فوضى الأسواق.. انعدام الرقابة
الخرطوم: سارة إبراهيم عباس
ارتفعت الأسعار في الأسواق بصورة أقل ما توصف بالجنونية وتزايدت الضائقة المعيشية لغالبية المواطنين بتوالي ارتفاع أسعار السلع الضرورية والخدمات وعدم قدرة الحكومة في السيطرة على انفلات السوق وأصبح عصيًا على المواطنين توفير مستلزماتهم الأساسية أكثر صعوبة من ذي قبل، وتضاعفت معاناة محدودي الدخل والشرائح الضعيفة،
تلك الزيادات أربكت حتى أصحاب الشركات في تحديد سعر معين، بل هناك عدد من الشركات أوقفت بضائعها لعدم وضوح الرؤية في الأسواق.
وأجمع كثير من التجار الذين استطلعتهم (الصيحة) على أن موجة الارتفاع يومية خاصة في السلع الأساسية كالسكر والدقيق والزيوت، مؤكدين على تراجع حركة التجارة ومبيعات السلع والقوة الشرائية لأدنى مستوياتها، لكن ما يقلق التجار ليس ارتفاع الأسعار فقط، بل تدني القوة الشرائية لحدود غير مسبوقة.
ويقول التاجر بسوق أم درمان حسب الرسول إن أسعار السلع الاستهلاكية شهدت ارتفاعاً كبيراً خاصة السكر والألبان والزيوت، حيث وصل جوال السكر زنة 50 كيلو إلى 2350 جنيهاً بدلاً من ٢٢٥٠ جنيهاً الأسبوع المنصرم، والجوال زنة 10 كيلو بلغ 477 جنيهاً بدلاً من 430 جنيهاً، أما سعر جركانة الزيت زنة 36 رطلاً بلغت 2200 جنيه، بدلاً من ١٩٠٠ جنيه، مشيراً أن سعر باكت دقيق سيقا بلغ 493 جنيهاً بدلاً من 400 جنيه بواقع البكت بـ 55 جنيهاً، أما زادنا ٥٠٠ جنيه بواقع ٥٠ جنيهاً للبكت، أما أما كرتونة الصلصة فبلغت 720 جنيهاً بدلاً من 605 جنيهات فيما بواقع العلبة 70 جنيهاً بدلًا من 60 جنيهاً، ووصل سعر كرتونة الشعيرية والسكسكانية والمكرونة 515 جنيهاً بدلاً من 400 جنيه، أما جوال العدس فبلغ 1850 جنيهاً بدلاً من 1300 جنيه، وجوال الأرز 880 جنيهاً بدل 600 جنيه.
وكانت وزارة الصناعة والتجارة قد أصدرت قرارًا الأسبوع الماضي بتكوين آلية دائمة بالوزارة لضبط ورقابة الأسواق الداخلية بما يضمن ضبط ورصد حركة الأسعار والنشاط التجاري وجودة السلع والموازين بولاية الخرطوم وكافة ولايات البلاد وتختص اللجنة بمتابعة ورصد حركة الأسعار ومؤشراتها ووفرة السلع الضرورية ورصد كافة أنواع الممارسات الضارة بالتجارة، بجانب القيام بحملات تفتيشية على الأسواق للتأكد من مدى التزامها بالضوابط والقرارات التي تصدر بشأن ضبط وتنظيم ورقابة حركة النشاط التجاري، وكذلك التأكد من صلاحية وجودة السلع المعروضة ومعايير الموازين بالأنشطة التجارية بالإضافة إلى التأكد من مدى إنفاذ قرار منع غير السودانيين من مزاولة التجارة الداخلية بجانب طلب تكلفة إنتاج وأسعار السلع المنتجة محلياً وأسعار الموردين والتأكد من عدم عرض السلع وتخزينها بطريقة مخالفة قد تغير من خصائصها وتسبب ضررًا للمستهلك، إضافة إلى التأكد من مدى التزام كافة القطاعات التجارية بكتابة البيانات التي توجهها المواصفات السودانية والاشتراطات الفنية اللازمة على السلع المعروضة وكذلك تنوير القطاعات التجارية بالقوانين المنظمة للعمل التجاري.
من جانبه، شدد الخبير الاقتصادي هيثم فتحي على ضرورة إنشاء هيئة عامة للتعاونيات، وإنشاء بنك تعاوني وشركة عامة لتكون هناك أذرع تنظيمية ومالية واستثمارية تدعم الاقتصاد التعاوني، لافتاً إلى نجاح هذه التجربة في عدد من دول العالم يدعو إلى سرعة الإقدام على إنشاء الجمعيات ودعمها.
وقال فتحي لـ (الصيحة) إن تجربة الجمعيات مفيدة، إذ تقدم الدولة أراضي للجمعية وتسهيلات جمركية وخفض في كلفة الخدمات اللوجستية، لتحقق هذه الجمعيات الفائدة المرجوة منها، فالمعروف تاريخيًا أن 80% من الاقتصاد الوطني السوداني مُحتكر (بشكل مباشر أو غير مباشر) من قبل عدد قليل من الشركات أو الأشخاص الذين لهم صلة مع أصحاب النفوذ، مشيراً إلى انخفاض أسعار النفط في الفترة المُمتدّة بين الأعوام 2014م إلى 2016 م (أكثر من 60%) لم ينعكس على أسعار السلع والبضائع في السودان. وأضاف: في تقديري أن ارتفاع الأسعار مرتبط بشكل أساسي بهيكلة الاستيراد الاحتكارية بامتياز وارتفاع أسعار صرف الدولار الأميركي لدى السوق الموازي منادياً بضرورة حماية المستهلك وتطوير قوانين حماية المستهلك وتحرك الجهات التي من أدوارها حماية المستهلك.
وقال إن اللجوء إلى رفع الأسعار من قبل التجار يكون إما للحفاظ على مصالحهم ورأسمالهم أو لتصيّد الفرص التسويقية، فارتفاع أسعار السلع في الأسواق جزء منه مبرر، لأن 90% من استهلاكنا مستورد وحتى السلع المصنعة محلياً جزء كبير من موادها الأولية تأتي من الخارج، أما ارتفاع الأسعار غير المبرر فهو ناتج عن جشع بعض التجار وفوضى الشراء التي يمارسها المستهلكون، وعدم إبلاغهم (نيابة حماية المستهلك) عن أي شكاوى أو مخالفات تتعلق بالأسعار في الأسواق، لذا أخشى أن يمتنع عدد من التجار عن شراء أو بيع كميات كبيرة من البضائع خشية التقلبات اللحظية التي يشهدها السوق في ظل انعدام الأمان الاقتصادي العام مهما تكن الأسباب الكامنة وراء ارتفاع سعر الصرف وانخفاض القوة الشرائية للجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، وتأثيراتها على الأسواق والأسعار والحياة اليومية، فإن الثابت الأكيد أن الاقتصاد السوداني يعاني من خلل كبير ويبقى المواطن هو الضحية الدائمة.
وحمل مسئولية الرقابة لأجهزة الدولة وليس غيرها لأنّ الانسحاب السلبي وغير المبرر الذي نراه من جانب هذه الأجهزة الرقابية أصبحت له آثاره المدمرة على حياة المواطنين.