من أين يأتي البريق؟!
في منتصف الثمانينيات أُلصِقت مخطوطة على حائط غرفة التحرير بصحيفة ألوان الأولى وفيها كُتب بخط النسخ الراقي:
(من أين يأتي البريق
من نور الشمس أم نور القرآن
وكلام كدوي النحل
يتربى فيه الولدان
أنا نستقبل الوليد
بالأذان في أذنه اليمنى
وبالإقامة في اليسرى) ..
أظن أن الخطاط المبدع (ود اللمين)استقاها من إحدى مقالات (الكرونكي) ولون بها وقتها بداياتنا الصحفية الباكرة.. فأنشب التساؤل الوجودي وجوده في انتباهات الخطى والبصائر..
ما أن تنتهي من فهم السؤال إلا ويمدك الوجدان بإجابات يقينية شتى.. تلملمك ولا تشتت.. وتلك قيمة مضافة لا تزول وإن جاهدتك مناهج وزارة التربية الجديدة أن تشرك به ما ليس لك به طاقة ولا علم..
تلك البدايات الضرورية التي تصل الإنسان بإنسانيته.. لتمنح روحه تلك النفخة الرحمانية، ولذة المضي في كنف الله فلا يرتد هائماً بلا روح مكباً على وجهه وبلا هدف.. مسخاً مادياً مشوّهًا..
(بتقرأ الحمدو يا المبروك؟!
بقراها..
وشان تعريفة ألقاها
أجود في القراية كمان )…
فهل أتى الوقت الذي نبكي مع (حوتة) ذلك الزمان المبروك ..
(وإيه يا يمه والله زمان)..
وهل سيتوقف سؤالنا التقليدي لشفعنا في زياراتنا للبيوت:
(أدوكم شنو في الروضة؟!)..
لتبدأ فواصل الإبداع الطفولي ملطفة أجواء المكان، مشرعة تواصلنا الواثق والشفيف مع المستقبل..
عليك الله يا القراي.. (ما تيسّر) دي خليها لينا في الروضة..
ينوبك ثواب…
غشنا بيها… ثلاث سنوات
(ما تيسر)..
وبعدها..
(انفرجت انفرجت ما اتفرجت بنبيع الجمل ونفرجها)..
لكنها وعن حق مجازفة شجاعة.. وعناد لافت يوده القراي وصحبه في مسرحهم المسروق على حين غفلة من الثورة وأهل القوم..
دون أي (تيستات)
أو (تسخينة).. مباشرة بي نمرة 5.. والجواز قريب والليد في مقبض الباب..
سيهربون مع الزبد الجفاء بينما سيبقى ويمكث في أرضنا ما ينفع الناس…
ولكن ألم يأن لهم (قبل أن تقوم قيامتنا) أن يعاودهم وخز ذات القلق بذات الأسئلة الماثلة..
ما جدوى الحياة بلا حياة؟!
وكيف ستتخلص من خيول وجدك الصاهلة الجموح.. وذاكرة خيول البعانخي الصاقعات.. لتؤثر السلامة و(الطعم السريع)..
أما نحن فمصيرنا أصبح مرتبطاً بهم وقد استهموا سفينتنا ويا للمرارة الأسى والحزن الفتيل…
إما أن نناصحهم إن أصغوا..
وإما أن ننازعهم إن استغشوا ثيابهم..
وإما أن نقاتلهم إن أصروا واستكبروا استكبارا..
وكان يا ولد
كان يا تجن
يا كان تحن
بِقت أمتك .. في ذمّتك
حان الوقت تماماً للشروع في مشروعك الأبدي (تطريقًا) للسان وتخلّصًا من الأغلال..
لله يا شايق تشيق
مكتوبة تبقى كَبِد حزن
لبطن غريق
وترميك قِسمتك
في مدن
تبنيها بي سهرك
تقوم
من نومه دنان الحزن
يوماتي تتكفرن عليك
من باب وكالة يتمنَّك
لي باب وكالة
وشيك وُشيك
ﻻ مِن تبيعك للمنافي الغربة حلم الكُضُّبُن
ﻻ قُلْتَ للريح ﻻ السفُن
وين ماشي بيك؟
عوّافي يا جلابي
كايس اليشتريك؟
بهذه الكلمات أرجو أن أودع (الصيحة) القديمة ومرحباً بـ(الفجر الجديد)..