حكايات الفاتح النور (2)
نواصل الروايات التي حكاها رائد الصحافة الإقليمية أستاذنا، الفاتح النور ونعرض في هذه الزاوية بعضاً من قصصه عن طرائف حكيم المسيرية الشيخ الكبير نمر ناظر عموم المسيرية حينها، وهو كما سرد الذين عايشوه عرف بأنه من أذكى زعماء العشائر السودانية وأخفهم دماً وألطفهم حديثاً بحسب حكاية عمنا الفاتح النور الذي قال في إحدى زياراته الصحفية لديار المسيرية عام 1947م مكثت مع الناظر بابو نمر عدة أيام في المجلد التي يحلو لأهلها بتسميتها بـ (دينقا أم الديار)، يقول الفاتح النور إنه في رحلته تلك سمع طرائف تملأ كتاباً لو سجلها في حينها ذكر منها ما أورده عن فضيلة الشيخ علي عبد الرحمن القاضي الشرعي لغرب كردفان في مدينة النهود في ذلك الزمان والذي ذات مرة التقى بالناظر بابو فقال له : (أنا ألاحظ بأن عربكم يقيموا السوق الإسبوعي يوم الجمعة فينشغلوا بالتجارة ويتركوا صلاة الجمعة مع أنها أهم ما في يوم الجمعة وهو يوم عظيم خلق فيه آدم وتقوم الساعة فيه وبه ساعة لا يرد فيها الدعاء ..إلخ!!)، قال الناظر بابو نمر: (طيب يا مولانا ما تزورنا وتقول ليهم الكلام السمح دا) فوافق على الفور وحدد يوم الجمعة القادم وفي سوق بابنوسة جمع الناظر العمد والمشائخ والتجار ليحدثهم مولانا عن فوائد يوم الجمعة وقد حدثهم مولانا حديثاً قيماً بذل جهداً عظيماً فيه لإقناعهم بفوائد يوم الجمعة، وختم حديثه والسرد للفاتح النور بقوله :(اتخذوا يوم الجمعة المبارك والعبادة واختاروا يوماً آخر للسوق) وسكت ليعرف رأيهم وهو مقتنع تماماً بأنه أقنعهم ..!!
فقام العمدة بلال وهو فصيح اللسان فقال: (والله يا مولانا كلامك حلو! كنا نعرف يوم الجمعة سمح قدر دا ! أها نحن دقناه لسوقنا انتو شوفوا ليكم يوم آخر للجمعة ..!!
ويقول الفاتح النور في منحى آخر إن الناظر بابو قال ليهو :(سمعت القالوه العرب فيك) قلت ليهو: خير ماذا قالوا. قال سأل أحدهم الآخر 🙁 إنت الأفندي الماشي مع الناظر دا منو? فأجابه دا بتاع جريدة كردفان)، فرد السائل: بسم الله ..( الزول قايلو مأمور السكر ..تاري وراقي ساكت..) قال له : (لا الأستاذ دا رايح يكتب يطالب الحكومة بزيادة نصيبكم من السكر والشاي) فرد: هاي .. كان كدا فيه فايدة ..انا والله قايلة هداي ساكت ..!!) ـ والهداي ـ لمن لا يعرفه هو الشاعر المحلي الذي يمدح لعطاء ويذم لحرمان ! عند العرب !! انتهت هذه الرواية من حكايات الفاتح النور لنقول ما أكثر الهدايين في زماننا، هذا وإلا لما جهل الإعلام تلك المناطق المنسية ولنقلت الصحافة نبض الولايات وأنينها من المعاناة لا سيما ولاية البترول وعظم الاقتصاد الوطني غرب كردفان التي تعد نفسها هذه الأيام للتعبير عن قضاياها وهمومها بطريقتها الخاصة وحددت مبدئياً يوم 1 فبراير2020م موعداً للتعبير السلمي لتكشف الولاية عن كنوزها ومميزاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية آمل أن ينقل الإعلام النبض الحي لولاية التنوع الإثني التي تضم مجموعات سكانية ذات تاريخ منها قبيلة حمر بأقسامها الرئيسية (العساكر والدقاقيم) وقبائل النوبة خاصة قبائل كمدا، وتلشي وتيما وطبق والكاشا والشفر وأبو جنوق وقبائل البقارة ومن بينهم المسيرية الزرق، والحمر بتفريعاتهم المختلفة وتاريخهم الناصع بالإضافة إلى قبيلة الداجو بعمقها الضارب في جذور التاريخ الوطني.