السفير د. علي يوسف في حوار الساعة مع (الصيحة):
أشك في أنّ لقاء “البرهان – نتنياهو” قد تم دُون تشاوُر
البرهان أقدم على الخطوة من أجل الشعب السوداني
مصلحة السودان الوطنية أولاً واللقاء فرضته التحديات
التطبيع أحد شروط واشنطن لشطبنا من الدول المارقة
حوار: مريم أبشر
أثار اللقاء الذي احتضنته مدينة عنتيبي الأوغندية سراً، وجمع بين رئيس المجلس العسكري الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان والرئيس الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الأول وسرّبته وسائل المؤسسات الإسرائيلية ووسائل إعلامه، أثار ضجة عارمة، خاصّةً وسط تكتُّم سُوداني رسمي ونكران وعدم إلمام بمعرفة اللقاء من قِبل المكون المدني للحكومة الانتقالية كما ظهر ذلك جلياً في التصريح الذي أدلى به الناطق باسم الحكومة فيصل محمد صالح وإفادة وزيرة الخارجية أسماء محمد عبد الله بعد معرفتها عن حقيقة اللقاء، فضلاً عن ردود الفعل العالمية والإقليمية والدولية، والانتقاد الذي وجّهته السلطة الفلسطينية، في وقتٍ ظهرٍ فيه ترحيب شرائح كبيرة من المواطنين السودانيين باللقاء في ظل ارتفاع درجة الوعي في أعقاب ثورة ديسمبر المجيدة في تغليب مصلحة السوداني والإبقاء على الوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني في أن تكون له دولته المُستقلة.. (الصيحة) التقت السفير الدكتور والخبير الدبلوماسي علي يوسف في حوارٍ خاطفٍ لتوضيح وجهة نظره وتقييمه لفكرة إقامة علاقات مع تل أبيب على خلفية اللقاء مثار الجدل….
*بِدايةً كيف تقرأ اللقاء مسار الجدل بين “البرهان ونتنياهو”؟
– أولاً أيّة دولة في العالم لديها سياستها الخارجية المبنية على مصالحها الوطنية وتشمل جوانب سياسية وأمنية واقتصادية، والسودان منذ الاستقلال وحتى الآن عاش فترات من الاستهداف بسبب تقاطُع مصالحه مع مصالح دول أخرى، على هذا أعتقد أنّ اللقاء من مُنطلق الفهم لتحديات الأوضاع التي يُواجهها السودان حالياً وأثّرت بشكلٍ مُباشرٍ على أمنه وأوضاعه الاقتصادية، ويأتي على رأس تلك التحديات العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان ووجوده على اللائحة السوداء، والذي بسببهما أغلقت قنوات التّعامُل بين السودان والمُجتمع الدولي، لجهة أن من فرض العقوبات دولة عظمى.
*إذن برأيك هل الوقت مُناسبٌ؟
– بالطبع الأوضاع التي أفرزتها الثورة والتحديات التي تُواجهها الحكومة الانتقالية المتمثلة في الوضع الاقتصادي المُتأزِّم، أصبح من مصلحة السودان أن يسعى لإزالة أسباب الحرب الشعواء التي كانت تُدار ضده وضد مصالحه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
*وهل تعتقد أنّ التطبيع مع إسرائيل هو أحد شروط الرفع من العقوبات واللائحة؟
– يبدو واضحاً أنّ التطبيع هو أحد شروط واشنطن لشطب اسم السودان من قائمة الدول الرعاية للإرهاب، وهو أن يكون جُزءاً من عملية السلام في الشرق الأوسط وفق الاستراتيجية الأمريكية، ولكن أعتقد أنّه من سُوء الطَالع أن يتزامن اللقاء مع صفقة القرن، التي أعلن عنها ترمب وهي بمقاييس المبادئ فيها ظلمٌ للقضية الفلسطينية والخروج عن الشرعية الدولية، لأنه أشارت للقدس عاصمة أبدية.
*ولكن السودان لم يخرج عن الإجماع في الجامعة العربية رغم اللقاء؟
– صحيح السودان لم يخرج عن الإجماع العربي وعارض صفقة القرن.
*الخطوة وُوجهت بانتقاضات عربية هل في رأيك كانت استثناءً؟
– في تقديري بقياس الواقع، مُعظم الدول العربية عدا القليل، إما طبّعت علاقاتها وإقامة تمثيل (الأردن، مصر والبحرين مثلاً)، أو وضعت اتفاقيات سلام كالإمارات والسودان كدولة لها موقف مبدئي مُؤيِّد للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته، وفي ذات الوقت من حقه مُراعاة مصلحة شعبه وإبعاده عن مواجهة دولة عُظمى، وقد يكون من المُفيد أن يكون هنالك حوار بين الخرطوم مع مسؤولين إسرائيليين لصالح التّوصُّل الى دولة فلسطينية عبر الحوار المُباشر، مع الأخذ في الاعتبار أنّ مُبادرة ترمب مفتوحة لأربع سنوات، رغم أنها أخذت أقسى أشكال الظلم للفلسطينيين، لكن المُفاوضات لحقوق الشعب الفلسطيني يُمكن أن تمضي باتجاه أن تكون هنالك دولة فلسطينية.
*صائب عريقات كَبير المُفاوضين الفلسطينيين وصف الخطوة بالطعنة في الظهر الفلسطيني.. ما هو تعليقك؟
– ليس من حق صائب عريقات الحديث أن يصف اللقاء بأنّه طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني، لأنّ الشعب السوداني لم يخذل القضية الفلسطينية، ولكن هنالك طعنات أخرى، أهمها الخلاف بين السلطة الفلسطينية وحكومة حماس، الآن مَرّ على الخلاف ست سنوات، وهذا الخلاف أضرّ بالقضية الفلسطينة وهو يمثل طعنة حقيقيّة للقضية الفلسطينية.
* من خلال التصريحات لبعض مسؤولي الحكومة الانتقالية، أنّ هنالك عدم اتفاق على اللقاء، هل بتقديرك سيُؤثِّر على مكونات الحكومة الانتقالية؟
– أعتقد من الصعب أن تتم هذه الخطوة دُون تشاوُر بين مكونات الحكومة الانتقالية.. وعلى كُلٍّ اللقاء لم يُعلن خلاله الاعتراف بالدولة الإسرائيلية ولكنها خطوة أعتقد ستكون نهايتها اعترافاً مقابل الحل العادل للقضية الفلسطينة وبدون لذلك لكن يكون هنالك سلام في المنطقة.
*المُلاحظ أن قطاعات واسعة من الشعب السوداني رحّبت بالتطبيع هل في تقديرك وعي الدرس بأمر الثورة ؟
– أيِّ سُوداني أصبح ينظر لمسألتين، أولاً مصلحة بلده وموقفه المبدئي تجاه القضية الفلسطينة.. من حق السودان أن تكون له علاقات عادية وليس عداءً مع إسرائيل كمعظم الدول العربية التي إما طبعت بشكل كامل أو لها اتفاقيات وهذا ليس استثناءً طالما أنه مُتمسِّك بالجانب المبدئي للقضية الفلسطينية ويجب أن نُشير هنا إلى أنّ السُّلطة الفلسطينية نفسها وحماس لديها علاقات أمنية مع دولة الكيان الصهيوني، وأعتقد أنّ البرهان أقدم على الخطوة من أجل الشعب السوداني، والشعب السوداني مُحاربٌ من قبل أمريكا وتخاذل عنه الآخرون، وأنا أُشك في أن تكون القوى المكونة للحكومة الانتقالية لم يتم التّشاوُر بين الأطراف.