رئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي لـ(الصيحة):
هذه رُؤيتنا لتكوين الجيش السوداني
هيكلة المُؤسّسات الأمنية ونزعها من الكَيانات ضَرُورة مُلحة
سنتحوّل إلى حزبٍ وسنخُوض الانتخابات
تعيين الولاة يجب أن يبتعد عن المُحاصصة والقبلية
لا وجود لقُوّاتنا في ليبيا والنيجر
مني أركو مناوي من مواليد 1968 – فوراوية بمحلية كرنوي، شغل منصب الأمين العام لحركة تحرير السودان، بجانب عبد الواحد محمد نور وهو القائد الميداني السابق لحركات الكفاح المُسلّح في إقليم دارفور وجبل مرة. انشق عن الحركة وكوّن حركة جيش تحرير السودان وانضم إلى حكومة الخرطوم بعد اتفاقية أبوجا عام 2006م، وشغل بعدها منصب كبير مساعدي الرئيس المخلوع عمر البشير وهو رابع أكبر منصب في الرئاسة تقنياً بحسب الدستور ورئيس سلطة دارفور الإقليمية الانتقالية آنذاك. اشتهر كقائد ميداني وله مَسَاعٍ في قضية دارفور. وفي مُفاوضات السلام الجارية حالياً بجوبا عاصمة دولة جنوب السودان كانت له آراءٌ واضحةٌ بشأن تعيين الولاة، وطرح رؤى ثاقبة لتحقيق السلام الشامل والمُستدام. التقيناه في مقر المُفاوضات لنتعرّف أكثر على هذه الأُطروحات وبحثنا معه عدداً من الملفات والقضايا المُهمّة فماذا قال؟:
حاوره في جوبا: الغالي شقيفات
*كيف تسير المُفاوضات؟
– حتى اللحظة تسير بطريقةٍ جيدةٍ، وهُناك اختراقٌ في قضايا أساسية ومُهمّة كالخدمة المدنية والتعليم، لكن ليس بالشئ النهائي، لأنّ وفد الحكومة أرجعوها، لأخذ المُشَاوَرَات الكاملة من المجلس الأعلى للسلام، ويُمكن أن نُسمِّي الاختراق بالنسبي.
*هل تُوجد مُعوقات؟
– هناك بعض الفراغات من هُنا وهُناك. لكن هذا يتوقّف على عودة وفد الحكومة للمُفاوضات لنقول آخر كلمة، ولا نستطيع أن نقول إنّ هُناك اختراقاً أو مُعوقات حقيقيّة.
*كيف تنظر للمَسارات التي تمّ التّوقيع عليها من مسارات الشرق والوسط والشمال والحركة الشعبية قطاع الشمال؟
– مبروك للسُّكّان في المناطق المعنية لهذه المَسَارات، وافتكر هذا جيِّدٌ، لأنّ كل المسارات التي ذُكرت هي مناطق ذات مشاكل وقضايا حقيقيّة، تم حل جُزءٍ منها والآخر لم يُحل إلى الآن، والتوقيع بداية للأرضية المُشتركة للانطلاق نحو الحلول الدائمة للعملية السياسية القادمة.
*هَل تَمّ حسم ملف الأراضي والعدالة الاجتماعية؟
– هي مِن ضِمن القضايا التي نُوقشت وهي من المَلَفّات التي تنتظر الرأي القاطع من الوفد الحكومي بعد عودته من مُشاوراته في الخرطوم.
*وقّعتم مُذكِّرات تفاهُم مع عددٍ من الحركات المسلحة والبعض كان جزءاً منكم، هل تُريدون انضمام كل الذين خرجوا منكم والعودة إليكم مُجدّداً؟
– لا نقول إنّه انضمامٌ بقدر ما أنها كانت ظروفاً دخلت في مسار الثورة والحركة. وفي وقتها كانت هُناك مواقف وأسباب جعلت التنظيم ينشق لتنظيماتٍ مُختلفةٍ، لكن هذه الظروف جديدة يجب أن تضع رؤيةً حقيقيّةً من أجل إكمال التغيير بعد سُقُوط نظام المؤتمر الوطني، ونَسعى للتغيير الحقيقي عبر الأصوات السلمية والحشد الجماهيري عبر الانتخابات. لذلك رأينا أن نتّفق جميعاً مرة أخرى لإعادة الأمور إلى نصابها وعودتنا جميعاً لبعضنا البعض.
*حديثك عن الانتخابات، هل مُستقبلاً ستتحوّل إلى حزبٍ أو حركة سلمية؟
– بالتأكيد. ومنذ أن بدأنا في الثورة المُسلّحة، الغرض الأساسي مُشاركتنا في الانتخابات لعدم إعطائنا الفُرص الحَقيقيّة، وكذلك الثورات المُسلّحة انفجارها عبارة عن غضبٍ شعبي. وطالما هناك فُرصة أمام الجميع، فعلينا أن لا نخاف من الانتخابات الحرة والنزيهة.
*ماذا عن الترتيبات الأمنية؟
– هذه قضية مُهمّة، خاصةً وأنّ المُؤسّسات الأمنية في السودان هي التي تقف دائماً خلف الديكتاتوريات وحمايتها، ودائماً تُعطى فرصة وجهد كبير جداً من أجل إصلاح وهيكلة المؤسسات ونزعها من كل الكيانات أو الأحزاب والمناطقية، أو الثقافات التي تُهيمن عليها لتبقى مُؤسّسات وطنية قائمة ومُحايدة.
*إذن كيف يتكوّن الجيش الجديد الذي يتحدّث عنه المُجتمع؟ هل سيكون القوات المُسلُّحة والجبهة الثورية والدعم السريع أم هناك فَهمٌ جَديدٌ؟
– يجب تحديد كل المُسلّحين، بما في ذلك الجيش والدعم السريع والأمن والشرطة وقوات الحركات. وتُوضع لها سُقُوفٌ زمنيةٌ للانضمام، ومن ثَمّ كيفية التكنيك حسب عدد السكان وكيفية المشاركة في الكليات الحربية والفُرص التدريبية ورفع القدرات، فجميعها يجب أن تُراعي عدد السكان في المناطق وحصرها من الأعلى للأسفل. وقبل هذا يجب أن نُحَدِّد الأرقام الحَقيقيّة التي يجب أن تعتمد من القوات السودانية المسلحة والشرطة والأمن. وهذه الأجهزة الرئيسية التي يجب أن يتّفق عليها الجميع ومن ثم يأتي إصلاحها أو إعادة هيكلتها، وكل ذلك يتم عبر التجنيد والدمج وDDR والتسريح وتجربتها المعروفة في السابق.
*وماذا عن ورقة النازحين واللاجئين؟
– طبعاً هي أهم ورقة. وتمّت مُناقشتها من أول الأوراق خَاصّةً في دارفور، ووضعت عدداً من الصناديق من أجل إعادتهم فوراً إلى مناطقهم، ليس فقط من أجل العودة وإنّما تعويض نفسي ومالي، ويجب إعطاؤهم فرصة كافية للتعبير عن قضاياهم عن المُواطنة والمُشاركة السِّياسيَّة في الانتخابات والتّخطيط التنموي والسكاني وغيرها من القضايا.
*هنالك حديثٌ يتردّد عن قُوّاتكم خارج دارفور والأراضي السودانية؟
– هذا حَديثٌ مُزيّفٌ. والخلل السِّياسي والأمني والإنساني الذي لحق بدارفور جعل أبناء دارفور مَوجودين في كل مكانٍ، أمريكا وأوروبا وأستراليا. وهذا جعلهم غذاءً للأسماك في البحار. والشباب الذين يُهاجرون يُستغلون في النيجر أو ليبيا ودُول أفريقية أخرى وغيرها. جميعهم يتم استغلالهم كقُوّاتٍ لتنظيماتٍ مُقاتلةٍ، ربما هنالك ضباط أو مُقاتلون سَابقون، لكن ليس صحيحاً أنّ قُوّاتنا موجودة في أيِّ مناطق يسمُّونها.
*هناك حديثٌ عن إعادة هيكلة الخدمة المدنية.. كيف ترى الأمر؟
– الفساد الأكبر بعد سُقُوط البشير بدأ في الخدمة المدنية من تمكين الحركة الإسلامية أصبح تمكين الأسرة والوكلاء والوزراء وغيرهم وبناتهم وزوجاتهم في السفارات الخارجية وهذا أسوأ أنواع التمكين. وهي المحسوبية في أضيق الأوضاع التي يُمكن أن تُمارس في الخدمة المدنية. ما بعد سُقُوط البشير كان بعض الشئ أحسن، لأنّ المُحاصصة في الحزب والقبائل والآن أصبحت في الأُسر، لذلك يجب على الحكومة الحالية والمُنضمة للسلام يجب عليها إعادة هيكلة الخدمة المدنية من بداية التوظيف.
* ختاماً ماذا تقول للشعب السوداني؟
– عليهم أن يتّحدوا لإحداث تغييرٍ نهائي في السودان، والتغيير ليس في الحكومات فقط، وإنما تغيير الأحزاب باحتكارها للفُرص في الستين عاماً الماضية.