*قبل أكثر من عشرين يوماً، أضافني أحد الأصدقاء إلى قروب جيل السبعينات والثمانينات بموقع التواصُل الاجتماعي “فيسبوك”.
*منذ انضمامي لهذا القروب وأنا أجد الكثير من المُشاركات عبره، وربما تكون الغالبية من رسائل هذا الموقع من هذه المجموعة التي وصل عدد المُشتركين فيها لأكثر من أربعمائة ألف مُشارك جميعهم من هذا الجيل.
*المُلاحظ أنّ جل الرسائل التي تأتي عبر هذه المجموعة، تُحاول إعادة ذكريات “الزمن الجميل” إن كانت في المرحلة الابتدائية أو المُتوسِّطة والثانوي، فنجد الاندياح وسط الأعضاء وكذلك الارتياح لإعادة الذكرى الجميلة.
*أعاد لنا هذا القروب ذكريات “شليل وينو والرمة والحراس، وسكج بكج” وغيرها من ألعاب ذاك الجيل، الذي لم يكن يعرف الفضائيات ولا الهواتف الذكية ولا مُتابعة الدوريات الأوروبية والعالمية سواء بطولة كأس العالم التي لم تكن حصرية على قناة خاصة أو دولة مُحَدّدة.
*العودة إلى الذكريات والاستمتاع بها لا ينحصر في هذا الجيل الذي طَوّعَ التقنيات الحديثة في التّواصُل ليجد أبناء الدفعة الواحدة أنفسهم فيه بَعد انقطَاعٍ طَويلٍ، والعودة إلى الذكريات ليس لجيل السبعينات وحده، وإنّما حتى جيل الخمسينات والأربعينات الذين عاصروا المُستعمر يعود بهم الحنين إلى السودان في تلك الفترة، حيث كانت الخرطوم تغسل شوارعها والجنيه “يتبختر” في أسواق العُملة وهو يُعادل ثلاثة دولارات!
*أصبحنا نعيش على ذكرى الماضي ونجد أنفسنا فيها وننسى أو نتناسى الحاضر بتكنولوجية الألفية الجديدة، الجميع يخلو إلى نفسه ويتذكّر ولو لدقائق أينَ كُنّا في تلك الفترة وإلى أينَ أصبحنا، على الرغم من تقدُّم التقنيات الحديثة التي لم نَستفد مِنهَا كَثيراً في تطوير ذاتنا ومواردنا الطبيعية.
*ظَللنا ولسنواتٍ طوال نَتَحَدّث عَن الماضي وعَن الخرطوم وجمالها والسودان وخيره، وأغلقنا أنفسنا داخل مقولة “السودان سلة غذاء العالم”، ولم نُفكِّر كيف نصبح فعلياً سلة لغذاء العالم بما نمتلكه من مَوارد طَبيعيّة وأرض خصبة.
*أصبحنا اليوم نُفكِّر في كيفية القضاء على صُفُوف الخُبز والوقود، وزراعة الأرض “البور” لتخرج لنا ذرة وقمحاً ودُخناً نُصدِّره للعالم وليس ننتظر المعونات من الدول التي لا تمتلك ربع أرضنا الخصبة لتأتي لنا بالقمح والوقود وبعض السلع الكمالية.
*السُّودان يحتاج إلى قليلٍ من العُقُول وكثيرٍ من الضمائر حتى نُمزِّق بعض الفواتير التي كتبها لنا المُستعمر ونسير عليها دُون أن نمنح أنفسنا حَق الاختيار فيما هو الصواب وأين الخطأ.
*منذ لقاء عنتيبي بين البرهان ونتنياهو ولا حديث في الداخل أو الخارج سوى عن موقف السودان من “نفاج” التّواصُل بين الخرطوم وتل أبيب، والجميع فتح ذات النفاج ومنه طُرُق “كبيرة” للتعاوُن مع إسرائيل.
*سنوات وقادة السودان يُفكِّرون بعقلية الماضي والمُقاطعة دُون أن نتقدّم خطوةً للأمام، فلنُجرِّب تغيير عقلية الماضي بأخرى تنظر للمصلحة العامة إن كَانَ فيها خَيرٌ فلنفعلها، وإن كانت غير ذلك فلنتركها، وهدفنا يكون واحداً لا ثانٍ له وهو الاستفادة من الأرض زرعاً وذهباً ونفطاً.
*مجموعة جيل السبعينات والثمانينات، الكلمة لكم مع ذكرى الماضي، نُقدِّم مُقترحات وحُلُولاً للعُبُور إلى زمنٍ أجمل وأروع، ونحن آخر الأجيال التي نعمت بخيرات السودان وما بعدها دَخَلَ في زُمرة حكم الإنقاذ.. “لن أُفسِّر ولن تقصِّروا”.