تقرير ـ نجدة بشارة
بعد أشهُر من الشد والجذب على طاولة المفاوضات جوبا، وقعت الحكومة السودانية اتفاقاً إطارياً مع الحركة الشعبية لقطاع الشمال بقيادة مالك عقار، في خطوة كبيرة حرّكت جمود ملف السلام عقب تعثر المحادثات لأكثر من مرة ولم يحدث تقدم، نتيجة خلافات بين الحكومة والفصائل المسلحة من جهة، وأخرى بين الجبهة الثورية وإئتلاف الحرية والتغيير.
وحسب مراقبين، فإن الاتفاق مع الحركة الشعبية قيادة مالك عقار يدفع بقية الفصائل المسلحة إلى المضي قدماً في سبيل تحقيق السلام وإبرام اتفاقيات مماثلة مع الحكومة الانتقالية، معتبرين أن زيارة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مؤخرًا إلى “كاودا”، معقل الحركة الشعبية قيادة الحلو وكيانها المنشق جناح عقار التي ظلت معزولة لنحو تسع سنوات، أعطت نوعًا من التقارب وفتحت آفاقاً جديدة للسلام، ومع ذلك يظل التساؤل هل ستضع الحرب أوزارها في جنوب كردفان، والنيل الأزرق؟ ومعلوم أن حركة الحلو ما زالت مُتعنّتة وتضع الشروط والعراقيل لقبول الاتفاق؟
بنود الاتفاق
وشمل الاتفاق الموقع بين الطرفين على بنود الترتيبات الأمنية ونظام الحكم، فيما أوضح عرمان أن الاتفاق حوى مواضيع الأراضي وحق التشريع في المنطقتين وقضايا السلطة والثروة، وأوضح أن بنود الاتفاق تسمح لكل من جنوب كردفان والنيل الأزرق بسن قوانينها، ويهدف الاتفاق أيضاً إلى حل النزاعات المستمرة منذ وقت طويل حول الموارد مثل الأراضي.
الأهمية
وحسب محللين، فإن أهمية الاتفاق مع الحركة الشعبية تجيء من أن قيادة عقار أحد الفصائل المسلحة المهمة في تحالف الجبهة الثورية، وتسيطر على أجزاء واسعة من ولاية النيل الأزرق، وتضم قيادات سياسية بارزة كياسر سعيد عرمان، وخميس جلاب وغيرهما، كما أنها تكتسب أهميتها كونها امتداداً للحركة الشعبية لتحرير السودان ذاك الفصيل القوي الذي أسسه الراحل جون قرنق دمبيور، وخاض حرباً أهلية ضد الحكومة في الخرطوم انتهت باتفاقية السلام الشامل التي أفضت إلى انفصال جنوب السودان
وقال النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، إن التوقيع على الاتفاق الإطاري يؤكد صلابة العزيمة ومتانة الشراكة بين الأطراف المتفاوضة، مضيفاً أن وفد الحكومة لمفاوضات السلام يسعى إلى التوصل إلى سلام شامل يغير حياة الناس للأفضل وينهي المآسي التي سببها الظلم والتهميش، وأكد استعداد الحكومة لدفع استحقاقات السلام وأنها ستعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتحقيق الغايات.
تفاؤل ولكن!
من جانبه، أعلن الناطق الرسمي للحركة الشعبية قطاع الشمال العقيد سعودي عبد الرحمن في حديثه لـ(الصيحة) عن استعدادات وتجهيزات تجري الآن لاستقبال قيادات الحركة الشعبية جناح الشمال في الأيام القادمة وعبر في ذات الوقت عن تفاؤله بقرب اكتمال ملف السلام، وقال إن الحركة نظرت لمصلحة البلاد خاصة وأن السودان يمر بمرحلة مفصلية مما يتطلب تقديم التنازلات من كافة الكيانات السياسية، ورفقاء الكفاح المسلح لاكتمال التوافق الشعبي، وقطع بأن لا نوايا للعودة لمربع السلام، وأضاف أن زيارة رئيس الوزراء لـ(كاودا) كان لها الأثر الطيب، وأعطت انطباعاً برغبة الحكومة الحقيقية في السلام، وقال: الآن المنطقتان جنوب كردفان تحت قيادة خميس جلاب، والنيل الأزرق تحت قيادة مالك ، وياسر بقطاع الشمال، وأردف: كل هذه المناطق منذ الآن ستنعم بالسلام، وبسؤاله عن الحركة جناح الحلو وعن التوقعات بانضمامه للسلام، قال: الحركة الشعبية مع اختلاف الأجنحة تظل كياناً واحداً، رغم أن الحلو وضع شروطاً أمام الحكومة عن إيجاد ضمانات، إضافة إلى طرح العلمانية كخيار لإدارة الدولة، وأردف: كنت أعمل في يوم من الأيام مع الحلو, أتوقع أن يرضخ لخيار السلام في الآخر.
مؤشر إيجابي
وقال المحلل السياسي د. عبد الله آدم خاطر في حديثه لـ(الصيحة) إن الاتفاق الإطاري الذي تم بين الحكومة وعقار، مؤشر إيجابي في إطار العملية السلمية بالبلاد، رغم أن الاتفاق يعتبر منقوصاً لعدة أسباب، منها محدودية قدرات الفصيل المُوقِّع في مواجهة الفصيل الثاني بقيادة الحلو، لذلك ولأجل اكتمال صفقة السلام الناجحة، لأبد من إجراء حوار داخلي بين فصيل جناح عقار، وفصيل جناح عبد العزيز، ويفضل أن تقود الحوار أطراف محايدة بين الفصيلين وذلك لمصلحة المنظقتين، ولمصلحة السلام بصورة عامة، وذلك نسبة لأن المنطقتين مهمتان بالفعل لمستقبل السلام بالسودان، لأن النيل الأزرق وجنوب كردفان من المناطق الضامنة لاستمرار الأمن بالسودان وعدم عودة الحرب مع مناطق كدارفور، ويرى خاطر أن الحادبين والمستقلين من أبناء المنطقتين لن يتركوا السلام ينهار بعد أن وصل إلى وسط الطريق، وتوقّع أن يكتمل ملف المنطقتين، وأن تضع الحرب أوزارها إلى الأبد، معتبراً أن اتفاق عقار سيرصف الطريق أمام حركة الحلو للتوقيع مقبل الأيام.
دَفعة للحركات
من جانبه، رأى القيادي بالحركة الشعبية قطاع الشمال اللواء يعقوب تيراب يعقوب في حديثه لـ(الصيحة) أن الاتفاق الإطاري سيكتمل منتصف فبراير القادم، واعتبر اكتمال الاتفاق دفعة كبيرة للحركات الأخرى لتحذو حذو الحركة المُوقِّعة، وقال متفائلون باكتمال ملف السلام، فيما رفض ربط الحركة جناح عقار بالحركة الشعبية جناح الحلو في تطبيق السلام بالمنطقتين وكل مناطق الهامش، وقال إن أي حركة مختلفة تمثل كياناً قومياً منفصلاً.