الإدارة الأهلية ليست بطاقة..!!
أيام الأزمة القبلية في الجنينة “دار أندوكة” التي أدت إلى استقالة السلطان سعد عبد الرحمن بحر الدين سلطان عموم المساليت، كتبت عموداً بهذه الزاوية بعنوان “قحت تسعى لتفكيك الإدارة الأهلية بالسودان”، وهذا المخطط مخطط شيوعي قديم منذ الثمانينيات وذكرت بالعمود السابق أن التدخل السافر في شأن الإدارة الأهلية والضغوط والتحريض وصناعة الفتنة كان السبب في دفع السلطان سعد بتقديم استقالته لدى العائلة الحاكمة وخاطب بالاستقالة الأسرة ولم يخاطب الحكم الاتحادي أو أي جهة أخرى مما يدل ويؤكد أن شأن الإدارة الأهلية شأن خاص بالأسرة المالكة، وهي التي تقرر من يكون سلطاناً أو أميراً أو ناظراً للقبيلة لأن السلطان بلدوه وما بسموه .
لم تمض أيام على مقالي السابق حتى صدر قرار من ديوان الحكم الاتحادي رقم “1” لسنة 2020م ممهور بتوقيع يوسف آدم الضي وزير ديوان الحكم الاتحادي الذي قضى بموجبه “إلغاء وجمع كافة البطاقات الصادرة من الحكم الاتحادي للإدارة الأهلية بجميع مسمياتها بكل ولايات السودان”، وهذا القرار بمثابة التطبيق الفعلي للمخطط الشيوعي ومخطط قحت لتفكيك الإدارة الأهلية بالسودان والتدخل بشأنها بالتعيين أو إحداث شرخ وسطها ووسط مكوناتها القبلية بالسودان. وهي خطة واضحة ولا تحتاج لنقاش أو مجادلة، وهذا يؤكد أيضاً تدخل قحت فيما حدث من أحداث بالجنينة ولاية غرب دارفور، التي أدت لاستقالة سلطان المساليت، ومن ثمّ التراجُع عن الاستقالة بعد ضغوط ورجاءات من العائلة المالكة للسلطنة وقد تراجع لستجابة لهم.
الإدارة الأهلية بكل ولايات السودان يا الحزب الشيوعي ويا قحت ويا وزارة الحكم الاتحادي ليست الإدارة بطاقة؟ ولم يسأل أي قبيلة من قبائل السودان رئيس إدارته بإثبات هويته عبر بطاقة الحكم الاتحادي، ربما هنا دور الوزارة فقط في تنظيم وتسهيل عمل الإدارة الأهلية وليس في التدخل ولا السيطرة عليها ولا التعيين لأن زعيم الإدارة الأهلية يكون منتخباً من قبيلته بالتسلسل الوراثي أباً عن جد وجد عن جد، فاشر السلطان تعني مجلس السلطان وسمي بهذا الاسم كناية لمقر سلطنة دارفور ورمزيته بالفاشر، وسلطان الفور هو علي دينار وورثه أبناؤه منذ استشهاده في العام 1916م إلى تاريخنا هذا ولم تتدخل أي حكومة من الحكومات في شأنها وشأن التعيين، ولم يأت هدندوي أو شايقي أو زغاوي أو دنقلاوي ليكون سلطاناً للفور بل أمر السلطة وراثة قبلية لا تستطيع أي حكومة التدخل في شأن الإدارة الأهلية. سلطان الزغاوة من فرتي انتقل لدوسة ثم بشارة دوسة ثم منصور دوسة وهكذا، نظاهرة البني هلبة من الناظر دبكة إلى آخر أبنائه الآن، وكذلك مادبو والمك نمر والناظر ترك بشرق السودان وبابو نمر بكردفان، وهكذا السلطان يكون من العائلة بالتسلل الوراثي من الأب للأبناء أو الأخ المباشر، ولا مجال للتدخل
حكومة “قحْــــت” الآن تريد التدخل في شأن الإدارة الأهلية بالتعيين، وتعتقد أنها مثلها مثل إدارة المواصلات تعين فيها محمد ضياء أو مدير عام تعين فيها ناشط سيداو، لا يا قحت ولا يا الشيوعي ولا يا وزارة الحكم الاتحادي انتو فاهمين غلط الإدارات الاهلية ليست مؤسسات التعيين ولا تتبع للحكومة الانتقالية، وليست مؤسسة من مؤسسات الدولة العميقة ليتم تفكيكها بل وراثة قبلية، ويتم داخل القبيلة وليس بالتعيين؟ من يخبر هؤلاء النشطاء ويعلمهم السياسة؟ فكل سياساتهم بالتخبط وعدم الدراسة وبالانتقام فإدارة الحكومة يا سادة ليست مثل إدارة صفحة في الفيس أو قروب في الواتساب، فالمسألة أكبر من كدا وفوق قدرتكم وطاقتكم على الاستيعاب والفهم، عليه ستظل الإدارة الأهلية كما كانت منذ العام ٥٦ وقبله تظل كياناً قبلياً يخص القبائل ولا مجال لتدخل الحكومات في شأنها، اسحبوا البطاقات منهم، ولكنني أعرف زعيم قبيلتي من دون بطاقة، ولم يحدث أن طالبت دوسة بإبراز بطاقته، ولم يحدث أن طالب الجعليون المك نمر بالإثبات ولم يطالب الفور من علي دينار إثبات هويته. قحت نكبة السودان، قحت جاءت لتدمير البلاد.