتى الآن، الأمر الذي جعل المحليات تتغول على تلك الاستثمارات. وأضاف مدير تعليم أمدرمان إن هناك استثمارات لا توافق عليها إدارته وهي ممنوعة بأمر محلي، مستشهداً بإقامة المخابز والورش والتي يعتبرها مصدر خطر على التلاميذ، لذلك لا تمنح مثل هذه التصاديق.

وكشف أن الاستثمار بمحليته لا يتجاوز نسبة 15%، وهي بـ 124 محلاً تجارياً بإدارة التعليم بمحلية أم درمان داخل المدارس الحكومية، وكل عائداتها تذهب للمحلية دون أن تخصص أي مبالغ للتعليم بالمحلية, وطالَب بإحداث استثمار حقيقي بالمؤسسات التعليمية على أن يذهب ريعه لدعم وتأهيل تلك المدارس، وتتم إدارته من قبل إدارة المؤسسات التعليمية التي يُقام فيها الاستثمار وتفعيل صندوق دعم التعليم.

فقر مدقع

فيما اعتبر مصدر مطلع بإدارة التعليم بمحلية أم بدة أن التعليم  بالمحلية يعيش في حالة فقر مدقع, وأن نسبة الاستثمار ضعيفة جداً نتيجة للبيئة العامة بالمدارس والتي تفتقر في كثير منها إلى الأسوار ناهيك عن مبانٍ تجارية, وأضاف المصدر أنهم في محاولات مستمرة  للاستفادة من المساحات الخالية لبناء وتشييد فصول إضافية لسد الفجوة نسبة لارتفاع عدد التلاميذ مقارنة بالحجرات الموجودة, مشددًا على ضرورة وجود استثمار بالمدارس لدعمها وتنميتها, مع ضرورة أيلولة تلك الاستثمارات للإدارات المدارس, نسبة إلى أن محلية أم بدة محلية ممتدة, وتستقبل مئات النازحين يومياً وتحتاج إلى عدد كبير من المدارس بصورة سنوية نسبة لإنشاء العديد من القرى بصورة  يومية، فضلاً عن تخطيط السكن العشوائي والذي يحتاج أيضًا إلى تشييد مؤسسات تعليمية جديدة وجميعها يحتاج إلى أموال طائلة في ظل عدم وجود ميزانيات كافية للتعليم .

دولة الإيرادات

فيما يرى الخبير التربوي قادم عوض الله، أن الاستثمار المدرسي ليس عيباً، لأنه نظام مُتّبع حتى في المساجد والمقابر, للمساهمة في تنمية الجهة التي شُيّد فيها العقار واصفاً المحليات بالجشعة، ولا تهتم بالخدمات الأساسية واتجهت إلى أن تكون مؤسسات تحصيل بدل أن تكون مؤسسات خدمية, الأمر الذي جعلها تفشل في إدارة هذا الملف, ويظهر ذلك في التسرب المدرسي الناتج عن ضعف الخدمات التعليمية بالمدارس, وشدد على ضرورة دعم هذا الجانب مع وضع لوائح تخول للمدارس الاستفادة من إيرادتها, وأضاف أن القوانين المحلية مكّنت المحليات في مجال الإيرادات دون أن تلزمها بالصرف على  بنود الخدمات، واصفًا دولة النظام السابق بدولة الإيرادات وضعف الخدمات .

زر الذهاب إلى الأعلى