غُمُوضٌ ومعلوماتٌ مُتضاربةٌ، وتسريباتٌ مجهولة المصدر، يتم نشرها من غير عمد أو قد تكون عن عمدٍ، وتجد طريقها إلى وسائط التّواصُل الاجتماعي ووسائل الإعلام المُختلفة، حول أبرز الشخصيات إثارةً للجدل منذ عهد النظام السّابق، وبعد أن سقط!
تَدُور المَعلومات حول صلاح عبد الله المشهور بـ(قوش) أشهر رجل مخابرات في تاريخ السودان، من خلال الأدوار التي لعبها، والتي كان يَقُوم بها على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي.
بَرَعَ (قوش) وعَشِقَ علم الرياضيات، ذلك العشق قاده لدراسة الهندسة، والتي كل المساحات والتحرُّكات فيها محسوبة بـ(الملم)، ليست هناك مساحة لأيِّ فراغاتٍ، فكان (قوش) كذلك، يقرأ النتائج قبل أن تصبح واقعاً، إلا في ثورة ديسمبر فلم تكن النتيجة لديه (1+1=2).
لأنّ (قوش) رَسَمَ الخُطة، وحَدّدَ اللعيبة وهَيّأ المَسرح، فَسَقَطَت الإنقاذ، دُون أن يكون قادة المؤتمر الوطني المحلول مُستوعبين لمآلات الأحداث، لثقتهم التامّة في صلاح (قوش)، لم يتسلّل الشك لأيٍّ منهم بأنّ (قوش) يسعى لحصار الملك في (رقعة) مُحدّدة وتحديد حركته إلى أن يسقط.
ليس هناك أدنى شك أنّ (قوش) كان يُريد له موطئ قدم لحكم السودان وهو طُمُوحٌ مَشروعٌ، لكن تَبَدّدَ كل ذلك بعد السخط الكبير الذي وجده، مُنذ انطلاق ثورة دِيسمبر، بِسَبب الطَريقة الفَظّة التي تَعَامَلَت بها قُوّات الأمن وهيئة العمليات تحديداً مع الثوار في الشارع، وداخل الأحياء والبُيُوت، فخرجت من أوسع الأبواب غَير مَأسوفٍ عليها.
الحديث عن صلاح (قوش) مِن حينٍ لآخر ربما قُصد منه إبقاء الرجل في دائرة الأضواء، مِمّا يعني أنّ هناك من يُريد له دَوراً في مُستقبل الأيّام، فهل سيُعود (قوش) مُجدّداً لتحقيق طُمُوحِهِ ذلك؟ ومن أيّة بوابة سيدخل؟
تعاوُن (قوش) في وقتٍ من الأوقات مع الإدارة الأمريكية في مكافحة الإرهاب، وظنّ الكثيرون حينها أنّ أمريكا تُريده أن يكون خلفاً للبشير، ويكاد يكون هذا هو السبب الذي أطَاحَ به من رئاسة الجهاز في العام 2013، دُون أيِّ أسبابٍ واضحةٍ، ومن ثمّ اتّهامه بالمُشاركة في المُحاولة الانقلابية مع مجموعة ود إبراهيم في العام 2012، لكن يبدو أنّ كثرة التقاطُعات في كَابينة القيادة بالقصر، أكّدت للبشير أنّ (قوش) هو الرجل القوي والأمين الذي يُمكن أن يَكُون سدّاً منيعاً لأيِّ اختراقٍ يُطيح بالبشير وحكومته.
علاقات الرجل مع الإمارات أيضاً يُمكن أن تلعب دَوراً في مسيرة الرجل المُستقبلية، باعتبار أنّ الإمارات كانت تقف ضد مشروع الإسلام السياسي في السودان، وهو ما أطاح به (قوش)، وحَقّقَ للإمارات ما تُريد.
في ظل هذا المشهد غير واضح المعالم، سيظل (قوش) مُتخفياً، تُنسج حوله الروايات والحكايات، وربما الأساطير، بينما يكون هو مُستلقياً على أريكةٍ شاطئيةٍ في مكانٍ ما، يتصفّح هاتفه، من وراء نظارته (الفوتو)، ويحرق مزيداً من السجائر، مُنتظراً تقلُّبات السياسة..!