عودة الأوروبيين عبر بوابة كاودا
رافق السيد رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك عدد من المبعوثين الأوروبيين في زيارته إلى مدينة كاودا بولاية جنوب كردفان، التي وصفها رئيس الوزراء بأنها زيارة تاريخية ولا ندري ماذا يقصد السيد رئيس الوزراء بعبارة تاريخية… هل بالنسبة له لغيابه الطويل عن جنوب كردفان، أم بفعل فصل مدينة كاودا عن أجزاء السودان وجنوب كردفان بفعل فرض قوة قانون الغابة بعيداً عن قوة القانون والديمقراطية، وقد سبق في الواقع بعض الأوروبيين رئيس الوزراء إلى كاودا التي وصلها على رأس وفد وزاري كبير نقلته ثلاث طيارات، وهذا التطفل والتدخل من شياطين الأوروبيين والأمريكان أعاد إلى الأذهان ذكريات ومرارات جولات مفاوضات اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) عام 2005التى جرت أحداثها بضاحية نيفاشا بدولة كينيا ، و التى لم تحقق سلاما عادلا، ولم تحقق إستقرارا سياسياً فى السودان رغم إنفصال جنوب السودان فى 9 يوليو 2011م ، وإنما نقلت الحرب والصراع بصورة أشد وأعنف نحو شمال السودان خاصة في جنوب كردفان والنيل والأزرق ودارفور بعد أحداث النيل الأزرق 2010 وأحداث جنوب كردفان 2011 عندما انهارت الشراكة الهشة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية والتي على إثرها عزلت كاودا ومواطنيها عن أهلهم في جنوب كردفان وأهلهم في السودان بسياسة الأمر الواقع وفرض الحظر والقيود على الحركة من قبل الحركة الشعبية شمال وبتدبير ومساعدة من دولة جنوب السودان الجديدة، ورعاية ومؤامرة من الأوروبيين والأمريكان، هذه الذكريات والمواقف تعيد إلى الأذهان إستراتيجية العداء الأوروبي الأمريكي للسودان وتحركه كلما خطى السودان خطوات نحو السلام والاستقرار والوفاق الوطني بتحريك ملفات ظاهرها الإنسانية والتعاون وحقوق الإنسان، وباطنها السعي الجاد لزعزعة الأمن وجهود السلام في القارة الأفريقية وفي المناطق والدول المحورية مثل السودان، ولذلك نستشعر الخطر الآن مرة أخرى من خلال هذا الأهتمام الكبير الذي أبداه الاتحاد الأوروبي بزيارة مدينة صغيرة في جنوب كردفان كان هو أحد الجناة في تدهور الحياة الاجتماعية والإنسانية لسكانها المدنيين العزل، ولمواطني جنوب كردفان بصورة عامة بدعم توجهات غير قانونية وأخلاقية وغير إنسانية مورست على مواطني جنوب كردفان من أطراف الصراع راح ضحيتها الإنسان والحيوان والبيئة.
وعلى مركز الدولة في الخرطوم الآن، وخاصة القوات المسلحة السودانية والدعم السريع والأجهزة النظامية الأخرى إعادة قراءة الموقف الأمني للبلاد في إطار هذه التحركات الجديدة لشياطين الإنس وطريقة الحوار والتفاوض ومعالجة قضية السلام في البلاد وتجزئتها إلى مسارات التي تخلق تعقيداً جديداً وتؤجل الخطوات الجادة نحو تحقيق السلام العادل الشامل، وعلى الحكومة الانتقالية التوقف عند قضية مهام الفترة الانتقالية للحكومة التي ليس من مهامها القرار والتقرير فى القضايا الكبرى الكلية، مثل الدستور الدائم، وعلمانية الدولة، وإعطاء حق تقرير المصير لمن يطلبه من هوى شخصي لا تسنده إرادة شعبية وحاضنة اجتماعية.
وبقي أن نشير إلى أهمية تنبه أجهزة البلاد الأمنية والقوات المسلحة السودانية والدعم السريع لما يحاك ضد البلاد من انتشار الجواسيس ورجال المخابرات الأجنبية عبر واجهات عديدة، لكنها تلتقي عند أهدافها المعلنة والمكتومة ضد بلادنا عبر التفتيت والتقسيم وزراعة النزاعات، وإعادة إنتاج الأزمات والصراعات وهناك دول إقليمية تعمل ـ للأسف الشديد ـ بجانب هذه الجهات لخلق الفوضى عبر الاستقطاب الحاد، ولذلك لابد من الكشف عن النوايا الغامضة لنشاط الاتحاد الأوروبي هذه الأيام عبر ثغرة كاودا والتفطن إلى شراك نيفاشا التي نصبها الأمريكان والنرويجيون والبريطانيون وغيرهم للنظام السابق، ولا نريد أن نرى هلدا جونسون مرة أخرى في سماء كاودا.