الخرطوم: آمال الفحل
“يبدو أن السودان موعود بانفراج كبير على مستوى علاقاته الخارجية”، هكذا كانت آمال وتطلعات رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، في أعقاب الزيارة الشهيرة التي قام بها في وقتٍ سابق من ديسمبر من العام الماضي للبيت الأبيض كأول قائد للبلاد يزور واشنطن منذ عام 1985 في ظل محاولته حذف بلاده من قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب.
وأثناء زيارة حمدوك التي استمرت 5 أيام، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أن البلدين يعتزمان بدء تبادُل السفراء بعد انقطاع دام 23 عاماً.
عزم واشنطن
بالأمس أكّد موقع (جيست سكيورتي) الأمريكي, عزم واشنطن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب خلال (45) يوماً، وكشف الموقع عن تفاهمات بين واشنطن وحكومة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك تقضي بتسهيلها تسوية تفاوضية مع عائلات ضحايا الهجمات الإرهابية الذين قتلوا في تفجيرات السفارة الأمريكية عام 1998 في كينيا وتنزانيا، فضلاً عن تفجير المدمرة الأمريكية “يو إس إس كول” عام 2000 لعجز الحكومة عن دفع التعويضات المالية في الوقت الراهن, وأشار الموقع إلى أن واشنطن تُجري تقييماً مٌعمّقاً لتعاون الحكومة الانتقالية في مكافحة الإرهاب, وأنها راضية عن التقدم الذي أحرزته في هذا المجال, وأوضح أن واشنطن حدّدت (45) يوماً كحد أقصى لرفع اسم البلاد من قائمة الإرهاب, ونوه الموقع إلى أن إصلاح الجهاز المصرفى لتحجيم دعم الإرهاب يسير بخطى جيدة, وأشار إلى أن واشنطن تسعى للحصول على تأكيدات بأن نظام البشير تم تفكيكه بالكامل.
نوع من التخمين
المُحلل السياسى ومدير مركز دراسات “الراصد” د. الفاتح محجوب في حديثه لـ”الصيحة” قال إن خبر رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب خلال (45) يوماً لم يرد في المواقع الرسمية للحكومة الأمريكية، معتبراً ذلك نوعاً من التخمين، مبيناً أنه بذلك يعتبر غير سليم، لافتاً إلى أن الإجراءات التي من المفترض اتباعها إلى الآن تراوح مكانها, فالكونغرس الأمريكي مُتحفّظ على رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، ما لم يتم حل إشكالية التعويضات. مشيراً إلى أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في زيارته لواشنطن أطلق عملية الوصول إلى تسوية مع ذوي الضحايا في التفجيرات. وأضاف الفاتح في حديثه: إذا توصّل فريق المحامين التابِع للحكومة السودانية إلى تسوية مع محامي أسر الضحايا، فإن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب سوف يكون قريباً جداً. مبيناً أنه في هذه الحالة سوف يكون خبر الموقع الأمريكي صحيحاً. مشيراً إلى أنه إذا لم يتم الوصول إلى تسوية سيستمر عدم رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب لعدة سنوات غير قابل للحل، لافتاً إلى أن المطلوب من رفع السودان من القائمة السوداء هو إلغاء ديون السودان الخارجية.
مبيناً أن إعفاء الديون هو الذي يحول دون حصول السودان على القروض والمنح من المؤسسات الدولية المالية، كما يمنع تعامل المصارف الدولية مع السودان، إضافة إلى أنه لا يسمح للشركات الغربية الكبرى للاستثمار في السودان.
قرار جيّد
ويرى عدد من المراقبين، أن هذا الحديث يبعث على التفاؤل على الشعب االسوداني خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي لها علاقة بالعقوبات الأمريكية، مبينين أن الاقتصاد السوداني يتأثر سلباً بهذه العقوبات إضافة إلى أن العقوبات تؤثر على تدفّق العون الخارجي للسودان من تحويلات من الخارج، مبينين أنه سيتم رفعها خلال هذه الفترة، مع التوقع بأن يحدث انفراج كبير في الاقتصاد السوداني بشكل عام، مشيرين إلى أن الدول الأوروبية الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا لعبت لعبت دوراً كبيراً في تليين مواقف الولايات المتحدة، بممارسة بعض الضغوط عليها خاصة أن كثيراً من السياسيين، يرون أن النظام الثوري الجديد يمثل لبنة جيدة من لبنات الديمقراطية في المنطقة التي تعج بالأنظمة القابضة، لذلك يرون أنه لابد من دعم هذا النظام الوليد حتى لا ينهار، ويعود المشهد القديم مرة أخرى الذي كان يشكل صُداعاً للكثير من الدول والاستقرار في المنطقة.
السودان واللائحة
أُدرِج السودان عام 1993 على اللائحة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب (القائمة السوداء) بعدما استضافت الخرطوم زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن وقيادات إسلامية متشددة أخرى من مناطق مختلفة من العالم، وفرضت الولايات المتحدة مزيداً من العقوبات الاقتصادية عام 1997 وضاعفتها عام 2007 بعد اندلاع الحرب الأهلية في دارفور.
وعلى الرغم من رفع الولايات المتحدة العقوبات على السودان في أكتوبر 2017، لم تشهد البلاد مردوداً كبيراً بسبب استمرار إدراجها على لائحة الإرهاب التي حالت دون إعادة البلاد للنظام المصرفي العالمي.