تمديد حالة الطوارئ.. دواعٍ ومُبرِّرات
تقرير: صلاح مختار
قدّم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك طلباً إلى مجلس السيادة الانتقالي لتمديد حالة الطوارئ، بيد أن المتحدث باسم المجلس أكد أن الأخير قرر رفض هذا الطلب. وقال المتحدث باسم مجلس السيادة الانتقالي، محمد الفكي سليمان، إن المجلس رفض طلباً من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، لتمديد حالة الطوارئ في البلاد.
تدابير احترازية
وفي 10 أكتوبر الماضي مدّد مجلس السيادة، حالة الطوارئ في جميع مناطق السودان، لمدة ثلاثة أشهر. ووفقاً لنص المادة (40) من الوثيقة الدستورية التي تقرأ (يجوز لمجلس الوزراء أثناء سريان حالة الطوارئ أن يتخذ أية تدابير لا تقيد، أو تلغي جزئياً، أو تحد من آثار هذه الوثيقة).
تقديرات خاصة
ولتقديرات المجلس السيادي، فان الناطق الرسمي باسم السيادي قال إن رئيس الوزراء قدم طلباً إلى مجلس السيادة بتمديد حالة الطوارئ، والمجلس رفض الطلب. وأوضح أن تقدير المجلس أنه لا حاجة لتمديد الطوارئ، في ظل استقرار الوضع في البلاد.
بيد أن المجلس السيادي لم يُغلق الباب أمام مناقشة أسباب طلب حمدوك بالتمديد، وأتاح المجلس الذي فوّض رئيسه عبد الفتاح البرهان، أتاح الفرصة لمزيد من النقاش وبيان الأسباب والمسببات في لقاء يجمع البرهان مع رئيس الوزراء، والاستماع إلى حيثيات ودوافع طلبه، ثم عرضها على المجلس في اجتماعه القادم (لم يحدد موعداً)، وبناء على هذه الحيثيات، سينظر المجلس في تمديد حالة الطوارئ من عدمه.
دواعٍ ومبررات
ويبدو من خلال الاحتجاجات الشعبية لأنصار النظام السابق تحت مسمى الزحف الاخضر، بجانب وضع كل الموقوفين من رموز النظام السابق تحت قانون الطوارئ بالسجون ولم تكتمل قضيتهم، بالإضافة إلى الأحداث التي بدأت تظهر من وقت لآخر في الولايات ومنها تمرد قوات العمليات بجهاز الأمن والمخابرات أخيراً, والمهددات الأمنية بعد إلقاء القبض على كميات من الذخيرة الحية في أمدرمان بجانب أن الحكومة ما زالت تعمل على تفكيك التمكين الذي يحتاج لوقت, كل تلك الأحداث تلقي بظلالها على الحكومة في النظر بعين الاعتبار في طلب تمديد قانون الطوارئ خاصة أن الوضع السياسي الداخلي يوصف بالهش.
كلمة حق
وأرجع المحلل السياسي د. صلاح الدومة لـ(الصيحة) أسباب طلب حمدوك تمديد الطوارئ إلى الانفلات الأمني وظهور (النيقرس), والمظاهرات العشوائية, والمسيرات التي يقوم بها أنصار النظام البائد المسمى بالزحف الأخضر, وقال: متوقع أن يحدث صدام بين أنصار النظام السابق وأنصار قوى الحرية والتغيير. بيد أنه قال: هذا في تقديري غير مهم، وأن المهم رغم إقراره بأن حمدوك رجل عالم وخبرة ولديه علاقات، إلا أنه رجل غير شرس في تعامله مع القضايا آو الآخرين، وقال: (المفروض تكون لديه شراسة تجاه مجلس السيادة) ومواجهتهم بالقضايا التي تعطل الحكومة والدولة وتخلق مشاكل مثل جهاز الأمن.
وقال: نظام الإنقاذ نظام عنيد أجوف وليس لديه مانع في الأشياء التي تضره والآخرين، ورأى أن على حمدوك أن يغير في تعامله مع السيادي ولا ينتظر تمديد الطوارئ وإنما يستمر في محاكمة الذين يزعزعون الطوارئ حتى يبطلوا العبث.
حالة استثنائية
ويقول المحلل السياسي بروفسير إبراهيم أحمد آدم في حديثه لـ(الصيحة): ليست هنالك مبررات لتمديد حالة الطوارئ، وأضاف: لم يقدم رئيس الوزراء ما يبرر ذلك الطلب. وأكد أن الأمور في البلاد تسير نحو تحسّن كبير تجاه الأمن، ورأى أن حالة الطوارئ معني بها في المقام الأول مسألة الأمن، واآن ليست هنالك تفلتات أمنية في كل الولايات تقريباً, وأن وحالة الطوارئ حالة استثنائية, وبالتالي لابد أن يترك الناس في حالتهم الطبيعية في ممارسة حياتهم والاستعداد لكل قضايا الفترة الانتقالية.
محاكمة عادلة
ولا يستبعد إبراهيم أن يكون الطلب بسبب وجود رموز النظام السابق بالسجون أو الحالة الأمنية, بيد أنه يقول: إذا كان هنالك من رموز الإنقاذ متهم وفي السجون عليهم تقديمه إلى المحكمة, وبالتالي السؤال الذي طرحه إبراهيم لماذا يستمر هؤلاء في السجون أصلًا حتى هذه الفترة، إذا ما كان هنالك ما يستدعي تحويلهم إلى النيابة؟, وقال: يجب أن تفتح البلاغات إذا كان هنالك متهمون يُحالون إلى المحاكمة عادلة وتصدر نتائج المحاكم في كل أنحاء السودان، بالتالي ليس هنالك مبرر لاستمرار أو تمديد حالة الطوارئ.
موقف مناقض
وسبق لقوى إعلان الحرية والتغيير، إعلان موافقتها على تمديد حالة الطوارئ المفروضة في السودان بسبب الوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد، لكن الخطوة قوبلت بمعارضة القوى الحزبية غير المشاركة في الحكومة وغالبها تيارات إسلامية ناصرت وشاركت حكومة الرئيس المعزول عمر البشير.
ووصف بيان لحزب المؤتمر (الشعبي) موقف قوى الحرية والتغيير المؤيد للطوارئ بـ(المناقض لثورة الشعب السوداني)، واعتبره سعياً ديكتاتورياً جديداً وذريعة للتضييق على حرية التعبير، وتقديم سلطان السلطة على قيم الحرية، وذريعة لحرمان المواطنين من حقوقهم الأساسية التي تفجرت من أجلها ثورتهم.
وأضاف البيان (تمديد حالة الطوارئ يعني أن تُقدم الحكومة ومن خلفها قوى الحرية والتغيير إذناً جديداً بمزيد من سفك الدماء لأبناء شعبنا، بل وتحرض على ذلك بتبريراتها الشائنة بتوالي أزمات المعيشة وخلافها).
شعارات الثورة
ورفض القيادي بحزب الإصلاح الآن أسامة توفيق على موقعه في (الفيس بوك) تمديد حالة الطوارئ ودعا للالتزام بشعار حرية سلام وعدالة والالتزام بالقانون.
فيما قال أحد المواطنين ويدعى صديق لـ(الصيحة) إن الثورة قامت من أجل الحرية وهي أحد شعاراتها، وأضافك اي نكوص من الحكومة غير مقبول، وإذا لم تستطع الحكومة مواجهة الأعباء عليها أن تضع استقالتها ليختار حمدوك آخرين يمثلون الشعب ويقدرون استحقاقات الشارع.
مفهوم العدالة
وانتقد القيادي بحركة العدل والمساواة د. عبد العزيز نور عُشر، في أكتوبر 2019 تمديد حالة الطوارئ, وأكّد أنّها تتناقض ومفهوم العدالة، ووصف تمديدها بغير المُبرَّر. وقال عُشر لـ(الصيحة)، إنّهم ضد تمديد الطوارئ، وذكر أنّ الفترة الماضية كانت كافية لتوجيه تُهم لقادة النظام السابق المُتَحَفّظ عليهم بحكم الطوارئ، واعتبر أنه لا يُمكن سريان حالة الطوارئ في فترة ما بعد الثورة، وأنّ على (قِوى التغيير) توفير مناخ إيجابي، وأضَافَ: (لو ركنت قِوى الحُرية والتغيير إلى تمديد الطوارئ فلن تتركها أبداً)، وتابع: (في مناطق الحرب والنزاعات يُعتبر هذا التمديد اِنتهاكاً لحُريات المُواطن سيما في ظل وقف إطلاق النار).