مجزرة (كولوم) بـ”أبيي”.. من يُحاول إشعال الفتنة؟!
تقرير: عبد الله عبد الرحيم
أكد مسؤول محلي من منطقة أبيي أن أشخاصاً يُشتبه أنهم من قبيلة المسيرية قتلوا 29 شخصاً، بعضهم على الأقل ماتوا حرقاً في بيوتهم، في هجوم شنوه أمس الأول على قرية بمنطقة أبيي الحدودية مع دولة جنوب السودان.
وقالت الحكومة إنها لن تسمح باستمرار مسلسل استرخاص الدم السوداني في أي بقعة من بقاع السودان وستعمل بكل حزم لحماية المدنيين العزل وصون كرامتهم.
فمَن يُحاول إشعال الفتنة ونيران الحرب في أبيي الحدودية بين السودان ودولة الجنوب في هذه المرحلة التاريخية والحرجة والتي تحاول فيها الحكومتان لملمة أطراف النزاعات الأهلية التي اشتعلت بها مؤخراً؟
الحكومة تستنكر
من جهتها، أصدرت الحكومة عبر الناطق الرسمي باسمها فيصل محمد صالح، بياناً صحفياً حول أحداث منطقة أبيي أكد فيه إدانة الحكومة للهجمات التي طالت المدنيين العزل وشجب الأعمال الانتقامية والتصعيد والتحريض القبلي الذي لا يفضي إلا لمزيد من التوتر والعنف.
وجدد البيان موقف الحكومة الداعي لحل قضية أبيي عبر الحوار والتفاهم والتعايش المشترك بين المجتمعات المختلفة في المنطقة. ودعا البيان قوات اليونيسيفا الموجودة بالمنطقة للتحرك لضبط الأوضاع الأمنية وحماية المدنيبن.
نوك يدينون
وأدانت قيادات الدينكا نقوك بالسودان الهجوم الذي شنته مليشيات على منطقة (كولوم) شمال شرق منطقة أبيي، وقال كاربينو منيل إن الاعتداء يمثل مخالفة خطيرة للاتفاقات السابقة .
وقد وقعت الحادثة أمس الأول في منطقة (كولوم) التي تبعد 10 أميال شرق مدينة أبيي، مما أدى إلى مقتل وجرح ( 35) مواطناً بينهم ثمانية نساء وسرقة (15) طفلاً.
ووصف يوسف ملوك ميان المحامي رئيس تجمع أبيي المدني في بيان له، الاعتداء الذي تعرض له المواطنون الأبرياء بأبيي بالإجرامي. ودعا التجمع إلى التحقيق في الحادثة واتخاذ الإجراء المناسب ضد المحرضين على هذا الاعتداء الذي وصفه بالمتعمد، وأضاف: نحن نذكر حكومتي الدولتين بمسؤولياتهما في حماية المدنيين. وأشار البيان: لقد توالت المصائب والأحزان وكثرت الهموم والآلام فحينها يحسُن بنا أن نلبس ثياباً من الصبر أكثر من المعاناة التي تذوقها إنسان أبيي.
وطالب تجمع أبناء أبيي المدني بالسودان الحكومة السودانية والأمم المتحدة بضرورة إلقاء القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة فوراً بإعلان الإدانة الدولية لمجزرة كولوم التي تعتبر ضمن الجرائم الموجهة ضد الإنسانية، كما طالب بضرورة إيجاد حل نهائي لقضية أبيي التي ما زال يدفع مواطنها الثمن في ظل الحكومة الانتقالية.
احتكاكات ومُتفلتون
ويقول باشمهندس حسن علي نمر الرئيس السابق لإشرافية أبيي، إن قضية أبيي تدار من الطرف الآخر (صقور) من الحركة الشعبية وعلى رأسهم دينق ألور ومرجعيتهم الكلية د. دينق مجوك. وقال نمر إنهم حاولوا في الفترة السابقة ليقتربوا من اتفاقية 20/6/2011م ولم يجدوا فرصة ليتجاوزوها، لاختراقها وتجاوزها حيث أنها كانت مُلزمة للطرفين بمراقبة الاتحاد الأفريقي وأي تغيير لابد من أن يوقع عليه الطرف الآخر. وعزا حسن ما يحدث في أبيي إلى غياب الإدارة وإنفاذ بروتوكول أبيي، مشيراً إلى أن ما حدث جاء نسبة لحراك المسيرية في الدخول لمراعيهم الطبيعية في منطقة أبيي بحثاً عن الماء والكلأ والتي توارثوها عن أجدادهم قرابة الثلاثمائة عام، وهو حق طبيعي ولم يغيبوا عنها طيلة تلك الفترة، مشيراً إلى أن بعض المتفلتين من غير المسيرية، لم يسمهم، تربصوا بتلك التحركات للحيلولة دون وصول المسيرية لمراعيهم الطبيعية، وقاموا بقتل ثلاثة منهم ونهب مواشيهم في منطقة أشويل، مؤكدًا أن أولياء الدم من قبائل المسيرية تحركوا للبحث عن جثث أبنائهم وأموالهم المنهوبة وتعرضوا لكمائن في الطريق وحدث اصطدام ومواجهات بين الجانبين جراء هذه الأحداث المؤسفة.
استقالة صلوحة
وقال: ما زلنا نردده عدة مرات سواء كنا في موقع المسؤولية او مواطنين على الجهات المسؤولة سواء كان اليونيسفا أو الدولة أن تقوم بدورها كاملاً في حماية مواطني المنطقة من اعتداءات المتفلتين وحماية مراعيهم ومواشيهم معرباً عن آماله في عودة الطرفين إلى الوعي لتنفيذ اتفاقية 20/6/2011م التي تنص على قيام إدارية مشتركة ومجلس تشريعي واستقرار المنطقة. وقال بعد ذلك سوف تعم الفوضى والتفلتات جراء الاستفزازات وستخوض المنطقة فيما لا يحمد عقباه.
وجدد نمر بأن الفراغ الأمني والدستوري، هو سبب هذه الاعتداءات بالإضافة لعدم تطبيق الاتفاقية والالتزام بما تم الاتفاق عليه بين الطرفين. ودعا العقلاء من الطرفين إلى العودة للاتفاقية وحفظ حقوق المواطنة وطالب السياسيين من الطرفين أن لا يصبوا الزيت على النار والبحث عن حلول للقضية. وقال إن البحث عن الحلول هو ما تم الاتفاق عليه عبر قيام اليونيسفا بدورها عبر تجريد المواطنين من السلاح لأجل الاستتباب الأمني في المنطقة، وأكد أن خلفه صلوحة قدم استقالته لأن الطرف الآخر لا يريد أن يعمل لأجل السلام والتعايش السلمي في أبيي، بمزيد من التعنت والوقوف أمام تطبيق الاتفاقية، وطالب نمر المركز بإعطاء ملف أبيي الاهتمام الأكبر وصولاً لسلام وأمن مستدامين هناك.
مهام اليونيسيفا
وأصدر تجمع الشباب السوداني الثوري الحر أمس بياناً، أدان خلاله المجزرة التي حدثت في أبيي وارتكبتها مليشيات مسلحة لم ينتزع منها السلاح داخل حدود محكمة التحكيم الدولية بلاهاي حسب اتفاقية الترتيبات الأمنية والإدارية المؤقتة لمنطقة أبيي الموقعة في 20/6/2011م بين الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان وحكومة جمهورية السودان وتنص على إعادة انتشار الجيش السوداني والجيش الشعبي خارج منطقة أبيي مباشرة عقب انتشار قوات اليونيسيفا. وأكد بيان الشباب الثوري الموقع بأسم شول ميوين، إن أحداث قرية كولوم خلفت خمسين قتيلاً وجرح ثلاثين بينما فقد العشرات من المواطنين وذلك صباح الأربعاء الماضي.
وطالب التجمع الحكومة الانتقالية بتحمل مسؤوليتها كاملة لحماية المواطنين العزل والقبض على المليشيات المسلحة والجناة كما دعا التجمع حكومتي البلدين (السودان- والجنوب) إلى القيام بمسؤولياتهم الأخلاقية تجاه ما لحق بمواطني قرية كولوم من جرائم توصف بأنها ضد الإنسانية وطالبوا بمراجعة مهام قوات اليونيسيفا المتواجدة بالمنطقة من قبل الأمم المتحدة.