الخرطوم: جمعة عبد الله
تنصلت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي عن تحمل رسوم الخدمات الحكومية التي يتم سدادها إلكترونياً، بإصدار قرار جديد يقضي بتحمل متلقي الخدمة لقيمة العمولة، وتخوف مختصون من تأثير القرار على الدفعيات الإلكترونية، مشيرين إلى أنه يتنافي مع مبادئ الحكومة الإلكترونية التي تشجع على السداد إلكترونيًا والتخلي عن الكاش، كما أن المستفيد يسدد رسوم الخدمة كاملة.
وشرعت المالية فعلياً في تحصيل العمولات على السداد الإلكتروني للخدمات الحكومية، رغم خلو الموازنة من أي رسوم جديدة، وبدأت الوزارة بتحصيل العمولات اعتبارًا من الأربعاء الماضي “15” يناير على كافة الخدمات الحكومية التي يتم سداد رسومها إلكترونياً، يتحملها متلقي الخدمة.
وحصلت “الصيحة” على خطاب صادر عن وكيل الوزارة بالرقم “4”- 2020″ بتاريخ 6 يناير الجاري، قررت فيه أن يتحمل متلقي الخدمة سداد عمولات الدفع الإلكتروني للخدمات الحكومية، وخول القرار بنك السودان المركزي وعبر شركة الخدمات المصرفية الإلكترونية بتحصيل الرسوم عن العميل وفق الطريقة التي تراها مناسبة، وعنونت الوزارة الخطاب للمؤسسات والوحدات الحكومية والبنك المركزي وديوان المراجعة الداخلية، وديوان الحكم الاتحادي، والمركز القومي للمعلومات، وصورة الى ديوان الحسابات القومي والمراجع العام، ووجه الخطاب بإنفاذ القرار اعتباراً من 15 يناير الجاري.
وبحسب أرقام يبلغ عدد الخدمات الحكومية نحو 1400 خدمة يتم سداد رسومها إلكترونياً، ولا تتوفر أرقام دقيقة لعدد المعاملات اليومية، لكن عائداتها ليست قليلة، وتأخذ شركة الخدمات المصرفية الإلكترونية المملوكة لبنك السودان المركزي 30% منها مع شركاء آخرين نظير تشغيل نظم الدفع، كما تأخذ الشركات التي توفر خدمة وأجهزة نقاط البيع بقية النسبة من العمولة.
للدقة لا تعتبر هذه العمولة جديدة، فهي مطبقة منذ عامين لكن الجديد أن متلقي الخدمة هو من يتحمل سدادها بدلاً عن وزارة المالية، حيث أصدر بنك السودان المركزي في يناير 2018 منشوراً لكل المصارف والشركات العاملة بخصوص فرض رسوم على خدمات الدفع الإلكتروني الحكومية، وبين المنشور أن الرسوم تبلغ قيمتها من ثلاثة إلى سبعة جنيهات، وتفرض على المعاملة الإلكترونية الواحدة، التي تتراوح من 50 إلى 700 جنيه، على أن يتم توجيه تلك الرسوم إلى المصارف والشركات مقابل إتاحة خدمات الحكومة الإلكترونية عبر قنواتها المختلفة، مثل الصرافات الآلية، نقاط البيع وتطبيقات الدفع عبر الموبايل، ونص المنشور على أن تقوم وزارة المالية بتحمل هذه الرسوم نظير إعفاء المواطن من هذه الرسوم، بحيث يدفع قيمة الخدمة الحكومية فقط دون رسوم المعاملة الإلكترونية.
وأشار مصدر مطلع بديوان الحسابات القومي إلى أن هذه العمولات لم تكن مدرجة في موازنة 2020م، مشيرًا إلى المعاملات الحكومية الإلكترونية التي تتم يوماً تبلغ عشرات الآلاف تسدد رسومها إلكترونياً، بعائدات مليونية لم تكن مضمنة بالموازنة، حيث أن الموازنة وموجهاتها خلت من أي رسوم جديدة بحسب ما أعلنته وزارة المالية نفسها.
وأبدى المحلل الاقتصادي قاسم صديق، استغرابه من القرار، وقال لـ “الصيحة” إن هذا التصرف سيجلب للمالية سخط الكثيرين، وقال إن الموازنة تسير في وادٍ وإيراداتها غير المغطاة في اتجاه آخر، لافتاً لعدم مسوغ قانوني يلزم المواطن بسداد عمولة لخدمة دفع ثمنها كاملاً.
وكانت السياسة السابقة تلزم المواطن بدفع مبلغ 1 جنيه عن كل معاملة يجريها في أي نقطة بيع، ومن ثم قررت الجهات المعنية عدم تحميل المواطن عبء رسوم الخدمة هذه، وهو قرار يصفه خبراء بالمنطقي، لأن المواطن في كل العالم تقريباً لا يتحمل دفع رسوم خدمة مقابل استخدامه لنقاط البيع، بل يتم تحفيزه أحياناً.
أما فيما يلي الدفع الإلكتروني للخدمات الحكومية، فقد أجمع الكل على ضرورة أن تتحمل وزارة المالية رسوم خدمة الدفع الإلكتروني فهي المستفيد الأول والأكبر منه، وقبلت الوزارة منذ بدء الدفع الإلكتروني للخدمات الحكومية تحمل عبء رسوم الخدمة لتشجيعها، وللفوائد المباشرة وغير المباشرة التي تجنيها الوزارة والدولة من دفع رسوم الخدمات الحكومية إلكترونياً، وبحسب القرار الجديد ستضاف رسوم خدمة الدفع الإلكتروني للخدمات الحكومية، فمثلاً إن كان إصدار الأوراق الثبوتية ومعاملات الجوازات ورخص القيادة وغيرها تضاف لها قيمة العمولة التي كانت تتحملها وزارة المالية.