وماذا في ذلك..؟
ماذا إن صدقت رواية لقاء البرهان ــ نتنياهو بأوغندا… قبل يومين..؟
بل ماذا إن جرى حديثٌ عن تطبيع للعلاقات بين البلدين..؟
فأعلام إسرائيل تُرفرف في سماوات كثير من دول العرب… والعالم الإسلامي..
وهناك ما هو أكثر من رفرفة الأعلام..
هنالك تطبيع ظاهري… وباطني؛ وما فوق الطاولة… وما تحتها..
وحتى فلسطين بينها وبين إسرائيل ما هو أكثر من قُبلة عرفات على خد أولبرايت..
وأولبرايت هذه يهودية الأصل… وكانت وزيرة خارجية أمريكا..
ونعني حكومة الدولة الفلسطينية التي أساسها منظمة التحرير… ومنظمات أخرى..
وأذكر حين كتبتُ عن هذه القبلة احتج أبو رجائي بشدة..
وقد كان يشغل حينها منصب سفير فلسطين لدى الخرطوم… وطلب مقابلتي بإلحاح..
ولو كنتُ أعلم طبيعة اللقاء لما لبيّتُ الدعوة..
فكعادة ساسة العرب طفق يُلقي على مسامعي محاضرة طويلة عن القضية الفلسطينية..
طويلة… ومملة… وسخيفة… وسمجة… ولا قيمة لها..
وكذلك هي خُطب العرب في الجامعة العربية… مجرد كلام (لا يودي ولا يجيب)..
كلام في طول مأساة العرب مع إسرائيل..
فقرابة السبعين عاماً لا هم قادرون على الانتصار عليها حرباً… ولا حتى سلاماً..
فالسلام عندهم لا يعدو كونه استسلاماً مهيناً..
ثم لا هم قادرون على الانتصار عليها أيضاً في معركة التطوّر السياسي… والعلمي..
فهي واحة الديمقراطية وسط صحراء شمولية العرب..
وهذه هي الحقيقة المحضة مهما تكن مؤلمة… وفي العلم يسبقونا بسنوات ضوئية..
ويكفي أن ننظر لما تخصصه من ميزانيات في هذا المجال..
فاهتمامها ببحوث جامعاتها العلمية يفوق اهتمام حكام العرب بأمنهم الشخصي..
وما أدراك ما يصرفه هؤلاء الحكام على هذا التأمين..
وكنتُ عقدت مقارنة ـــ موثقة ــ بين صرف إسرائيل على بحوثها… وصرف العرب..
فكانت المقارنة مخزية… بل فضيحة..
أما المقارنة في مجال التطور السياسي ــ الحضاري ــ فلا تقل خزياً كذلك..
والدليل أن نتنياهو هذا نفسه متهمٌ في قضية فساد الآن..
والتحقيق العدلي الذي يُجرى معه ـــ وزوجته ــ قد يُفضي إلى إقالته… وحبسه..
بينما يُحبس في وطن العرب من يُلمح إلى فساد أصغر وزير..
أما الهمس ــ فقط الهمس ــ عن فساد سموه… أو معاليه… أو سيادته فجزاؤه القتل..
فدعونا ــ إذن ــ من هذه الحساسيات غير ذات المعنى..
فلا نحن أكثر فلسطينية من أصحاب (القضية)… ولا أشد عروبة من العرب..
والغريب أن أصحاب القضية هؤلاء ينتقدون هذا اللقاء..
بينما يطبعون ــ سراً ــ مع إسرائيل منذ قبلة أبي عمار على خد اليهودية..
مرحباً بعلم إسرائيل… أسوة بكبريات عواصم العرب..
بل والتطبيع.!!