خُبز ثورة ديسمبر
قابلت بعض المخابز، موقف الحكومة المُتراخي تجاه أزمة الخُبز، فشرعت دُون أن يرمش لها جفنٌ بوضع زيادات على تعرفة الرغيفة بأن جعلوها جنيهين بدلاً من جنيه السعر الرسمي المُعلن.
من يَهُن يسهل الهوان عليه, وجدوا الحكومة لا حول لها ولا قوة تجاه قضية جوهرية وتجاه هاجسٍ ضخمٍ أثقل كاهل الناس، فاجتمعوا وقرّروا ونفّذوا وكل ما فعلته الحكومة، بعد سريان قرارهم تصريح من وزير التجارة والصناعة مدني عباس مدني يُهدِّد فيه أصحاب المَخابز تهديداً بعظائم الأمور وشدائد العقاب.
مَن يطلق التهديدات يضع نفسه في خانة من لا حيلة له.. وكُنت أتمنّى أن ينكب مدني لوضع حُلُول (لأزمة) ظلّت تراوح مكانها ردحاً من الزمن دُون أن تجد العلاج الصحيح.. ولكنه اتّبع نفس سياسة النظام السابق بإطلاقه تصريحاً لا معنى له، فأصبح مكان تندُّر وسخرية من شعب السودان، لقد قال بملء فيه إنّ الحل سيكون في غضون 15 أو 21 يوماً، وإنّه لا صُفُوف للخُبز بعد انقضاء الفترة التي حَدّدها، والشعب لا هَمّ له الآن إلا حساب الأيام التي حدّدها.. حديثه هذا قُوبل بنكتة فورية: إنّه – أي مدني -سيعمل على توفير مقاعد للمُواطنين أمام المخابز ليجلسوا عليها بدلاً من وقوفهم الطويل والممل أمام المخابز!!
وفق أي تقديرات أطلق مدني عباس مدني تصريحه هذا؟ وهل كان حين أطلقه يمسك بتلابيب الحل في يده أم هو تصريح والسلام..؟
ليعلم الوزير مدني أنّه لا 21 يوماً ولا شهراً ستنهي أزمة الخُبز إلا إذا عمل بنفسه على الانغماس في المشكلة بكل أطرافها وأبعادها، يزور المخابز ويقف بنفسه على السعر الحقيقي للرغيفة الواحدة، وأن يجلس مع أصحاب المخابز بنفسه ويعمل على حل مشاكلهم، وأن يلتقي المُواطنين في الصفوف لأنّ سعر الرغيفة التي أشعلت فتيل الثورة لا يتوقّف على سعر الدقيق فقط!! ومن ثم تفعيل القوانين وتطبيقها على المُخالفين.
قضية الخُبز التي أسقطت حكم الإنقاذ الجائر، يُمكن أن تحدث ربكة ضخمة جداً في مسار الثورة والحكومة، ولهذا يجب التعامُل معها تعامُلاً خاصّاً.. الخُبز الذي فجّر ثورة ديسمبر يجب التعامُل معه بمُنتهى المسؤولية والصرامة، وعلى، مدني عباس مدني أن يثبت فعلاً أنّه مُؤهّلٌ لإدارة وزارة التجارة والصناعة.
والدقيق الذي يحل أزمة الخُبز هو دقيقٌ مدعومٌ بأموال ضخمة تذهب في جيوب الجشعين والسماسرة والمُتلاعبين بقُوت الشعب وتضيع في دهاليز التهريب!!
في الهواء
أفرحنا ما نُشر عن قرب رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. وإذا (نجحت) حكومة حمدوك في هذا المسعى (لنجحت) في إدارة البلاد.. و(لنجح) مدني في حل أزمة الخُبز!!