تقرير: صلاح مختار
تركت القوات المسلحة الباب موارباً لـ(المجاهدين) بقوات الدفاع الشعبي للانضمام للقوات المسلحة أو التسريح، وطبقاً للناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد ركن عامر محمد الحسن أن القوات المسلحة شكلّت لجاناً لتسوية أمر (المجاهدين) بقوات الدفاع الشعبي، وقال: من يرغبون في التجنيد سيتمّ تجنيدهم، ومن لا يرغب سيُستَلم منهم السلاح ويعودون كبقية المجاهدين الآخرين، وإن اللجنة تسير سيرها الطبيعي في عملها إلاّ من أبى وهم المجاهدون المستنفرون ضمن القوات المسلحة، وأكد أن أيّ مجاهد غير مستنفر وغير موجود في أيّ موقعٍ من مواقع التخندق مع القوات المسلحة، فهو مواطن عادي ولهم كامل حقوق المواطنة.
شواغر الجيش
ولأن حمل السلاح في بعض الولايات أصبح أمراً طبيعياً ومألوفاً، فإن الدعوات قد تكررت بجمع السلاح غير الذي بيد القوات المسلحة، ولذلك حذر الناطق الرسمي باسم الجيش من حمل السلاح خارج أطر القوات النظامية، وأكد أن كلّ الأسلحة جُمعت بموجب اللجان، ورأى أن أيّ فردٍ خارج منظومة الاستنفار ويحمل سلاحاً هو مُساءَل قانونيًا، بيد أنه قال: المجاهدون الموجودون الآن ضمن القوات المسلحة وفي الخنادق، والمناطق التأمينية وتأمين المنشآت هؤلاء مسؤولية القوات المسلحة مسؤولية مباشرة، وينطبق عليهم القانون العسكري، وقانون الدفاع الشعبي. وقال: اللجنة شارفت على الانتهاء، ولمن يرغب، مبيناً أن القوات المسلحة تحتاج لكل أبناء السودان، سواء من ظاهروا بالأمس من أفراد هيئة العمليات، والمجاهدين القدامى، إذا أرادوا الانخراط في القوات المسلحة هذا خير كثير.. القوات المسلحة ما زالت لديها شواغر لاستيعاب هؤلاء وهم أولى باعتبار أنهّم قدموا لهذا الوطن.
قوات موازية
قوات الدفاع الشعبي أسست كقوة شعبية مسلحة موازية للجيش في نوفمبر 1989 عقب انقلاب الإنقاذ بفترة وجيزة لا تتعدى الخمسة أشهر ربما سيطرة الأيدلوجية التي قامت عليها الحركة الاسلامية تدعيم أسس قيام الدفاع الشعبي وتكوين كتائب المجاهدين، حيث كانت تشكل قوة احتياطية للجيش. وبحسب تقرير لقسم البحوث الفدرالية التابع لمكتبة الكونغرس صدر في 2004، فإن تلك القوات تتألف من (10) آلاف عسكري فاعل وأكثر من (85) ألفاً في الاحتياط. ربما عدد قوات الدفاع الشعبي أكثر بكثير بعد دمج أعداد كبيرة من القبائل.
هيكلة القوات
وتعتبر ولاية غرب كردفان من الولايات التي تنتشر فيها قوات الدفاع الشعبي، وقد شارك الكثير منهم في العمليات التي قام بها الجيش سواء بالجنوب أو في تأمين الولايات أو في مناطق البترول، ولذلك عندما تغيرت الحكومة بعد ثورة أبريل, أعلنت عن هيكلة القوات التابعة للجيش ومنها الدفاع الشعبي والخدمة الوطنية. ولكن بعد مرور بعض الوقت من قرار حل مؤسسة الدفاع الشعبي أغلق (مجاهدون) من الدفاع الشعبي في ولاية غرب كردفان الطريق القومي الرابط مع العاصمة الخرطوم عند نقطة الفولة مركز الولاية هذا الأسبوع، مطالبين بتسوية أوضاعهم. واكتفى المحتجون من قوات الدفاع الشعبي بالولاية بارتداء الزي العسكري فقط رغم امتلاكهم أسلحة مطالبين بتوفيق أرضاعهم عقب قرار هيكلتهم.
تسوية الحقوق
ويقول جعفر بانقا أحد قيادات المجاهدين في حديثه لـ(الصيحة) أولاً، المجاهدون منذ أن أصدرت قرارات حل مؤسسة الدفاع الشعبي تم استبعادهم بالكامل، والآن المجاهدون ليس لديهم أي وجود في الساحة، وقال إن مسألة تسوية الحقوق معني بها الكوادر الإدارية التي كانت تعمل بالمنسقيات التابعة للدفاع الشعبي، وهم في الأصل ليس لديهم حقوق، فالمجاهدون يستنفرون مع النفرات التي تعلنها الحكومة ويقضون وقتهم ثم يرجعون إلى مواقعهم، بعضهم يتم منحهم خلافة وآخرون ليست لديهم خلافة. وبالتالي تسوية الحقوق للناس في الهياكل الإدارية التي كانت تعمل في منسقيات الولايات، والآن الدفاع الشعبي غير موجود في الساحة بصفة رسمية.
أغراض سياسية
ويبدو أن المهددات الأمنية التي فرضت وجود المجاهدين لم تنته بعد عند بانقا، حيث يرى أن دواعي وجودهم ما زالت قائمة، وقال: الجهاد ماض إلى قيام الساعة، وأضاف أن المجاهدين أخذ وا تدريباً عالياً وخبرة في العمليات، ولذلك لا يمكن أن تنتهي بسهولة، لأن القضية هي القضية ولكن لمصلحة الحكم القائم الأن هيكلة كل المؤسسات القومية هي مسالة معروفة لكل الناس الآن، وقال: سيأتي يوم يتدخل فيه الناس وأن العبث لا يمضي ليوم الدين, ودعا إلى عدم الانجرار وراء الاستفزاز الذي سيدفع ثمنه الوطن والمواطن, ولا يستبعد الحديث عن المجاهدين لأغراض سياسية، والآن المجاهدون الموجودون في الميدان هم المستنفرون في الولايات في جنوب النيل الأزرق ودارفور وغرب كردفان، هؤلاء مستنفرون للأحوال الأمنية الموجودة بولاياتهم سادين خدمة (24) ساعة في مساعدة الجيش في الطواف الإداري والتأميني ولكن المجاهدين في الاستنفار الخاص غير موجود.
تحدٍّ حكومي
ويرى محمد الخاتم عبد المنعم حميدان (أمير المجاهدين) والمتحدث باسم قوات الدفاع الشعبي في غرب كردفان أن عدد المجاهدين في ولايته وحدها يبلغ 104 آلاف مجاهد. ويؤكد طبقاً لـ(الجزيرة نت) أن نحو ثمانية آلاف عنصر من هذه القوات قتلوا وتركوا وراءهم أيتاماً وأرامل وأسراً تحتاج للرعاية، فضلاً عن نحو 12 ألف مصاب، بينهم عدد كبير من ذوي الإعاقة الكلية، مما يضع تحدياً أمام الحكومة الجديدة.
نظرة خاطئة
ويحذر الأكاديمي والباحث عبد الرحمن الدقم بختان لنفس المصدر السابق من النظر إلى قوات الدفاع الشعبي في قطاع بحر العرب من زاوية أيديولوجية واعتبارهم إسلاميين منتمين للنظام السابق. ويقول بختان إن نواة القوات في هذا القطاع المتاخم لدولة جنوب السودان كانت بعد انهيار اتفاقية أديس أبابا عام 1972 بين حكومة الخرطوم ومتمردي (الأنانيا) بتشكيل قوات من قبائل التماس لحماية قطعان الماشية من سرقات المتمردين. ويوضح أنه إبان الحكم الديمقراطي السابق تعززت الحاجة لقوات القبائل لصد تمدد المتمردين الجنوبيين في حدود متسعة، وعندما جاء حكم البشير وجدها جاهزة وفضل احتواءها في الدفاع الشعبي لمساندة الجيش بدلاً من أن تكون تابعة للأنصار حزب الأمة. ويضيف أن من الخطأ تصنيف قوات الدفاع الشعبي في قطاع بحر العرب مليشيا إسلامية على غرار منسوبي الدفاع الشعبي من المؤسسات ذات الخلفية الأيديولوجية.