(الصيحة) تُبحِر وتتقصّى حول مشروع (قلب العالم) الهلامي
(2)
قانوني: هذه القضية نموذج لفساد الاستثمار في عهد الإنقاذ
مصطفى عثمان كان يقف وراء منح المشروع للمستثمر الأجنبي بدلاً من السوداني
وزارة الاستثمار: تم إلغاء الترخيص الممنوح للسعودي لفشله في الوفاء بالتزاماته
مدير المشروع: هناك جهات وقفت حجر عثرة أمام إنفاذ المشروع
تحقيق: محيي الدين شجر
في الجزء الأول من التحقيق، ختمت بأن وزارة الاستثمار الاتحادية، منحت أحمد عبد الله الحصيني جزيرة مقرسم، رغم أن وزارة السياحة أبرمت اتفاقاً مع رجل الأعمال دياب إبراهيم دياب ليدير الجزيرة لمدة عشر سنوات..
نموذج للفساد
وردّ هاشم كنة المستشار القانوني لدياب إبراهيم دياب والذي تابع قضيته ضد الحكومة السودانية في حديث لـ (الصيحة) بقوله إن قضية رجل الأعمال دياب إبراهيم دياب مع الدولة السودانية من التعقيد بمكان، حيث اعتبرها نموذجاً للفساد في الاستثمار في السودان في عهد الإنقاذ، وقال إن ملف القضية عامر بالمخالفات والتجاوزات..
وقال مصدر قانوني بولاية البحر الأحمر لـ (الصيحة)، إن دياب إبراهيم دياب وصل حتى المحكمة الدستورية، ولكنه لم ينجح في دعواه نتيجة للتعمد في إخراجه منها رغم تقديمه مستندات تشير إلى أنه الأحق بالجزيرة..
الإصرار
بدورها أصرّت وزارة الاستثمار على منح المستثمر السعودي أحمد عبد الله الحصيني جزيرة مقرسم لإقامة مشروعه فيها، ولم تأبه بالحكم الصادر لصالح دياب إبراهيم دياب، وقال لي مصدر مطلع بوزارة الاستثمار الاتحادية، إن المشروع كان بالنسبة للوزارة مشروعاً حيوياً، وكان يقف وراء المشروع مصطفى عثمان إسماعيل بعد أن أصبح وزيرًا للاستثمار، وكان قبلها مستشاراً لرئيس الجمهورية، وكان يتابع المشروع وقتهاً مُقدّماً له كل التسهيلات، ومن الطبيعي أن يسانده وهو وزير للاستثمار، مضيفاً: لهذا فتحت الوزارة دعوى قضائية في المحكمة الإدارية ضد دياب إبراهيم دياب لتحكم في عام 2013 بإعادة منح المستثمر السعودي أحمد عبد الله الحصيني جزيرة مقرسم، وإبعاد دياب إبراهيم منها رغم عقده الشرعي مع وزارة السياحة بالبحر الأحمر..
تعجُّب:
استغرب الجيلوجي عمار سيد أحمد شليعة والمُهتَم بطبيعة البحر الأحمر من عدم التزام الحصيني بتنفيذ مشروعه بجزيرة مقرسم بالبحر الأحمر رغم حصوله على حكم قضائي من المحكمة الإدارية، وذكر أنه أخذ وقتاً طويلًا ولم يقم بأي خطوة عملية لتنفيذ المشروع، وظل يروج للمشروع عالمياً ولم نر أي خطوات عملية تدل على أنه جاد في تنفيذ مشروع، مشيراً إلى أن الجزيرة كانت مناسبة جدًا لتنفيذ مشروعات ضخمة عليها..
إلغاء الترخيص
مصدر بوزارة الاستثمار الاتحادية ــ والذي فضل حجب اسمه ــ قال لـ (الصيحة): وزارة الاستثمار في يونيو 2016 بعد ابتعاد مصطفى عثمان عن المشروع وجدت سانحة لمراجعته ومن ثم قامت بإلغاء الترخيص الممنوح للمستثمر السعودي بسبب فشله في الوفاء بالالتزامات التي تؤهله للعمل بنظام المناطق والأسواق الحرة السودانية..
وأضاف قائلاً: وجدت وزارة الاستثمار أن حكومة ولاية البحر الأحمر لها رأي في تنفيذ المشروع نسبة لنكوص الشركة عن الالتزام بمسؤوليتها الاجتماعية تجاه المناطق الواقعة قرب المشروع .
احتجاج
ولم تسكت الشركة السعودية على إلغاء التصديق، وتقدمت بمذكرة تظلم لمجلس الوزراء والرئيس المخلوع عمر البشير،
وقال مدير مشروع قلب العالم سامي محمد محمود، في حديث موسع حول تلك التطورات، إن مشروع قلب العالم ظل يتعرض للتشويش والعرقلة منذ فترة طويلة، وهناك جهات – لم يسمها لكنها معروفة لديهم – تسعى إلى منع انطلاق المشروع. وزارة الاستثمار تتمسك
ويضيف مصدر بوزارة الاستثمار لـ (الصيحة) قائلاً: قرار إلغاء الترخيص صدر بناء على قرار المجلس الأعلى للمناطق الحرة لعدم التزام ملاكه بالاشتراطات واللوائح التي تفرضها السلطات السودانية المعنية بقضايا الاستثمار، وقال إن الوزارة لها كامل الصلاحيات لإلغاء الترخيص، وقامت بإبلاغ الشركة وأعطتها مهلة لتوفيق أوضاعها والوفاء بالمتطلبات التي تنص عليها اللوائح والقوانين السودانية، لكنها لم تستجب.
وقال إنهم حريصون على توفير التسهيلات والمزايا والحوافز لكل الاستثمارات السعودية في السودان، مشيراً إلى أن الاستثمارات السعودية في السودان هي استثمارات ناجحة ويعول عليها السودان كثيراً في إحداث نهضة اقتصادية مرتقبة.
أموال ضخمة
مصدر مقرب بشركة الحصيني ــ رفض ذكر اسمه ــ أكد أن الشركة السعودية كانت جادة في تنفيذ المشروع، وأنفقت أموالاً ضخمة لإنجاحه، وقال إن الغاء تصديقها تم بعد أن قطعت الشركة شوطاً في إبرام العقود وتلقت طلبات من شركات عالمية للتنفيذ؛ حيث تقدمت 400 شركة عالمية بطلبات و70 شركة تم التعاقد معها، نافياً أن تكون الشركة سمسارًا للمشروع، مبيناً أن إلغاء تصديق الشركة السعودية بغير وجه حق سيجعل بيئة الاستثمار في السودان طاردة .
عثمان هاشم أدروب الإعلامي والخبير السياحي بولاية البحر الأحمر قال لـ( الصيحة) إن مشروع قلب العالم كان من الممكن أن يتم، ولكنه منذ البداية قام على منطقة كانت ممنوحة لشخص آخر، وذكر أن فشل المشروعات في السودان دائماً يكون بسبب حرص بعض المسؤولين على أخذ عمولات من الخليجيين تحديداً دون أن يكون لهم اهتمام بالمشروع المقدم ولهذا تموت معظم المشروعات الضخمة في مهدها.
وأضاف قائلاً: الترويج لمشروع قلب العالم كان ترويجاً مكثفاً وتم إلغاؤه دون أي أسباب، مطالباً الجهات المسؤولة بفتح ملفه لمعرفة الأسباب التي حالت دون تنفيذ مشروع قُدّرت كلفته بـ 11 مليار دولار