لوزيرِ العدل..!!
* منذ “الإثنين” وحتى “الأربعاء”، توقَّف الأطباءُ بمستشفى الطوارئ بود مدني عن العمل، وامتنعوا عن استقبال كلِّ الحالات، بما فيها الحَرِجة.. لَم يتوقّفوا لموقفٍ سياسي، ولا احتجاجاً لتحقيق مَطالب ذات صِلة بالرّاتب والحافز وغيرهما.. ولكنهم غضبوا لاعتداء مُرافِق على زميلتهم، وطالبوا بسن قانون يحمي الطبيب، ثم وضع ضوابط تمنع هذه الظاهرة التي (تفشَّت)..!!
* فالخطابُ لوزير العدل، مولانا نصر الدين عبد الباري.. هذه الظاهرة إحدى مُوبِقات المرحلة الماضية.. وكان يجب التخلّص منها بعد ثورة الوعي، ولكن يبدو أن التخلّص منها بحاجة إلى كثيرِ جهدٍ من قِبَل السلطات المسؤولة.. وفي الذاكرة، قبل أشهُر، وفي ندوة شهيرة، كشف رئيس المجلس الطبي د. الخاتم الياس، عن تسجيل حالات اعتداء على الأطباء ببعض ولايات السودان (72 حالة)، ثم ذكر أن الاعتداء يتم بشكلٍ (مُمَنهَج)..!!
* الاعتداءُ على الأطبّاء كان طبيعياً في دولة الغابة التي كانت حكومتُها إحدى (رُعاة العنف)، وبما أن دولة العدالة إحدى غايات ثورة الشعب، فإن تواصُل جرائم الاعتداء على الأطباء يعني أن أمر حسمها بحاجة إلى توعية ثم قانونٍ رادع.. للأطباء علينا ديْن مُستحَق، ومن الخطأ أن تبقى العلاقة بين الطبيب والمُرافِق في بلادنا في محطتْي العدائيات والاعتداءات.. !!
* ومهما كانت الأسباب، ما لم يكن هو البادئ بالاعتداء، لا يُوجَد إنسان يستحق (الاعتداء عليه).. أي حق الدفاع عن النفس – فقط لا غير – هو شرط الاعتداء على الآخر، طبيباً كان أو غيره .. وما عدا هذا الحق، فالمحاكم هي الفيصل بين الطبيب وأهل المريض أو المُتوفَّى، وكذلك المجلس الطبي.. ولو كان هذا المُعتدِي يعلم راتب طبيب المشافي العامة، وعدد ساعات عمله لسدّ النقص، لِما ذهب إليه بمريضه (إشفاقاً عليه)، ناهيك عن التفكير في الاعتداء عليه..!!
* ومع هذا، لن نَغفِل سوء الإدارة.. نعم، بؤس الإدارة بالمشافي هو مدخلُ العنف وأهم أسباب الاعتداء على الأطباء وكوادر التمريض.. غير تكدُّس العنابر بالمُرافقين، يأتي المُرافِق بمريضٍ في حالة طارئة، ولا يجد المُرشِد الذي يجب أن يأخذ بيد المريض ويذهب به إلى الطبيب المُناوِب.. ناهيك عن هذا المُرشد المُغيّب في كل مشافي البلد، بل أحياناً لا يجد المريض ومرافقه حتى الطبيب المُناوب.. !!
* ومِن هذا الفشل الإداري، يبدأ غضبُ المُرافِق ويتصاعد لحدّ التفكير في الاعتداء.. وكثيراً ما ناشدنا – حتى بُحَّتْ أصواتُنا – السلطات بأن إدارة المشافي يجب أن تذهب لأهل الإدارة، ولا حياة لمن نُناشد.. كما أن الإداري المُتخصِّص في إدارة المَرافِق الصحية لا يُتقِن غير إدارة المشافي، فإن الطبيب في علوم الأمراض لا يُتقِن غير علاج الأمراض ..ثم يجب تشريع قانونٍ رادعٍ يَحمِي الأطباءَ من (البلطجية)..!!
* نعم، من يعتدون على الأطباء يعرفون دروب النيابات والمحاكم، ولكنهم (بلطجية)، ويجب ردعهم بقوة القانون.. تمّ تغليظُ عقوبة الاعتداء على الطبيب ببعض الدول العربية بحيث تصِل إلى السجن (5 سنوات)، وفي بعض الدول الأوروبية (10 سنوات).. هكذا يردع القانونُ المُعتدين على الأطباء، ولكن في بلادنا ينتهي الاعتداء على الطبيب بمسح دموع المُعتدَى عليه، لأن العقاب أوهَنَ من بيتِ العنكبوت..!!